"مفوضى الدولة" توصى بوقف استيراد "التوك توك" لحماية الأمن والنظام
أصدرت هيئة مفوضى الدولة بمجلس الدولة، تقريرا قضائيا أوصت فيه بإصدار حكم قضائى من محكمة القضاء الإدارى بإلزام الدولة بوقف استيراد التوك توك ومنع دخوله إلى مصر، وذلك على ضوء الدعوى القضائية التى أقامها المهندس حمدى الفخرانى عضو مجلس الشعب السابق بهذا الشأن.
وكان الفخرانى قد أشار فى دعواه إلى أن المواطنين فى مدينة المحلة الكبرى وغيرها، يتعرضون لجرائم سلب ونهب واغتصاب وسرقة عن طريق التوك توك ، والذى يتم استيراده وتحويله لوسيلة مواصلات لنقل المواطنين دون ترخيص من الجهات المسئولة وبدون لوحات تعريفية، مما أدى إلى تمكن البعض من ملاك تلك المركبة إلى استخدامها فى ارتكاب بعض الجرائم والهروب منها وعدم التوصل إلى معرفة الفاعل.
وجاء بالتقرير الذى أعده المستشار شادى حمدى الوكيل والذى تم رفعه إلى دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالى نائب رئيس مجلس الدولة – أن المركبة المسماة بـ التوك توك تلحق أضرارا عدة بالنظام العام، تتمثل فى الأمن العام والصحة والسكينة العامة، على نحو يخالف أحكام قوانين الجمارك والمرور والاستيراد والتصدير.
وأوضح التقرير أنه اتضح جليا استخدام تلك المركبة فى عمليات السرقة والنهب وترويع المواطنين، وعدم قدرة الجهات الأمنية على تتبعها لكونها غير مرخصة، أو لقدرة تلك المركبة على الهروب وسط الأزقة الضيقة، وعدم قدرة القائمين على تتبعها من الاستدلال على المركبة أو قائدها، بالإضافة إلى رعونة سائقيها وما يستتبع ذلك من حوادث وأضرار بالنفس والمال.
وأكد التقرير أن التوك توك يضر بالصحة العامة فى كون محركات تلك المركبات أما ثنائية الأشواط تعتمد فى تسييرها على وقود هو مزيج من الزيت والبنزين، والذى يؤدى إلى انبعاث عادم ضار يترتب على استنشاقه الإصابة بالأمراض، أو يعتمد محركها على أنواع من الوقود ضارة بالبيئة. فضلا عن أن تلك المركبة لا تمتثل إلى الحد الأدنى من اشتراطات الأمن والأمان ومعايير السلامة المنضبطة سواء لسائقها وركابها أو لمن حولهم، إذ أنها مركبة ذات ثلاث عجلات لا يتوفر فيها الاتزان الكامل كسيارات الركوب، ولا الاتزان المعتمد على قدرة توازن الإنسان كالدرجات النارية، كما أن هيكل التوك توك الخارجى هش، ومعظمه من مواد معاد تصنيعها، ولا يوجد بتلك المركبة أبواب تحمى من فيها، أو أحزمة أمان تحميهم من لقاء مصير مشئوم حال انقلاب المركبة أو اصطدامها.
وأضاف التقرير أن تلك المركبة تضر بالسكينة العامة، من خلال استعمال تلك المركبات فى الحارات والأزقة الضيقة، وما يستتبع ذلك من ضوضاء وتلوث سمعى وبصرى ناتج عن استعمال أبواق تلك المركبة، وتزويدها بمشغل أغانى أو راديو واستعمال مكبرات الصوت.
وذكر التقرير أن التوك توك انتشر كالسرطان فى الكثير من محافظات مصر، فى غفلة عن العامة من الناس وبإهمال أو تقصير من المسئولين عن البلاد والعباد، وتأصل استخدامه على طبقات من الشعب بغير علم أو دراية بأضراره على النفس والمال والبيئة المحيطة، لما يوفره التوك توك لتلك الطبقات من وسيلة انتقال زهيدة الثمن كثيفة الوجود سريعة الوصول، وزاد على ذلك تراجع دور الحكومات المختلفة فى توفير فرص عمل مناسبة، ووسائل مواصلات ملائمة، مما تفاقمت معه المشكلة، وما ترتب على ذلك من إضرار بالنظام العام ومخالفة للقانون واللوائح.
وأكد التقرير أنه كان يتعين على القائمين على الضبط الإدارى استخدام السلطات التى منحهم إياها القانون لوقف استيراد مثل تلك المركبات، ويكون تقصيرهم فى أداء هذا الواجب قرارا سلبيا مخالفا لأحكام القانون.
وأشار التقرير إلى أن القول بأن تلك المركبات وفرت فرص عمل للكثير من الأفراد وساهمت فى حل مشكلة البطالة وأضحت مصدر دخل للعديد من الأسر- مردود عليه بأن الأضرار المترتبة على تسيير تلك المركبات قد فاقت فوائدها، على النحو سالف البيان.
ومن ناحية أخرى، فإنه يتبين أن الكثير من سائقى تلك المركبات هم إما عمالة غير مشروعة أو عمالة غير منظمة، وذلك بكونهم إما صغارا فى السن قصر أخرجهم أباؤهم من المدارس ليقتاتوا من عرقهم، وما ترتب على ذلك من حرمان هؤلاء القصر من أعز الحقوق وأولها بالرعاية وهى حقهم فى التعليم والتمتع بطفولتهم، وإما أن تكون تلك العمالة غير مرخص بها من الجهات المسئولة عن التنظيم والإدارة.
وانتهى التقرير إلى أنه وإن كانت الحرية بكافة جوانبها بما فيها حرية الأفراد فى التعاملات التجارية هى من الحقوق المتأصلة فى الدستور والقانون، والتى تكفلها جمهورية مصر العربية وترعاها وتعمل على الرقى بها، باعتبار أن الأصل فى الأمور هى الإباحة.. غير أن حماية المواطنين وأمنهم وسلامتهم والمحافظة على النظام العام، تضحى أعلى مرتبة بعد أن شاع التعدى على النظام العام بكافة أركانه.
وأكد التقرير أن ملاك التوك توك وسائقيه تعمدوا مخالفة القوانين واللوائح المنظمة لتسيير تلك المركبات، ضاربين عرض الحائط بالقوانين المنظمة للمرور، ومتجاهلين اللوائح الحاكمة لترخيص مركباتهم وتسييرها، وعدم تمكن الجهات المنوط بها المحافظة على الأمن والنظام من ضبطهم، وخلو التشريعات المختلفة من رادع ومانع يحجمهم عما هم فيه ويحافظ على النظام العام والبيئة، ومن ثم فإن أمر منع استيراد تلك المركبات رعاية للنظام العام والبيئة يغدو على مدارج الأولوية والمنافع فى القمة منها، وهو ما يدعم عدم مشروعية القرار المطعون فيه السلبى بالامتناع عن إصدار قرار منع استيراد التوك توك على النحو سالف البيان.