تزامنا معها.. تعرف على قديسة الأمور المستحيلة

أقباط وكنائس

القديسة ريتا
القديسة ريتا

احتفلت الكنائيس الكاثوليكية  بعيد القديسة ريتا، حيث أقامت العديد من القداسات الإلهية على مستوى الكنيسة المصرية الكاثوليكية، يذكر أن البابا أوربانوس الثامن 1826 منحها لقب طوباوية وفي عام 1900 منحها قداسة البابا لآوين الثالث عشر لقب قديسة.

عن القديسة ريتا 

في قريـة روكّا بورينا- بالقرب من “كاشيا” وفي منطقة جبال Apennines بإيطاليا عاش والدا القديسة ريتا (أنطوان لوتـي وإيـميه فيـري) في تقوى وممارسة أعمال الخيـر ولم يكن لهما ذريـّة. وفيما كانت والدتها مستغرقة في صلاة حارة ظهر لها أحد الـملائكة وبشّرها بابنة سوف يـمنحها الرب الكثير من النعم السماويـة يوم أن تُـمنح سر العماد باسم “ريتا”، ولقد تم ذلك، ففي شهر مايو من عام 1381م ولدت ريتا وفي يوم العماد الذي تم بكنيسة القديسة مريم بالقريـة حيث أشرق وجه الطفلة بنور سماوي ساطع فلم يعد عند أحد من الشهود أي شك في أن لهذه الظاهرة العجيبة بالإضافة لذلك الاسم العجيب الذي أُعطِيَ للطفلة لهو دليل على كون هذه الـمولودة ممن اختارهم الرب ليكونوا شهودًا لـمجد اسمه القدوس.

واسم “ريتـا” جاء من الاسم اللاتيني “مارجريتـا” والذي يعني “اللؤلؤة”…وتبع ذلك حادث آخر غير عادي فلقد ذهبت والدتها ذات يوم لتعمل كعادتها، في الحقول فوضعت الطفلة تحت ظل شجرة ثم مضت لعملها ولدى عودتها كادت الأم تصعق من الذعر، حيث شاهدت مجموعة من النحل تدخل في فم، طفلتها ثم تخرج منه بصورة مستمرة فخافت الأم أن تأتي بحركة ما لطرد النحل فيزداد هياجه فتمهّلت، وهنا شاهدت منظرًا فريدًا إذ شاهدت أن النحل كان يدخل في هدوء ليدهن حلق الطفلة بالعسل ويخرج، كما دخل وكانت الطفلة تتذوق ذلك الرحيق في فرح، ولقد قيل إن أحد الفلاحين وكانت يده مصابـة مر بجوار الطفلـة وعندما شاهد النحل حاول أن يبعده بيده الـمصابـة وهنـا تـماثلت يده بالشفاء بطريقـة إعجازيـة.ولقد قيل أيضًا إن النحل الذي كان بقريـة “كاشيـا” ظلّ لأكثـر من 500عام، يأتـي لنفس الـمكان خاصـة في عيد القديسة ريتـا حتى إن أحد الباباوات في

القرن السابع عشر قد تأكد من ذلك واعتبـر هذا بـمثابـة إعلان إلهـي دائـم عن عظمـة تلك القديسة.

ولـم يكن بالقريـة أي مدرسة سوى ما تقدمـه الكنيسة في ذاك الوقت للأسر الفقيرة من تعاليم مسيحية بسيطة سواء عن طريق الاستماع أو الرسم أو التلوين لقصص الكتاب الـمقدس، وسيـر القديسين.

زواجها

ولـما كبرت ريتا ونـمت في الإيمان والمحبة وبلغت الخامسة عشرة من عمرها رغبت الالتحاق بالرهبنة، غير أن والديها عارضاها لأنها سندهما الوحيد في شيخوختهما وراحا يتوسلان بالدموع إليها لكي ترجع عن رغبتها فوقعت ريتا في حيرة شديدة ولكنها التجأت إلى الله وجثت أمام الصليب طالبة منه الحكمة فألهمها الرب بأن تطيع والديها فقامت ولسانها يردد مع السيد الـمسيح “لتكن مشيئتك لا مشيئتي”.

أما والداها فخوفا من أن تعدل عن فكرها قررا في الحال تزويجها واختارا لها عريسًا هو “بول فريناند مانسيني” وكان يعـمل عسكريـا في بلد يسودهـا الاضطرابات والحروب، وكانت ريتا في سن الثامنة عشر. ولم يكن اختيارهما موفقا لأن عريسها كان حاد الطبع ويثور عليها دائما بالشتائم والضرب العنيف وكانت تتحمل كل ذلك فى استسلام ملائكي وتصلي لله من أجله وتصلي دائـما للعذراء مريـم صلاة الـمسبحة الورديـة والتي أصبحت معروفـة في ذلك الوقت، وتمارس كثيرًا حياة التقشف الجسديـة والتضحيات والتي كانت منتشرة أيضًا بكثرة في تلك الفتـرة، حتى بعد وقت طويل أثـمرت صلاتها وأصبح زوجها خاضعا لله. ولقد رزقت منه بولدين هما جان جاك وبول ماري، ولكنهـما للأسف كانا قد ورثا عن أبيهما شراسة الطبع وكان قلب الأم يعاني من الآلام والهموم بسبب ميولهما الـمنحرفة علـمًا بأنهـا كانت تلجأ لكل الوسائل لكي يظل ولداها سائرين في خوف الله. ولقد قضت القديسة ريتا السنين الطوال في قلق متواصل لأجل خلاص ولديها، وذات يوم فوجئت بجثة زوجها بعد أن قتل وقد قيل إنـه قُتل بأيدي أعدائـه أو نتيجة خطأ وكان هذا نحو عام 1413، وأخذت تصلي من أجل خلاص نفسه وقد غَفَرت للقتلة ولكن ولديها أصرّا على الأخذ بالثأر والانتقـام، فأخذت تتوسل إليهما أن يتركا هذا الأمر فلم توفّق، فصرخت للرب أن يأخذهما إليه ولا يسمح لهما باقتراف هذه الجريـمة، ولم يـمض على ذلك أيـامُ حتى مرض ولداها وماتـا بعد أن تزودا بالأسرار الـمقدسة ولم يتمكنا من الأخذ بالثأر، وعلى أثر ذلك الانقلاب غير الـمنتظر وجدت القديسة ريتا نفسها وحيدة ولازمت منزلها تواصل صلاتها وحّن قلبها ثانيـة للالتحاق بالرهبنة ودخول الدير.

وكان بالقرب من “كاشيا” دير لراهبات القديس أغسطينوس، اشتهر في تلك الـمنطقة بكمال الحياة الرهبانية، فقصدته القديسة ريتا ولكن رُفِضَ طلبهُا لأن قانون الرهبنة يـمنع دخول الـمتزوجات أو الأرامل، ولكنها كررت طلبها هذا ثلاث مرات ولكن دون فائدة. فعادت إلى منزلها واعتكفت فيه عائشة في صلاتها وتأملاتها الـمتواصلة وكان إيمانها قويًا وثابتًا. وذات ليلة بينما كانت القديسة ريتا مستغرقة في صلاة حارة طالبة العون من شفعائها القديس يوحنا الـمعمدان والقديس أغسطينوس والقديس نقولا تولنـتـن، إذ بنور سماوي يملأ حجرتها فجأة وظهر لها القديسون الثلاثة طالبيـن منها أن تتبعهم.

رهبنتها

وفي الخارج كان الليل حالكًا ولأنهـا أسلـمت ذاتهـا للتدبيـر الإلهـي وتبعت مرشديها القديسين وهي لا تدري إلى أين ستذهب، وفجأة لـمحت الدير أمامها ورأت الباب يُفتح والرئيسة واقفة بداخله بتدبيـر إلهـي فقدّمها القديس أغسطينوس للرئيسة التي قبلتها في الحال، وفي سنة 1417 ارتدَت القديسة ريتا ثوب رهبنـة بنات القديس أغسطينوس وهي في الثانية والثلاثين من عمرها، ومنذ أن دخلت الدير حتى بدأت تـعيش قوانين الرهبنة بدقـة لا مثيل لها وتحيا حياة التعبد والخشوع وفي طاعة كاملة ومحبة متأنيـة. وذات يوم رأت الأم الرئيسة أن تفرض على الأخت ريتا بأن تسقي جذع شجرة ميت منذ زمن طويل يقع عند مدخل الدير، وكان على القديسة ريتا أن تقوم بهذا العـمل صباحًا ومساءً مهما كانت حالة الجو.