وزير الأوقاف يؤكد على مكانة السنة النبوية وحجيتها في التشريع الإسلامي

إسلاميات

بوابة الفجر

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على المكانة الرفيعة للسنة النبوية المشرفة وحجيتها في التشريع الإسلامي. وأوضح أن لا يجادل في عظيم منزلتها إلا جاحد أو معاند لا يعتد بقوله. 

كما أشار إلى أن أهل العلم أجمعوا على أن السنة النبوية المطهرة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم.

وأضاف الوزير أن هذا الاعتراف الجماعي بمكانة السنة أدى إلى عناية فائقة بها، تشمل حفظها وروايتها وتدوينها وتخريجها وشرحها واستنباط الأحكام منها، مما يبرز أهميتها الكبرى في التشريع الإسلامي وتطبيق الشريعة في مختلف جوانب الحياة.

 

وأضاف وزير الأوقاف في تصريحات، اليوم الجمعة: «غير أن وقوف بعض قاصري الفهم عند ظواهر النصوص دون فهم مقاصدها قد أدى إلى الجمود والانغلاق في كثير من القضايا، وهو ما يجعل الحديث عن الفهم المقاصدي للسنة النبوية أمرًا ضروريًّا وملحًّا لكسر دوائر الجمود والانغلاق والتحجر الفكري».


وتابع: «لا شك أن السنة النبوية المطهرة جاءت شارحة ومبينة ومتممة لبعض ما أجمل أو ورد من أحكام في القرآن الكريم، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»، ويقول سبحانه: «وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمًا»، ويقول سبحانه: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ»، ويقول سبحانه: «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا الله وَاعْلَمُوا أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»، وقال (عز وجل): «وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحِكْمَةِ إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا».


واستطرد: «وقد تحدث العلماء والفقهاء والأصوليون عن حجية السنة حديثًا مستفيضًا، يقول الإمام الشافعي (رحمه الله): وضع الله (عز وجل) رسولَه (صلى الله عليه وسلم) من دينه وفرضِه وكتابِه الموضعَ الذي أبان- جل ثناؤه- أنه جعله علَمًا لدِينه بما افترض من طاعته، وحرَّم من معصيته، وأبان من فضيلته بما قرن بالإيمان برسوله (صلى الله عليه وسلم) مع الإيمان به، فقال تبارك وتعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»، فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه تبعٌ له الإيمانَ بالله ورسوله، فلو آمن عبدبه ولم يؤمن برسوله لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدًا حتى يؤمن برسوله معه».

وأوضح: ويقول (رحمه الله): لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ النَّاسُ أَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ فِي أَنْ فَرَضَ الله (عَزَّ وَجَلَّ) اتِّبَاعَ أَمْرِ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتسليمَ لحكمه بأن الله (عز وجل) لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واحد.

وأفاد: ويقول ابن حزم (رحمه الله): في أيِّ قرآن وُجِد أن الظهر أربع ركعات، وأن المغرب ثلاث رَكَعَات، وأن الركوع على صفة كذا، والسجود على صفة كذا، وصفة القراءة فيها والسلام، وبيان ما يُجْتَنَب في الصوم، وبيان كيفية زكاة الذهب والفضة، والغنم والإبل والبقر، ومقدار الأعداد المأخوذ منها الزكاة، ومقدار الزكاة المأخوذة، وبيان أعمال الحج من وقت الوقوف بعرفة، وصفة الصلاة بها وبمزدلِفة، ورمي الجمار، وصفة الإحرام، وما يُجْتَنَب فيه، وقطع السارق، وصفة الرَّضاع المحرم، وما يحرم من المآكل، وَصِفَتَا الذبائح والضحايا، وأحكام الحدود، وصفة وقوع الطلاق، وأحكام البيوع، وبيان الربا، والأقضية والتداعي، والأيمان، والأحباس، والْعُمْرَى، والصدقات وسائر أنواع الفقه؟ وإنما في القرآن جُمَل لو تُركنا وإياها لم نَدْرِ كيف نعمل بها؟ وإنما المرجوع إليه في كل ذلك النقلُ عن النبي (صلى الله عليه وسلم).


وتابع: ويقول الشوكاني (رحمه الله): والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظَّ له في دين الإسلام، ويقول عبدالوهاب خلاف (رحمه الله): السنة إما أن تكون سنة مفصّلة ومفسِّرة لما جاء في القرآن مجملًا، أو مقيِّدة ما جاء فيه مطلقًا، أو مخصِّصَة ما جاء فيه عامًّا، فيكون هذا التفسير أو التقييد أو التخصيص الذي وردت به السنة تبيينا للمراد من الذي جاء في القرآن؛ لأن الله سبحانه منح رسوله حق التبيين لنصوص القرآن بقوله عز وجل: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ».

واستطرد: «ومن هذا: السنن التي فصلت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت؛ لأن القرآن أمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، ولم يفصِّل عدد ركعات الصلاة، ولا مقادير الزكاة، ولا مناسك الحج، والسنن العملية والقولية هي التي بَيَّنت هذا الإجمال؟ وكذلك قوله تعالى: «وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا»، والسنة هي التي بَيَّنَت صحيح البيع وفاسده، وأنواع الربا المحرم، والله حرم الميتة، والسنة هي التي بينت المراد منها ما عدا ميتة البحر وغير ذلك من السنن التي بينت المراد من مجمل القرآن الكريم ومطلقه وعامه، وتعتبر مكملة له وملحقة به».
واختتم الوزير: وتأسيسًا على كل ما سبق من نصوص القرآن الكريم وسنة الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأقوال أهل العلم، يتضح لنا إجماع أهل العلم على عظيم مكانة السنة النبوية، وعلى حجيتها شارحةً ومفسرةً ومبينةً ومفصلةً لما أجمل في القرآن الكريم، لا يجادل في ذلك إلا جاحدٌ أو معاندٌ، أو شخص لا حظَّ له في العلم، ولا يعتد برأيه عند أهل الاعتبار والنظر.