تنفيسة| «تكوين».. هل رضيتم بالله ربًا وبالإسلام دينًا؟

مقالات الرأي

محمد جاد الله
محمد جاد الله

​​​​​ يوم السبت الموافق الرابع من هذا الشهر القائم، انطلقت أعمال المؤتمر السنوي الأول لمؤسسة تكوين الفكر العربي تحت عنوان «خمسون عامًا على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟»، وذلك بالمتحف المصري الكبير، وبمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين العرب. 

إلا أنه مع انطلاق أولى جلسات المؤتمر وعلى مدار يومان هما الرابع والخامس من هذا الشهر، تحول اسم المؤسسة من «تكوين» إلى «تعتيم»، وذلك لِمَا آلت به هذه الجلسات من سقطات دينية وفكرية. 

 

كانت سببًا في انتشار موجة من الغليان على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع مرتاديه من تفعيل هاشتاج #اغلاق_مؤسسة_تكوين، ووصلت تداعيات الأمر إلى الشارع المصري، وقام مجموعة كبيرة من رجال القانون بتقديم بلاغ إلى النائب العام بشأن إغلاق هذه المؤسسة، بل وتحويل القائمين عليها للمُساءلة القانونية، وذلك لنشرها آراء وأفكار دينية مغلوطة ومتطرفة. والسؤال الآن، ماذا فعلت هذه المؤسسة لتشهد خلال مؤتمر انطلاقها كم هذه الانتقاضات والمعارضة؟ 

ببساطة شديدة حاولت هذه المؤسسة بفريقها التعرض للدين الإسلامي، بطريقة لا تمت للثقافة أو البحث العلمي الرصين بصلة، ولنا هنا أن نقول «ثقافة بلا وعي كالرأس بلا عقل»، فهي ثقافة فقاعية عقيمة الناتج. فجاءت محاولات هؤلاء من أشباه الباحثين والمفكرين، بشن حملة عدائية ضد الدين، بل والمساس بثواب العقيدة الإسلامية. 

فوجدنا أن أحد المؤسسين وهو الذي اثار ضجة عارمة ليست ببعيدة بإنكاره رحلة الإسراء والمعراج، ليعود هذا الشخص من جديد بإحداث ضجة أخرى تثبت مدى عقم فكره وجاهليته، بتشككه في صحة السنة النبوية الشريفة، وهناك آخر ممن يُنكر صحيح البخاري، كما أُثيرت مجموعة من التساؤلات منها، هل الخمر حرام؟ لماذا لا تتزوج الأنثى من أربعة؟ هل عمر بن الخطاب مسلم؟ هل القرآن الموجود في المصحف اليوم حقيقي؟ هل هناك أهمية لعبادة الله والإيمان به، وهل هو موجود من الأساس؟ وغيرها من السقطات والخزعبلات غير المنطقية بالمرة، فنحن أمام ترف فكري وسفسطة.

وقد تداعي إلى ذهني وانا أسمع هذه التساؤلات قول الزعيم مصطفى كامل – رحمة الله عليه – ولكن بتصرّف بسيط «لو لم أكن مُلحدًا لوددت أن أكون ملحدًا»، ليصبح هذا القول هو الشعار الرسمي لهذه المؤسسة، فإذا كان الهدف من وراء هذه التساؤلات هو إحداث ضجة دعائية، للفت الانتباه واستقطاب عددًا كبيرًا من الجمهور، فهذا بمثابة فعل إنسان اهوج حاول أن يسبح مع القروش، رغم معرفته بخطورة الأمر إلا أنه لازال يُكابر، حتى طالته هجمات القروش وأودت بحياته. نحن أمام كارثة بالمعنى الحرفي للكملة، فلا بد لمؤسسات الدولة أن تجتمع وتتكاتف لتقف سدًا منيعًا أمام هذا الانحراف الفكري والعقائدي، الذي بموجبه قد تتعرض أمتنا إلى نكبه دينية وأخلاقية، تمثل هذه المؤسسة الراعي الرسمي لها. 

ما فعلته هذه المؤسسة من تلاسن وأفكار مغلوطة غير مدروسة، هو جريمة مكتملة الأركان تمس عموم الناس، لأنها تحاول بهذه الصورة أن تتلاعب بالعقول، بل واغتصابها. فنحن بحاجه إلى ترسيخ وتقريب الدين من عقول الشباب، وسط ما يعيشوه من تشتت وانهيار القيم والمبادئ الأخلاقية القويمة، لا إلى ما يزعزع ويوتر الفهم بثواب الدين، هذا التشتت والانهيار الأخلاقي الذي أصبح نهجًا تنتهجه كثيرًا من دول الغرب في حربها. 

إن كان الهدف هو التنوير كما يدعون – إلا أن الأمر في حقيقته بعيد كل البعد عن التنوير، فهو تعتيم – فكان من الأولى إسناد مهمه البحث في الدين لأهله من ذوي الخبرة، من رجال الأزهر الشريف وغيرهم من المتخصصين في هذا الشأن، وأُكررها دومًا ولا كلمة إلا للمتخصص، هذا إن كان الهدف الرئيس لهذا الكيان الغامض هو المُباحثة، ولكن الظاهر في الأمر أن منهجهم هو «إعطاء من لا يملك، لمن لا يستحق»، فهؤلاء الأشخاص لديهم أجندة مفعمة بالأكاذيب والاعتقادات الواهية. وسؤالي الآن لهؤلاء، هل رضيتم بالله ربًا وبالإسلام دينًا؟ فمتى وجدت الإجابة، بطل ادعائهم، لأنه ببساطة شديدة ما بُنى على باطل فهو باطل.