اهداف سويف: يجب أن تتعلم مصر من أخطاء ثورتها

أخبار مصر

اهداف سويف: يجب أن
اهداف سويف: يجب أن تتعلم مصر من أخطاء ثورتها


نشرت صحيفة الجارديان مقالا للكاتبة اهداف سويف اوردت فيه انه بعد أيام قليلة متوترة من الذكرى الثالثة لثورتها ، كانت مصر تصوت للمرة الخامسة بصناديق الاقتراع . هذه المرة خرج 38 ٪ من الناخبين من أجل الاستفتاء على الدستور الجديد . صوت جميعهم تقريبا بنعم.

ولكن كان هناك غياب ل 31 مليون مصري - الذين تتراوح أعمارهم بين 18 الي 40 عاما بشكل واضح من طوابير الانتظار لوضع علامة في الدائرة الزرقاء . انهم يشكلون 60 ٪ من الناخبين ، ولكن يبدو أنها كانت نسبة أقل بكثير من نسبة المشاركة . كانت الحكومة المؤقتة والجنرال عبد الفتاح السيسي ،زعيمها غير الرسمي، مهتمة بما يكفي لمحاولة التحدث معهم من خلال دعوتهم إلى الحوار. ولكن لا يريد الشباب التحدث ، بل يريدون ادارة بلدهم و حياتهم بانفسهم . وصفت احدي المجموعات الوضع: هؤلاء المسنين يختارون حياتهم علي حساب مستقبلنا . و اشار الشباب الي سبب عدم مشاركتهم في الاستفتاء : لأننا جميعا في السجن ، لأننا نعد لثورة جديدة ، و لأن دستوركم غارق في الدماء .

تشهد البلاد استقطاب شديد. من جانب، هناك جنرالات الجيش ، المؤسسة الأمنية ، و الحكومة المؤقتة ، و البيروقراطية ، والسلطة و وسطاء المال من نظام مبارك وحزبه ، و الإسلاميين الذين انشقوا بعيدا عن جماعة الإخوان ، و تقريبا وسائل الإعلام بأكملها. كل هذا أمر طبيعي. الشيء المحطم للمعنويات هو التحول الواضح في السياسة الليبرالية القديمة ، النخبة القومية ، و الكتاب والفنانين و الشخصيات الثقافية التي لها تاريخ في النضال ضد مبارك ، الذين كانوا جزءا من الثورة في يناير ، و الذين يدعمون الآن الجنرالات بشكل لا لبس فيه – كانوا في السابق ضد الإخوان ، والآن ضد الثورة نفسها.

على الجانب الآخر ، هناك جماعة الاخوان المسلمين، و ما تبقى من التحالف من أجل الشرعية التي لا تزال تحمل بعض الجماعات الإسلامية . خلال عامها في السلطة، حاولت جماعة الإخوان التحالف مع جنرالات الجيش ، المؤسسة الأمنية ، و السلطة و وسطاء المال من نظام مبارك وحزبه ، لكنهم فشلوا.

قام الشعب بالثورة في يناير 2011. ثم انتظروا ان تستولي على السلطة ، و لكنها لم تفعل : بل استولي عليها المجلس الأعلى للقوات المسلحة. طوال عام 2011 ، حاول الناس الاعتقاد بأن جنرالات المجلس العسكري كانوا يعملون لمصالحهم - ولكن علموا في نهاية المطاف أنهم كانوا يحاولون إعادة صنع نظام مبارك . أجبروا المجلس العسكري على إجراء الانتخابات و اختاروا حكومة الإخوان المسلمين . و لكن سرعان ما أدركوا ايضا ان الإخوان يحاولون إعادة صنع نظام مبارك بغطاء ديني. فقرروا الخروج إلى الشوارع في يونيو الماضي للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، اظهر الجنرالات التعاطف و المساعدة و رسمت الطائرات القلوب في السماء. شعر الشعب بخيانة الإخوان ، فقرروا الاحتماء في أحضان المجلس العسكري .

حاول الإخوان كسب الشعب مرة أخرى بالقوة و قتل عدد منهم في اشتباكات في جميع أنحاء البلاد ، و بالتالي لم يهتم الناس عندما قتل الجنرالات المئات من أنصار الإخوان في أغسطس. الآن، تقنعنا وسائل الإعلام ان الشعب متمسك و سعيد بالجيش والحكومة. بالتأكيد ينتظر الناس الاستقرار والتحسن في حياتهم اليومية التي وعدوا بها وسط ضجة هائلة في حملة ضخمة للتصويت بنعم على الدستور .

بعيدا عن هذين الجانبين ، هناك الثوريين الذين يرفضون هذا الاستقطاب. يمكن تبسيط فكر هؤلاء الشباب علي النحو التالي: مصر تحتاج الي ادارة تمتاز بالشفافية و تخضع للمسائلة ، وينبغي أن تكون وسائل الإعلام حرة ، و لا يمكن أن يكون المجلس العسكري دولة داخل الدولة ، و صندوق الاقتراع هو عنصر واحد فقط في عملية الديمقراطية – و لا نمتلك اي عناصر اخري. رفض الشعب حكومة الإخوان ، ولكن فض اعتصام أنصارها في رابعة مجزرة. يجب أن يحاكم كل من شارك في قتل وتشويه المتظاهرين من كل فصيل على مدى السنوات الثلاث الماضية : الجيش والشرطة و الاسلاميين لان أيديهم جميعا ملطخة بالدماء. و لن يتحقق الاستقرار دون العدالة الانتقالية والتحرك بشكل واضح في اتجاه العدالة الاجتماعية.

يرغب كلا الجانبين في استمالة هؤلاء الثوريين أو تدميرهم . يوصفون بانهم طابور خامس و خلايا نائمة و عملاء مأجورين من قوى العدو ، و نشطاء يسعون للربح . تحاول الحكومة الانفتاح تجاههم في الوقت الذي تعتقلهم فيه بتهم كاذبة مثيرة للسخرية. يوبخهم الإخوان لعدم الانضمام لاحتجاجات الشوارع – متناسين انه عندما كانوا في السلطة، كانوا يعذبون نفس هؤلاء الناس و قتلوا أصدقائهم لاحتجاجهم .

و تختتم الكاتبة المقال بوصف ما لاقاه ثلاثة من النشطاء، علاء عبد الفتاح و شريف فرج و احمد مندور، من اعتقال و تعذيب، و تري انهم محظوظون، فهناك الاف غيرهم اموات. و تتسائل هل سنتعلم من أخطاء السنوات الثلاث الماضية ؟ هل سنكون قادرين ، في المرة القادمة ، علي وضع مصر على طريق العدالة الاجتماعية التي لا يمكن أن يتحقق الاستقرار بدونها ؟ أم تأقلمنا علي ان اي محاولة لن يكون هناك جدوي منها ؟ سيكون للجواب أهمية حقيقية.