ما حكم التلقين للمحتضر والميت؟

إسلاميات



تلقين المحتضر والميت ثَابِتٌ في السنة ولا شيء فيه، وعليه فيُسَنُّ لِلْمُسْلِم أَنْ يُلَقِّن أَخَاهُ المسلم أو أخته المسلمة عند الاحتضار وعقب الدفن، وهذا كله ينفعه إن شاء الله.

ويُسَنُّ أن يُلَقَّن المحتضر الشهادتين من غير أَمْرٍ له بهما، ومن غير إكثار أو ضغط؛ وذلك لتكون آخر كلامه، فيحصل ما وُعِد من البُشْرَى بدخول الجنة، وطرد الشياطين الذين يحضرونه؛ لإفساد عقيدته وتبديلها، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))... [أخرجه مسلم].

قال النووي في شرح الحديث: معناه مَنْ حضره الموت، والمراد: ذكِّرُوه لا إله إلا الله؛ لتكون آخر كلامه، كما في الحديث: ((مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ))... [أخرجه أبو داود في سننه (3118)، وذكره الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (1247)]، والأمر بهذا التلقين أمر ندب، وأجمع العلماء على هذا التلقين، وكرهوا الإكثار عليه والموالاة؛ لئلا يضجر بضيق حاله، وشِدَّة كربه، فيكره ذلك بقلبه، ويتكلَّم بما لا يليق.

وإذا مات المسلم ولم يُلقَّن الشهادة، فلا شيء في هذا، ولا يدلُّ هذا على أنه ليس من أهل الخير، فمن كان في حياته مستقيمًا على دين الله وشرعه، ومات على ذلك يُرْجَى له الخير، ويُظَنُّ به ذلك -إن شاء الله تعالى- وخصوصًا إذا كان مشهودًا له بالخير من قِبَل الجميع، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما مرَّت عليه جنازة وأثنى الناس عليها خيرًا قال: ((من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة)) [أخرجه مسلم].

وتلقين الميت عقب الدفن استحبَّه جماعة من الفقهاء، مستدلين بما رواه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنه قال: ((إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا -صلى الله عليه وسلم- أن نصنع بموتانا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات أحدٌ من إخوانكم فسوَّيتم التُّرَاب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون. فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه فيقول: انطلق بنا ما يقعدنا عند من لُقِّن حجته؟ فقال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمَّه، قال عليه الصلاة والسلام: ينسبه إلى أمه حواء، يا فلان ابن حواء)).