فى الذكرى الـ32 لتحريرها.. سيناء وجه "المعاناة".. حُررت من الصهاينة وتسلمها الإرهاب



سيناء، التي كتب تاريخ تحريرها، شباب رفضوا أن يكتب النصر لها سوا بالدم, حاربوا وتعسروا ولكن كانت العزيمة والإرادة هي سر نجاحهم في النهاية, كتبوا لمصر تاريخاً يخشي منه أي شخصاً أن يعتدي علي هذا الوطن العظيم, ولقنوا العدو الإسرائيلي درساً لن ينساه العالم أجمع, وكانت الوحدة العربية وقتها كلمة السر لنجاح المعركة.

وجاء اليوم الاحتفال بالذكري 32 من عيد تحريرسيناء, ولكن كان الاحتفال يشوبه بعض الحزن فكيف نحتفل بتحرير أرض تعبث بها أيادي الإرهاب, وتتخللها التنظيمات الإرهابية, هذا الآمر لا يقل خطورة عن العدو المحتل, بل يكون بمثابة الآمر الأصعب.. العدو دائما واضح صريح علي عكس هذه التنظيمات المتخفية في الجحور مثل الفئران, تشكل خطراً كبيراً علي المواطنين السلميين الذين لا يريدون سوى حق الحياة.

ولا نستطيع أن نغفل دور الجيش المصري في تحرير سيناء واستمرار دوره في أن يحد من المعتدين عليها, والمتمرسين في زعزعة الآمن بها وإرهاب الأمنين فيها وأقل تقديرا منا لهذا الجيش العظيم هو ذكر ملامح الملحمة العظيمة الذي انتصر فيها جيشنا العظيم علي العدو الصهيوني .

سيناء أرض الفيروز

تحتفل مصر في 25 أبريل من كل عام بعيد تحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلى فقد تم تحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلى فى عام 1982 واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988.

حررت مصر أرضها التي احتلت عام 1967 بكل وسائل النضال, من الكفاح المسلح بحرب الاستنزاف ثم بحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وكذلك بالعمل السياسي والدبلوماسى بدءا من المفاوضات الشاقة للفصل بين القوات عام 1974 وعام 1975، ومباحثات كامب ديفيد التي أفضت إلى إطار السلام فى الشرق الاوسط اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 تلاها توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979.


ملحمة النصر

بدأ الشعب المصرى ملحمة التحرير بالصمود لاحتواء آثار الصدمة عقب نكسة 67، ويعد الصمود أعظم مراحل المقاومة التى لم تخل أيضا من العمليات العسكرية المبكرة على المواقع الاسرائيلية فى نهاية يونيو 67، فكانت معركة رأس العش فى أول يوليو 67، التى قضت على محاولة إسرائيل لاحتلال مدينة بور فؤاد، وإغراق المدمرة إيلات فى أكتوبر 67 أمام بورسعيد ، وردود الفعل العالمية لهذا الحدث فى الاستراتيجيات البحرية.

وبدأت حرب الاستنزاف من مارس 69 إلى أغسطس 1971 وهى بكل المقاييس تجربة رائدة من تجارب المقاومة ضد الاحتلال، بعدها أعدت مصر مرحلة التخطيط والإعداد لمعركة المصير أعظم حروب التحرير فى العصر الحديث فى 6 أكتوبر 1973، وهى انتصار للعسكرية المصرية والعربية بصفة خاصة وللعسكرية فى العالم الثالث بصفة عامة.

وبعدها خاضت الدبلوماسية المصرية حربها التى لاتقل جسارة عن قتال الجبهة لتحرير سيناء ولم تيأس مصر أمام العناد الاسرائيلى حتى دفعت بالحكومة الاسرائيلية لقبول الانسحاب المحدد سلفا فى 25 أبريل 1982 وكانت تلك الفترة قد شهدت أصعب مفاوضات أجريت استغرقت ست سنوات من عام 73 إلى عام 79 وتم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والتى نصت على الانسحاب الاسرائيلى الكامل من سيناء حتى الحدود الدولية.

وبعد إتمام عملية الانسحاب الإسرائيلى من سيناء على ثلاث مراحل تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات وانتهت باستردادها ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس 89 لتكتمل مسيرة النضال من أجل تحرير سيناء.

وكانت سيناء الساحة الرئيسية للصراع العربى - الإسرائيلى وبالتحديد لأربع حروب متتالية بداية (1948 - 1956 - 1967 - 1973) إلا أن الدور الذى لعبته سيناء اختلف من حرب إلى أخرى.

فى الحرب العربية الاسرائيلية الأولى فى 15 مايو 1948 لم تكن أرض سيناء سوى معبر لقوات الجيش المصرى نحو أرض فلسطين بعد يوم واحد من إعلان الزعماء الإسرائيليين عن تأسيس دولتهم وفتح أراضيها أمام هجرة يهود العالم من كل الدول.

وفي 29 اكتوبر 1956 كانت سيناء مسرحا للعدوان الثلاثى (البريطانى والفرنسى والإسرائيلى) المشترك على الأراضى الفلسطينية عقب قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس ، وكانت هذه الحرب فرصة أمام إسرائيل لاحتلال قطاع غزة الذى كان خاضعا للسيادة المصرية.

وبعد توقف القتال بقرار من الأمم المتحدة اضطرت الدول الثلاث بعد أيام إلى الرحيل من الأراضى المصرية فى سيناء لكن إسرائيل رفضت الانسحاب من قطاع غزة حتى عام 1957 وذلك بعد أن وعدتها الولايات المتحدة بحل النزاع والابقاء على مضيق تيران مفتوحا.

وكان قرار الرئيس جمال عبد الناصر بإغلاق مضيق تيران وخروج قوات الأمم المتحدة من الأراضى المصرية من الأسباب التى اتخذتها إسرائيل مبررا لها لشن حرب 1967، واستمر الاحتلال ست سنوات إلى أن عبر الجيش المصرى قناة السويس 1973 ودمر خط بارليف وتم استرداد سيناء.

اليوم وبمرور 32 عاما على ذكرى تحريرها، لا زال أهالي سيناء يتجرعون آلام المعاناة، لكون أرض الفيروز ما زالت أرض محتلة، ليس من الكيان الصهيوني، ولكن من عدو آخر لا يختلف كثيرًا عنه إلا وهو الإرهاب.