السوق السوداء للعملة في خطر بسبب مساعدات دول خليجية وتزايد الثقة في الاقتصاد

الاقتصاد


أصبحت السوق السوداء للعملة في مصر مهددة من اتجاهين، فمن ناحية تبشر مساعدات متوقعة من دول خليجية غنية بالتخفيف من حدة نقص العملة الصعبة ومن ناحية أخرى يعمد البنك المركزي الذي تتزايد ثقته في الاقتصاد إلى تخفيض قيمة الجنيه تدريجيًا.

ومنذ انتفاضة عام 2011 وما تلاها من اضطرابات سياسية واقتصادية ظهرت فجوة كبيرة بين السعر الرسمي للجنيه المصري وسعره في السوق السوداء حيث تباع العملة سرا في متاجر وأزقة بعيدا عن أعين السلطات.

وترمز هذه الفجوة للضعف الاقتصادي الذي تعاني منه مصر وهي تكافح لجذب العملة الصعبة من الخارج.

لكن الجنيه المصري بدأ يرتفع مقابل الدولار في السوق السوداء وسط توقعات بين المتعاملين بتدفق مليارات الدولارات من الخليج.

من ناحية أخرى عمد البنك المركزي لتوجيه الجنيه للانخفاض في السوق الرسمية مقدرا فيما يبدو أن الاقتصاد قد استقر بدرجة تكفي لاتخاذ هذه الخطوة دون التسبب في إقبال خارج عن السيطرة على بيع العملة.

والنتيجة كما يقول متعاملون في السوق السوداء واقتصاديون في البنوك هي أن الفجوة بين السعرين قد تختفي قريبا ربما بنهاية العام بما تنتفي معه الحاجة للسوق السوداء.

وبلغ الهامش 2.7 %، اليوم الأربعاء انخفاضا من 4.7% في الأسبوع الماضي ومقارنة مع أكثر من 10 بالمئة في مطلع العام الماضي.

وقال تاجر حقائب في منطقة العتبة المزدحمة في القاهرة حيث يدير نشاطه السري في العملة لو في فلوس تاني جاية من الخليج مش هيبقى في حاجة اسمها السوق السوداء .

وقال سايمون وليامز، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط في بنك اتش.اس.بي.سي في دبي، إنه يظن أن السلطات المصرية تعتقد أن البلاد يمكنها الآن أن تدع الجنيه يتراجع في السوق الرسمية إلى مستويات تجتذب امدادات جديدة من الدولار.

وأضاف هذه علامة ثقة، فهم يعتقدون أن بوسعهم تخفيف قبضتهم الآن والعودة إلى النظام العادي .

ويبلغ السعر الرسمي للجنيه فيما بين البنوك 7.15 مقابل الدولار أي منخفضا نحو 15 %، عما كان عليه قرب نهاية عام 2012 عندما بدأ البنك المركزي تطبيق نظام مزادات لطرح الدولار بهدف تقنين استخدام العملة الصعبة وحماية الاحتياطيات.

لكن اقتصاديين يقدرون أن الطلب الشهري على الدولار في مصر أكثر بنحو نصف مليار دولار عن المبلغ الذي يطرح في السوق الرسمية، وظهرت السوق السوداء لتلبية هذا الطلب.

والآن ظهرت توقعات أن المساعدات والاستثمارات التي ستقدمها دول الخليج قد تؤدي إلى تحول كبير في التوازن بين العرض والطلب في السوق السوداء خاصة بعد أن دعا العاهل السعودي الملك عبد الله، يوم الثلاثاء، إلى عقد مؤتمر للدول المانحة لدعم مصر.

ولم يتضح حجم المبالغ التي قد تحصل عليها مصر أو توقيتاتها. لكن البيان السعودي كان بمثابة مؤشر جديدة على أن ثلاثة من أغنى دول العالم هي السعودية والإمارات والكويت ترى أهمية سياسية كبرى في تحقيق الاستقرار في مصر.

وكانت الحكومات الثلاث قد تعهدت بالفعل بتقديم مساعدات لا تقل عن 12 مليار دولار وقدمت بالفعل أغلبها منذ عزل الجيش المصري في يوليو تموز الماضي الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين التي تعتبرها الدول الخليجية من ألد خصومها.

ومن المحتمل أن تتدفق على مصر مبالغ مماثلة أو أكبر في الأشهر أو السنوات المقبلة مع سعي دول الخليج لدعم حليفها قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي الذي انتخب الاسبوع الماضي رئيسا لمصر. كما تعمل دول الخليج على تشجيع شركاتها الحكومية على القيام باستثمارات كبيرة في مصر في مجالات مختلفة من الإسكان إلى الطاقة.

وقال تاجر عملة آخر في السوق السوداء بالقاهرة طلب عدم الكشف عن اسمه خشية جذب اهتمام السلطات إليه التوقعات هي أن السيسي سيضبط البلاد ويجلب استثمارات .

وقال هو وآخرون إن سعر الجنيه في السوق السوداء الآن يبلغ نحو 7.35 مقابل الدولار بالمقارنة مع أكثر من 7.50 الأسبوع الماضي وما يقرب من ثمانية جنيهات للدولار خلال حكم مرسي.

ومادام الضعف يلازم صناعة السياحة والاقتصاد المصري عموما فمن المستبعد فيما يبدو أن تكفي أموال الخليج وحدها لتوفير الدولارات اللازمة لإغلاق السوق السوداء نهائيا.

فقد سجلت مصر عجزا تجاريا كبيرا بلغ 15.4 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى ديسمبر من العام الماضي كما تأثرت ايرادات السياحة بالمخاوف الأمنية وكاد فائض الخدمات أن يختفي.

وهنا يأتي دور سياسة البنك المركزي، فمنذ نهاية مارس عندما كان سعر الصرف الرسمي 6.97 جنيه للدولار اختار البنك المركزي أسعار العروض المقدمة في مزادات الدولار التي تعمل على دفع الجنيه للتراجع ببطء شديد.

وإذا اختفت السوق السوداء وأصبح البنك المركزي قادرا على انهاء نظام مزادات الدولار ليرجع إلى سوق حرة نسبيا يتوازن فيها العرض والطلب فسيكون ذلك إشارة ايجابية جدا للمستثمرين.