قيادي منشق بسبب "بديع": شباب الإخوان يطالبون بمحاكمة قياداتهم

أخبار مصر



أكد خالد الزعفراني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن مظاهرات الإخوان وصلت لمرحلة من الضعف ولم تعد تعبر عن تهديداتهم الإعلامية، وأن الجماعة في طريقها إلى نفض يديها من تحالف دعم الشرعية والجماعات المتطرفة.




أوضح خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، في حواره مع “العرب اللندنية” أن أعدادا كبيرة من أعضاء الجماعة غير مقتنعة بالقيادة الموجودة حاليا، فهي تؤمن بأنها ارتكبت أخطاء فادحة وهي من تجرهم من خطأ إلى آخر.

ويطالب هؤلاء بإصرار على محاكمة القيادات ولكنهم ينتظرون انتهاء ما يسمونه محنة الجماعة الحالية، والجزء الآخر من الأعضاء تصله التعليمات بالتظاهر، لكن يتهرب لعدم اقتناعهم بجدواه.

وأضاف القيادي المنشق عن الإخوان أن عددا كبيرا ممن يشاركون في مظاهرات الإخوان حاليا مأجورون والجماعة تدفع لهم مبالغ طائلة، كما أنهم بارعون في إقناع الشباب صغير السن. فأغلب من يتم القبض عليهم هم في مرحلة المراهقة، إما يدرسون في المدارس الثانوية أو الجامعات، لافتا إلى أن الإخوان يستغلون غضب أية فئة من السلطة ويبدأون باستقطابها، مثل الباعة الجائلين الساخطين من إجراءات الحكومة المصرية مؤخرا، بعد أن طلبت منهم إخلاء الشوارع والميادين.

ولدى سؤاله حول جدوى تظاهر الإخوان حاليا، قال الزعفراني إن الإخوان بدأوا في الرجوع إلى هدفهم الاستراتيجي الأسمى الذي يعيشون عليه منذ 80 عاما ألا وهو المحافظة على وجود الجماعة، موضحا أنها كانت منذ النشأة جماعة ضغط، “لا هي تقوى لتحكم ولا تضعف لتختفي”، لكنها عنصر موجود في كل المجتمعات العربية، بالذات في مصر كجماعة كبيرة ضاغطة، والآن الإخوان يريدون إثبات أنهم لازالوا موجودين.


وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن جماعة الإخوان المسلمين تحاول بشتى الطرق إرغام السلطة على التفاوض معهم، سبيلهم في ذلك المظاهرات لإثبات أنهم قادرون على خلخلة الأمن في البلد، والأهم من ذلك إقناع الغرب والولايات المتحدة الأميركية بأنه لا استقرار في مصر والشرق الأوسط، إلا بوجود الإخوان ومن ثم يضغطون على مصر لاستيعاب الجماعة.


وأشار الزعفراني إلى أن الإخوان ومنذ زمن اخترقوا بعض مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار في أوروبا والولايات المتحدة لدرجة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لديه اقتناع خاطئ بأن الإخوان معتدلون، وعندما يتم إشراكهم في الحكم ستنكسر شوكة الجماعات التكفيرية الأخرى، ويحاول تسويق هذا التصور لحلفائه الأوروبيين ضاربا المثل بتجربتهم في تونس والمغرب وهو يريد تطبيق ذلك في مصر، لكن الشعب والدولة يقفان له بالمرصاد.

وحذر الزعفراني من أن الإخوان عينهم على البرلمان القادم ويعتزمون المشاركة في الانتخابات، على أمل أن يكون لهم أعضاء مباشرين من الجماعة من الصفين الثاني والثالث، أو من خلال جبهة عريضة يستترون خلفها تضم بعض التيارات المدنية التي تحالفوا معها، مثل السياسي أيمن نور والناشط الحقوقي خالد علي والشاعر عبدالرحمن يوسف القرضاوي، وسيف عبدالفتاح المستشار السابق للرئيس المعزول محمد مرسى، أو تحديدا بـ “مجموعة بروكسل” و”مجموعة إعلان القاهرة”.

وقال إن الجماعة تخلت عن مبدأ أساسي كان يمثل لها كل المكاسب التي حصلت عليها خلال السنوات الماضية، سواء بدخول البرلمان أكثر من مرة أو السيطرة على النقابات، ألا وهو إدعاء أنها جماعة سلمية تدين أفكار العنف والتكفير بالدعوة والموعظة الحسنة وأنها ليست منعزلة عن الجماهير وتخدم الناس وليست منعزلة عن هموهم.

أشار الزعفراني إلى أن النقطة الفارقة في تاريخ الجماعة كانت تولي المجموعة القطبية مكتب الإرشاد عام 2009 وسيطرة تنظيم 65 المعروفين بتلامذة سيد قطب على الجماعة، واستطاع محمود عزت نائب المرشد الهارب أن يقصي كل رجال الدعوة والمعتدلين داخل الجماعة.

يشار إلى أن خالد الزعفراني انشق عن الجماعة بعد أن صرح محمد بديع مرشد الإخوان بعدم جواز انضمام أي عضو في الإخوان لحزب سياسي، وهو السبب الذي أورده الزعفراني عن انشقاقه، كما أن هناك فرقا بين خالد الزعفراني وابن عمه إبراهيم الزعفراني أحد القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في السبعينات بمحافظة الإسكندرية، وأول من شارك في إعادة تأسيس الجماعة الإسكندرية، الذي انشق عن الإخوان ثم عاد إليها مرة أخرى بقوة عقب ثورة 30 يونيو.

وتابع خالد الزعفراني، كانت الخطيئة الكبرى للإخوان تحالفهم مع الجماعات التكفيرية والجهادية، وفتح مصر على مصراعيها لهم، ثم ارتكبوا جريمة كبيرة في حق شباب الجماعة وغيروا العقل الجمعي لهم واستمعوا لخطاب محمد عبد المقصود وطارق الزمر وعاصم عبدالماجد وصفوت حجازي، رغم أن قيادات الجماعة كانت لسنوات تقول إن منهجها غير صحيح، فكرا وعقيدة، لكنها سمحت لهم بأن يؤثروا على عقول الشباب، وبالتالي أصبح فكر شباب الإخوان نفسه مشوشا.

وأكد أن قيادات الجماعة بعد عزل مرسي لم يستطيعوا السيطرة على عقول الشباب ووصلوا بهم إلى وهْم أن سيدنا جبريل نزل في رابعة، ومرسي صلى بالنبي عليه السلام، واختلطوا بجماعات التكفير، والجماعة الإسلامية وجماعات العنف في المظاهرات والاحتجاجات، ومن ثم خسرت الجماعة خلال العام الماضي خسارة كبيرة جدا وانعزلت عن الشارع وبُنيانها أصبح به خلط في الأفكار وأصبحت مشكلتهم الكبرى مع شعب بأكمله.

وأوضح الزعفراني، وهو مؤرخ للجماعات الإسلامية، أن فكر التكفير والعنف الموجود في مصر أساسه سيد قطب، والإخوان كانوا يتبرأون من هذا الفكر في السبعينات والثمانينات، لكن القيادة الحالية وإن لم تعتنق نفس فكر جماعات التكفير والعنف الأخرى، لكنها قريبة منها وهناك خطوط تماس معها ومن ثم بعد الثورة فتحوا الباب للجماعات الجهادية للاستيطان في مصر وتحديدا في سيناء، واتبعوا استراتيجية أن العناصر المسلحة ممن يتبعون الفكر الإسلامي، قريبون منا ويمكن أن نسيطر عليهم بالمال ونستخدمهم في تحقيق أهداف الجماعة، وأغدق خيرت الشاطر، نائب المرشد المحبوس حاليا، عليهم بالملايين وأعادهم للحياة مرة أخرى، بعد أن تلاشوا أيام مبارك ووطنهم في سيناء، وجرى العفو عن قياداتهم ثم وقع تمويلهم بالسلاح من ليبيا وغزة.

قال الزعفراني إنه سمع بأذنه قيادي إخواني يقول إن الجماعة أخطأت عندما كانت تدين الجماعات التكفيرية، لأن العنف لابد من الاحتياج له وفي أوقات لابد منه، وأوضح أن قناعة الإخوان بإمكانية استخدام الجماعات التكفيرية في السيطرة على الداخل تزايدت بعدما هددوا المجلس العسكري بإحراق البلد، إذا لم يتم الإعلان عن فوز مرسي في انتخابات الرئاسة السابقة وخضوع المشير حسين طنطاوي وسامى عنان لهم رغم قناعتهم بأن الفريق أحمد شفيق هو الفائز، كما أنهم استخدموا الجماعات الجهادية لإقناع أميركا والغرب، أنهم قادرون على السيطرة على هذه الجماعات وترويضها، وطالبوهم بعدم إدانة أو شجب اتصال الإخوان بهم.



وأوضح أن دعوة مرسي لكبار قادة الجماعات الجهادية والتكفيرية إلى مؤتمر دعم سوريا وجلوسهم إلى جوار الرئيس كانت اعترافا رسميا من الإخوان بفتح جسور التواصل مع أشد الجماعات التكفيرية المتطرفة، ومن ثم هذه الجماعات بدأت برد الجميل للإخوان بعد 30 يونيو.

وحول علاقة الإخوان بالغرب وأميركا قال “الزعفراني”، إن عددا كبيرا من عناصر الإخوان الدارسين في أوروبا أيقن أهمية اعتماد الدول الغربية على مراكز الأبحاث في دعم واتخاذ القرار، فتغلغل بعضهم في مراكز الأبحاث في وقت كان الجميع يهرب من التعامل معها، حتى وصلوا لمرحلة أن البيت الأبيض كان به مساعدين لأوباما من الإخوان وكذلك في بريطانيا وألمانيا.

وتابع، “عندما تأكدت جماعة الإخوان أن الإدارة الأميركية والغرب يدعمون الحكومات الاستبدادية في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، من أجل تحقيق مصالحهم، بدأت في إقناعهم بقدرتها على تحقيق مصالحهم وما يريدون، لأن هؤلاء الحكام، الأرض مهتزة من تحت أرجلهم وليست لهم شعبية وهناك فجوات كبيرة بينهم وشعوبهم، ونحن نمتلك الشارع فكانت صفقة متبادلة، الإخوان يصلون إلى الحكم للمساعدة في تنفيذ مخططات التقسيمات حتى جاءت ثورة 30 يونيو لتفسد مخططات هذا الحلف الشيطاني.


ردا على سؤال حول مستقبل تحالف دعم الشرعية، قال الزعفراني هذا التحالف في الحقيقة ليس سوى غطاء للجماعة وقوة الإخوان تشكل 95 بالمئة منه وباقي الأحزاب الموجودة به، ما عدا البناء والتنمية، هشة ولا وجود لها في الشارع، وحزب البناء عازم على الخروج من التحالف ويريد التصالح مع الدولة ويطمح في الحصول على مقاعد في البرلمان القادم، لكن الجماعة الإسلامية تلعب استراتيجية أنها مع الإخوان لتسيطر على أفرادها من ناحية، ولا تشارك في التظاهرات حتى تحسن موقفها مع الحكومة والأمن.

أضاف الزعفراني، أن الإخوان أنشأت تحالف دعم الشرعية لاستخدامه كبوق إعلامي موجه للغرب، لتصدير أن هناك جبهات عديدة تعارض الحكم، لافتا إلى أن كل التفجيرات والمظاهرات التي تنظمها الجماعة بما فيها مظاهرات 3 يوليو الأخيرة تهدف إلى توصيل رسالة للغرب مفادها أن عليه أن يتدخل ويضغط على الحكومة لإشراكهم في الحياة السياسية.

وحول رؤيته لحظوظ التيار الإسلامي في مصر في المستقبل قال الزعفراني، في البداية لم يعد هناك شيء اسمه التيار الإسلامي في مصر، الواقع يؤكد ذلك لأن حزب النور في طريق والإخوان يجدون في النور ألد أعدائهم أكثر حتى من الشيوعيين والناصريين والليبراليين، والجماعة الإسلامية بينها صراع تاريخي مع الإخوان، لكـن الجميع يخطط لدخــول البــرلمان القـادم.

وأكد الزعفراني أن النور قد يحصد عددا من المقاعد إذا ترشحت وجوه الحزب الوطني ورموز الفساد، وهذا متوقع، وقال، إذا لم تنتبه الدولة والجهات المعنية وترشحت الوجوه القديمة فسيكون هناك تصويت عقابي يستفيد منه الإخوان والسلفيون، مشيرا إلى أنه يعلم أن الأسماء التي سيرشحها حزب النور، عند مقارنتها بالمعروضة في تحالف عمرو موسى أو مصر بلدي أو الوفد، سوف تحظى بثقة رجل الشارع، لأن سمعتهم ليست ملوثة، مؤكدا على أن حزب النور سيرشح كوادر غير سلفية أو إسلامية وهذا توجه جديد داخل الحزب.

وأكد أن قيادات الجماعة لا تسيطر على الشباب الآن، وهم يعلقون آمالا كبيرة على الغرب، لكن موقف السعودية والإمارات الحاد والصارم ضدهم يعرقل خطواتهم مع الغرب وخصوصا أميركا.