جون بريسكوت : إسرائيل تلعب دور القاضي وهيئة المحلفين ومنفذ الإعدام

عربي ودولي



نشرت صحيفة الديلي ميرور البريطانية مقالا للورد جون بريسكوت، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، حول حرب غزة المشتعلة.

واستهل بريسكوت بالقول تخيل أن ثمة دولة متورطة في قتل نحو ثلاثة أمثال عدد مفقودي مأساة الطائرة الماليزية (إم إتش 17 ) في أقل من ثلاثة أسابيع .

دولة نسفت مستشفى، وقصفت من زوارقها الحربية أطفالا يلعبون الكرة على الشاطئ وقتلتهم، دولة متورطة في قتل نحو ألف شخص بينهم 165 طفلا على الأقل، في أسبوعين اثنين فقط بكل تأكيد مثل هذه الدولة كانت تستحق لقب دولة منبوذة مارقة تستحق الإدانة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ولاشك أن أصوات الدعوات بتغيير النظام كانت ستكون عالية جدا لدرجة تصم الآذان، لكن صيحات الاحتجاج هذه تم إخراسها، كما تراجعت حدة أصوات الإدانة؛ فالدولة التي نتحدث عنها هي: إسرائيل .

وقال بريسكوت ، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد بنيامين نتنياهو يقدم الأعذار ذاتها : مسلحو حماس في غزة هم مَن أطلقوا صواريخهم أولا، إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، إنها تحتاج إلى حماية مواطنيها، وهو محق في أعذاره الثلاثة – لكن كما هي العادة مع إسرائيل، ليست هذه هي كل الحكاية العمل العسكري الذي من المفترض أن يستهدف حماس غير متكافئ على نحو غاية في الفجاجة كما أنه لا يميز بشكل صارخ يستحيل معه عدم رؤية أفعال إسرائيل بوصفها جرائم حرب .

وأضاف هؤلاء المتعايشون في غزة محجوزون كما لو كانوا سجناء خلف حوائط وأسيجة، غير مستطيعين الفرار من التفجيرات، والحصار الاقتصادي الإسرائيلي أجبر الفلسطينيين على الفقر، نظام قبة إسرائيل الحديدية يعترض بسهولة الصواريخ القادمة من غزة، ثلاثة مواطنين إسرائيليين لقوا حتفهم من هذه الصواريخ البدائية، و32 جنديا قتلوا في اشتباكات مع حماس، فلنقارن هذا المُعدّل مع نظيره في غزة، فمن بين نحو ألف قتيل، ثمة نسبة تتجاوز 80 بالمئة هم من المدنيين، معظمهم نساء وأطفال، ولكن مَن يدّعي أن نسبة الـ 20 بالمئة الأخرى غير أبرياء أيضا؟ إسرائيل تحكم عليهم بأنهم إرهابيون لكنها بذلك تلعب دور القاضي وهيئة المحلفين ومنفذ الإعدام في معسكر اعتقال هو: قطاع غزة .

وتابع اللورد البريطاني بالقول إن إسرائيل تُهين القانون الدولي باستمرارها في بناء مستوطنات يهودية غير قانونية. لماذا؟ لأنها تعلم أن بإمكانها الإفلات من العقاب، إن ما حدث للشعب اليهودي على أيدي النازيين هو أمر مروع، لكن هل يمكن أن تمنح هذه الفظائع للإسرائيليين امتيازا يجعل المرء دائم التعاطف معهم باعتبارهم ضحايا الحي اليهودي .

ومضى بريسكوت : يقول نتنياهو إن القوات الإسرائيلية تهاتف مدنيي غزة محذرة إياهم بضرورة الخروج من منازلهم قبل قصفها بالصواريخ، كما أن هذه القوات لا يفُتها أن ترسل قذائف صغيرة طلائعية تنذر بقدوم قصف كبير، لكن إلى أين يمكن لهؤلاء الناس أن يهربوا؟ إنهم محاصرون في قطاع ضيق محشو بالسكان يحدّه البحر وليس ثمّ وسيلة للهرب، وإذا كانت إسرائيل تنسف المستشفيات وحتى مدارس الأمم المتحدة التي باتت تستعمل كملاجئ تنسفها إسرائيل، فأي مكان بالتحديد يمكن اعتباره ملاذا آمنا للهروب إليه؟ .

واستطرد صاحب المقال: إن حماس مخطئة في استمرار قصفها للصواريخ ويجب أن تعترف بحق إسرائيل في الوجود»، ولكن كما قال بعضهم مؤخرا: «لو أنك خنقت أناسا، وحرمتهم من المؤن الحياتية على مدى سنوات، فإن رد الفعل المتطرف هو أمر حتمي .

ورأى أن الهجمات الإسرائيلية لن تحل هذا النزاع، إنها لن تؤدي إلا إلى خلق جيل فلسطيني آخر مملوء بالكراهية ومصمم على النضال ضد الظلم والاحتلال .

وعن الموقف الغربي قال بريسكوت ، إنه بينما يجري كل ذلك، فإننا في الغرب نقف متفرجين راجين التوصل لهدنة، لكن على الأقل استطاع إد ميليباند إدانة الاجتياح الإسرائيل بينما كاميرون ظل متشبثا بموقف الحياد، هذه خطوة قيادية صائبة من إد؛ يجب علينا أن نجبر إسرائيل على إنهاء الحصار المفروض على غزة لضمان وصول المساعدات الإنسانية ومواد البناء بحُريّة تامة من دون معوقات، يجب أن نعمل على تجميد النمو الاستيطاني غير القانوني حتى يتسنى للمحادثات أن تبدأ، يتعين علينا دعم العمل التدريجي لإنهاء احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية في إطار زمني معقول .

وقال بريسكوت ، إنه يتعين على الاتحاد الأوربي الاضطلاع بدور أكبر في دعم الوساطة والدفع لتوقيع عقوبات على الطرف غير المُمْتثل، إن غياب حلّ الدولتين هو بمثابة تقرُّح مستمر لا يزال يلهب عاطفة ليس الفلسطينيين والمسلمين وحدهم، وإنما كل البشر الشرفاء والمنصفين حول العالم .

واختتم اللورد بريسكوت ، بالقول لا يمكننا أن نظل شهودا صامتين على تلك المجزرة دقيقة أخرى، يجب أن يُجبر العالم إسرائيل وحماس على الخروج من هذه الحلقة المفرغة للموت .