مى سمير تكتب : نهاية أولاد أسوأ 15 ديكتاتورًا فى العالم

مقالات الرأي



■ جمال مبارك يتلقى أرباح استثماراته حتى الآن من جزيرة «فيرجين» البريطانية

■ حفيدة موسولينى تقترب من رئاسة حكومة إيطاليا


أن تكون ابناً أو ابنة لديكتاتور فإن هذا الأمر يشكل عبئًا من الصعب احتماله وتوابعه، فأبناء الديكتاتور نادرا ما ينتهى بهم الأمر إلى التمتع بالثروة، السلطة أو الشهرة التى تمتع بها والدهم، والبعض منهم يفقد حياته بسبب استبداد وفساد والده حتى احتمالية أن ترث الديكتاتورية عن والدك لن تسفر عن نهاية سعيدة، كما اكتشف بشار الأسد فى سوريا وبابى دوك فى تاهيتى. باختصار تجلب الديكتاتورية التعاسة على الجميع بمن فى ذلك عائلة الديكتاتور نفسه. بهذه المقدمة افتتح الكاتب الأمريكى جون فلورى كتابه الصادر حديثًا عن دار نشر «ابسلويت كاريم» الذى يحمل عنوان «أبناء الشر: ماذا حدث لأبناء أسوأ 15 رئيسًا فى تاريخ العالم».

خصص الكتاب الفصل الثانى من أجل علاء وجمال مبارك ابنى الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك. حمل الفصل عنوان (الثراء من الديكتاتورية: جمال وعلاء مبارك). وأشار الكاتب الأمريكى فى بداية هذا الفصل إلى أن التمتع بأب ديكتاتور هو وسيلة عظيمة للتمتع بالثراء، كما أنه وسيلة عظيمة من أجل دخول السجن كما اكتشف فى نهاية الأمر جمال أو جيمى الابن الأصغر والذى كان من المتوقع أن يخلف والده فى حكم مصر. بحسب الكاتب الأمريكى فإن النموذج المصرى هو دليل على أن فوائد الديكتاتورية تنتهى بنهاية الديكتاتورية، فقد اكتشف جمال مبارك أن الثورة يمكن أن تهدم كل خططك المستقبلية، وأن الاعتماد على استمرارية نظام والدك ليس هو الأسلوب الأمثل من أجل الحفاظ على الثروة حتى ولو كنت تملك مليارات الدولارات التى سرقت من المال العام.

تحت عنوان (مشوار عملى غير معتاد)، كتب جون فلورى أن جمال مبارك خاض طريقًا مهنيًا مختلفًا عن غيره من أبناء الحكام المستبدين، فقد كان يعمل فى قطاع البنوك، وهو المجال المناسب لشخص لديه مليارات الدولارات التى يريد إخفاءها. عمل جمال فى بنك «أوف أمريكا» قبل أن يؤسس شركة «مادين فست» وهى صندوق أسهم خاص، ويضيف الكاتب أن التفكير المنطقى يشير إلى أن جمال كان يدير برنامجًا لغسيل الأموال، فى نفس الإطار يرى جون فلورى أن توريث الحكم لجمال مبارك لم يكن مؤكدًا، وأن لدرجة ما، كان الأمر يبدو أن جمال مهتم أكثر بامتصاص الأموال لخارج مصر والعمل على إخفائها من الحكومة المقبلة، ويمتد الكاتب فى شرح نظريته مشيرا إلى اعتقاده بأن جمعية «جيل المستقبل» التى أسسها جمال والتى من المفترض أن توفر فرصًا للتدريب والتوظيف، لم تكن سوى برنامج آخر لغسيل الأموال.

وتحت عنوان (تجميد أصوله) يشير الكاتب إلى أنه على الرغم من تجميد أغلب أمواله بعد سقوط نظام والده فى 2011، إلا أن جمال لايزال رجلاً شديد الثراء حيث يحصل على أنهار من الأموال النقدية من مصادر محل شك. ويشير الكاتب الأمريكى إلى تقرير لجريدة الجارديان حول تلقى جمال لمبلغ 800 ألف دولار سنويا من صندوق فى جزر فيرجين البريطانية، وهو الأمر الذى شكل فضيحة حيث من المفترض أنه تم تجميد كل أموال عائلة مبارك بعد سقوط نظامه. ويعتقد الكاتب أن هذا الصندوق ما هو إلا قمة جبل الجليد الذى يطفو على السطح بينما يختفى الجزء الأكبر فى الأعماق.

يرى الكاتب أن جمال مبارك نظم واحدة من أكبر السرقات فى التاريخ. خلال التسعينيات والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أدار جمال عمليات الخصخصة حيث تم بيع الشركات التى تملكها الدولة لجمال والمقربين منه. وعندما سقط نظام مبارك قامت سويسرا بمفردها بتجميد 772 مليون دولار من الأموال المصرية، ومن غير المعلوم كم يبلغ نصيب جمال وشقيقه علاء من هذه الأموال.

وتحت عنوان (الفساد لا يعرف أى حدود) يشير الكاتب الأمريكى إلى أنه على الرغم من الخلاف بين جمال وعلاء رجل الأعمال الحريص على البقاء بعيدا عن الأضواء، حيث يعتبر الأخير أن فساد شقيقه الأصغر هو سبب سقوط العائلة إلا أن هناك الكثير من الأمور المشتركة التى تجمع بين الاثنين، فكليهما يواجه تهمًا فى قضايا فساد، وعلى الرغم من هذه التهم والمحاكمات إلا أن الشىء الوحيد المؤكد أن كليهما يملك ثروة كبيرة سوف تمكنه من العيش فى ثراء طوال حياته.

وعن المستقبل المنتظر لكل من علاء وجمال فى حالة خروجهما من السجن، فإن الكاتب الأمريكى يرى أن جمال مبارك من الممكن أن يسير على خطى جونيور ابن الديكتاتور الفلبينى فرديناند ماركوس ويخوض من جديد العمل السياسى ويستخدم أموال العائلة من أجل تمويل حملة انتخابات رئاسية.

اختار الكاتب الأمريكى جون فلورى أن يفتتح كتابه عن أبناء الحكام المستبدين بالحديث عن أبناء الديكتاتور الايطالى الفاشى موسولينى الذى أنجب ستة أطفال من زوجتين ولكنه على العكس من أغلب الحكام المستبدين لم يكن يعامل أبناءه بشكل جيد.

جمع موسولينى بين زوجتين فى نفس الوقت أثناء الحرب العالمية الثانية، إيدا داسلير وراشيل جيدى. راشيل كانت عشيقته منذ 1910، أما إيدا فقد كانت زوجته الرسمية منذ 1914 وبعد عام من هذه الزيجة قرر موسولينى الزواج من عشيقته رسيما على الرغم من عدم تطليقه لزوجته الأولى.

تخلى موسولينى عن زوجته الأولى، ، وعندما وصل للحكم فى 1922 أرسل عساكره لتدمير كل الوثائق المتعلقة بهذه الزيجة، لكى يحافظ على صورته أمام الكنيسة الإيطالية الذى كان يحتاج لدعمها من أجل توطيد أركان حكمه. ولإخفاء معالم هذه الزيجة تم وضع إيدا فى مصحة عقلية إلى أن فارقت الحياة فى 1937، أما بينتو ابنها الوحيد من موسولينى فقد تم خطفه ووضعه هو الآخر فى مصحة عقلية إلى أن فارق الحياة فى عام 1942، بعد سنوات من التعذيب.

إلى جانب هذه العائلة التى حاول موسولينى إبعادها عن الأنظار، كانت هناك عائلة رسمية، حيث كان أبناء راشيل أكثر حظا من بينتو. لقد تزوجت ابنته أدا من الكونت تسانو الذى كان يعد واحدًا من أثرى أثرياء إيطاليا، بينما عاش باقى الأبناء فى حياة من رفاهية والثراء فى روما. بعد انتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية ثم مقتل موسولينى مع عشيقته كلار بعد هروبهما، حرص أبناء موسولينى على البقاء بعيدا عن الأنظار، باستثناء رومانو الذى اكتسب شهرة بعد زواجه من آنا ماريا فيلانى الشقيقة الصغرى للنجمة السينمائية صوفيا لورين. بعد زواج استمر لمدة عامين انفصل رومانو عن زوجته التى انجب منها ابنته اليساندرا والتى أصبحت فيما بعد لاعبة فى المسرح السياسى الإيطالى. قبل دخول عالم السياسة عملت اليساندرا موسولينى كعارضة أزياء، وظهرت على صفحات مجلة بلاى بوى الإيطالية. وفى الثمانينيات احترفت لفترة الغناء والتمثيل ولكن مشوارها الفنى انتهى سريعا بسبب اعتراض المنتجين على اسم موسولينى. فى عام 1992 دخلت معترك السياسة، ونجحت فى الفوز بمقعد فى البرلمان، وبعد عام 2002 أسست حزبها الخاص (العمل الاجتماعى) ونجحت كممثلة له فى الفوز فى انتخابات البرلمان الأوروبى. ولا تزال أليساندرا عضوة فى البرلمان الإيطالى مع احتمال أن تكون رئيساً لحكومة فى المستقبل فى ظل تمتعها بطموح سياسى كبير لا حدود له.

كما تعرض الكتاب لأبناء الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى الذى تم خلعه من الحكم ضمن ثورات الربيع العربى. ويشير الكتاب إلى أن معتصم القذافى كان الوريث المحتمل لوالده، ولكن على العكس من القذافى الذى اعتاد ارتداء ملابس مثيرة للسخرية كان معتصم يفضل البدل الإيطالية مما جعله أقرب لصورة البطل الشرير فى أفلام الجاسوسية. يشير الكتاب إلى أن معتصم الذى احتل منصب مستشار الأمن القومى، استغل منصبه من أجل سرقة 1. 2 مليار دولار من شركة بترول ليبيا الوطنية، وقد استخدم هذه الأموال من أجل بناء كتائب عسكرية خاصة به تمكنه من السيطرة على الحكم عندما يريد. ويضيف الكتاب: إن معتصم القذافى كان حريصًا على توطيد علاقته بالدول الكبرى بشكل عام وبالولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، وقد اعتاد لقاء شخصيات سياسية أمريكية، حيث كان يتحدث معهم حول الحاجة لشراء أسلحة أمريكية من أجل حماية ليبيا، بينما كان الهدف هو تسليح جيشه من أجل حماية نفسه من شقيقه سيف الإسلام. ويضيف الكتاب: من جانبه كان سيف الإسلام يحاول تشويه سمعة معتصم بنشر قصص من نوعية أن معتصم هو المسئول عن مقتل ابن الشيخ الليبى، أحد قيادات تنظيم القاعدة أثناء احتجازه فى السجون الليبية. والمثير للانتباه، أن سيف هو الذى رتب بنفسه لنقل الليبى من يد السلطات الأمريكية إلى السلطات الليبية.

وقد عاش سيف الإسلام حياة البلاى بوى وبعد حصوله على الدكتوراه فى الاقتصاد من كلية لندن العريقة عمل مع والده حيث كان يتولى عقد الصفقات مع الشركات الدولية التى تريد العمل مع ليبيا. وبحسب الكتاب فقد اتضح فيما بعد أن سيف الإسلام استعان بخبراء من أجل كتابة رسالة الدكتوراه الخاصة به.

وقد عاش سيف الإسلام حياته متنقلاً بين القصور الملكية فى أوروبا وجمعته صداقة مع رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير وحاكم موناكو.