"نيويورك تايمز":صفقة تبادل الأسرى تعيد تشكيل خارطة سياسات وعلاقات الشرق الأوسط

عربي ودولي


ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الصفقة المرتقبة لتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل يمكن أن تعيد تشكيل خارطة العلاقات في منقطة الشرق الأوسط، كما أنها تصب في صالح بعض أطراف المنطقة فيما تتعارض مع مصالح البعض الآخر.

وقالت الصحيفة - في تقرير على موقعها الإليكتروني - إن الصفقة التى توسطت فيها القاهرة لإفراج حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي المحتجز لديها جلعاد شاليط مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من ألف معتقل فلسطيني لديها أعادت لمصر دورها القوي في المنطقة، كما رفعت من أسهم حماس بين الفلسطينيين ورئيس الوزراء الإسرائيلي

بنيامين نتنياهو بين مواطنيه، فيما تمثل الصفقة تحديا للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وأوضحت الصحيفة أن الصفقة أخرجت حركة حماس من الظل ووضعتها فى مقدمة المشهد الفلسطيني الذى استحوذت عليه السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة بمسعاها للحصول على عضوية الأمم المتحدة بصفتها دولة مستقلة ذات سيادة، كما أنها ساهمت في تقوية

العلاقات بين حماس ومصر وتركيا. وفيما يخص أنقرة..أشارت الصحيفة إلى ما أعلنه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز -

فور الإعلان عن الإتفاق على إتمام الصفقة - أن تركيا لعبت دورا كبيرا كوسيط في هذه الصفقة، هذا الدور وإن لم يكن متوقعا في ظل العلاقات المتوترة بين تل أبيب وأنقرة وتخفيض الأخيرة لمستوى تمثيل الأولى الدبلوماسي لديها إلا أنه عكس قوة العلاقات بين حماس وتركيا.ولفتت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى وجود تفاصيل غير معلنة فيما يخص الإتفاق بين حماس وإسرائيل، وهو الأمر الذي جعل من الصعوبة معرفة السبب وراء موافقة الطرفين المفاجئة على الصفقة وبنفس البنود التى تضمنتها المحادثات التي باءت بالفشل طوال السنوات الماضية، وأرجعت الصحيفة السبب إلى الإضطرابات المتنامية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط وإلى تغير السياسات الخارجية والأوضاع

المحلية لكافة الأطراف التى شاركت في إتمام الصفقة. فمن جانبها..تستشعر حماس القلق بشأن قاعدتها السياسية في العاصمة السورية دمشق نتيجة الإحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد وفي المقابل..تنتاب إسرائيل المخاوف من أن تسفر الإنتخابات في مصر إلى قدوم حكومة لا تتعاون معها بالشكل المطلوب، وقد بنت على ذلك قرارها بالتحرك الآن

لإتمام الصفقة وإعادة جنديها بعد خمس سنوات من بقائه قيد الإحتجاز. وتابعت الصحيفة بالقول /إن موقفا مشتركا دفع الطرفين لإتمام الصفقة على هذا النحو المفاجئ، حيث بدا اتفاقهما كرد فعل للجهود التى تبذلها السلطة الفلسطينية

لحصول فلسطين على عضوية الأمم المتحدة والتى سطع فيها نجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام شعبه بصفته القائد المدافع عن قضية وطنه والذي رفض الإنصياع للمطالب الأمريكية بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة، كما رفض - ومازال يرفض - التفاوض مع إسرائيل قبل توقفها الكامل عن بناء المستوطنات/. وكان التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة محل انتقاد حركة حماس التى ترى أنه يفقد الفلسطينيين كرامتهم ويضفي الشرعية على إسرائيل، لذلك عمدت الحركة إلى محاولة خطف الأضواء عن السلطة الفلسطينية بتقديمها الوعد لأهالى المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بأن ذويهم سيعودون إليهم في وقت قريب بعد أن قضى بعضهم عقدين قيد الإعتقال. وفي الوقت ذاته..يأتي موعد تبادل الأسرى في توقيت نموذجي بالنسبة لحماس في ظل تنامي الشعور الشعبي بالغضب في الضفة الغربية حيال أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ويدلل على هذا المشهد الإضراب الذي أعلن أمس الأربعاء في الضفة الغربية احتجاجا على سوء أوضاع المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل والذي أدى إلى بقاء أبواب المقرات الحكومية والجامعات الفلسطينية مغلقة.وفيما يتعلق برئيس الوزراء الإسرائيلي..فإن عودة شاليط - الذى تنتشر صوره فى كل مكان في إسرائيل وأصبح محل اهتمام عموم الإسرائيليين - تقدم لنتنياهو دعما سياسيا هاما على الصعيد الداخلى في مواجهة التظاهرات والحركات المحتجة على الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار وانعدام المساواة بين دخول المواطنين، كما يحجب

نجاح الحكومة الإسرائيلية في إسترداد الجندى المختطف فشلها في الوفاء بوعودها بشأن تحسين الأوضاع الإجتماعية للمواطنين. ونظرا لما ستحققه عودة شاليط من دعم لصورة نتنياهو كرجل الدولة الذي يهتم بمعالجة القضايا التي تشغل مواطنيه فقد وافقت إسرائيل على إطلاق سراح العديد من المعتقلين وإعادتهم إلى الضفة الغربية رغم مخاوفها من عودة هؤلاء المعتقلين لممارسة القتل ضد الإسرائيليين، غير أن ما دفعها لذلك هو اعتقادها بقدرة قوات الأمن الفلسطينية في التصدي لمثل هذا النوع من العنف، وهو الأمر الذي يلقى عبئا

جديدا على السلطة الفلسطينية ويضعف من موقفها خاصة إذا ما فشلت جهودها في الحصول على اعتراف أممي بفلسطين وانقطاع المساعدات الأمريكية عنها.