علاء سعد يكتب : نصيحة مواطن للمخابرات المصرية

ركن القراء



في قاموس المخابرات المركزية الأمريكية إصطلاح يسمي Walk in وهي تعني بالعربية دخيل, ويرتبط إصطلاح الدخيل بشيء أخر في منتهي الأهمية , وهو مايسمي Defector وترجمتها بمعني الهارب, والمصطلحان إذا إستخدما في حدث واحد يعني ببساطة , أن هنالك هارب من معسكر الأعداء , قام بخطوة جريئة للغاية ألا وهي الدخول إلي السي أي إيه أو عمل إتصال مباشر معها بغرض التعاون شريطة أن يلجأ إلي الولايات المتحدة الأمريكية, ويصبح تحت حماية المخابرات المركزية بشكل مباشر أو غير مباشر , وبطبيعة الحال , تختلف بنود الإتفاق مع ال walk in حسب أهمية المعلومات التي التي يحملها.

إذن لدينا شخص, من معسكر الأعداء, يريد أن ينضم إلي صفوفنا مقابل أي شيء يريده ترضاه أجهزتنا الأمنية.

هذا هو الحدث , لكن الأهم هو رد الفعل, ماذا سنفعل, هل نقبل به, أم نرفضه؟ وما هي الخسائر التي تترتب علي كل أختيار , ففي حالة ماكان الدخيل, حقيقي ولا يحمل شبهة الدفع أو الخداع فستكون الفائدة عظيمة, وفي حالة رفضه ستكون الخسائر أعظم , فهو يساوي أحيانا مجهود مجموعات عمل لسنوات طويلة , وقد لا تستطيع تعويضه .

أما في حالة قبول الدخيل, وهو مدسوس علينا, فهذا يعني كارثة لا مثيل لها فهو سيعطينا سيل من المعلومات المغلوطة التي قد يتعذر تحديد مدي حقيقتها في الوقت المناسب, مما يؤدي إلي تقديرات لا تعكس الواقع أو الحقيقي , وفي نهاية الأمر قد يكون سببا رئيسيا في الهزيمة وأي هزيمة.

ويوجد حالة ثالثة , وهي نادرة الحدوث , لكنها واردة , بأن يكون الدخيل حقيقيا ,وفي نفس الوقت مدسوسا , ولتبسيط الأمر , ان يكون مدسوسا ومدفوعا من الأعداء , لكن لدي الدخيل أسبابه الخاصة التي ستجعله يتحول إلي عميل مزدوج يعمل لصالح الطرفين في نفس الوقت , بمايضمن توازن اللعبة لأطول فترة ممكنة , إلي ان يحين الوقت المناسب لخروجه بأقل الخسائر.

أيها السادة , السطور القادمة هي الأسوأ

ماذا نحن فاعلون؟

إن الإدارة الوحيدة المنوطة بالإجابة علي هذا السؤال , هي قسم المخابرات المضادة Counter Intelligence وهي معنية بمجموعة من الخطوات التي تجعلنا قادرين علي إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب , لانه وفي اغلب الحالات يصبح أتخاذ القرار حتميا في بضع أيام , واحيان اخري في بضع ساعات.

ومع تعدد الخطوات والأساليب والتي لا نستطيع حصرها في مقالة واحدة , يوجد خطوتين يعتبرا من أهم مايمكن أتخاذه

الأولي : هي فحص موجودات الإستخبارات المتاحة , بما يقوله أو يعطيه لنا أثناء فترة التفاوض وهي مايسمي Juicy Tip أي عصارة المعلومات التي يغرينا بها , والوصول إلي نتيجة تحدد ماإذا كان الدخيل مدسوسا أو حقيقيا

الثانية : هي إستجواب الدخيل , وهي عملية معقدة للغاية تعتمد تكنيكات علمية لا يقوم بها إلا خبراء في هذا المجال ولهم باع طويل فيه

نهاية , لماذا كتبنا هذا المقال

كتب هذا المقال مع التسريبات التي ظهرت بأن بعض أعضاء جماعة الاخوان المقييمين بالخارج علي أستعداد للعودة لمصر , وفتح صفحة جديدة في مقابل أسرار عصابة الأخوان.

وتخوفي ان العدد سيكون كبيرا للغاية , أي أعداد الدخلاء الذين سيتم دفعهم في طريق المخابرات فيما يسمي بلعبة الإلهاء diversion

أما نصيحتي , فهي وببساطة

إن أعضاء جماعة الإخوان , ينتمون لجماعتهم , تحت دعاوي الدين وليست دعاوي السياسة والمكاسب المالية , وخصوصا الصف الثاني والثالث , وهؤلاء يؤمنون بما يفعلون , فقد تعرضوا لغسيل المخ لسنوات طويلة للغاية , ولايمكن أن يصبح أحدهم أبدا مواليا لنظام , او حتي جاسوسا مزدوجا. فنصيحتي هي ان لا نضيع وقتنا , ونستسهل عملية الأختراق , والحصول علي المعلومات الهامة , فإلهاء اليوم , هو ضياع للغد.

علاء سعد

خبير وإستشاري نظم المعلومات

كاتب وباحث في الإستراتيجية والأمن القومي