مصادر تركية: المشاركة في الحرب على داعش مرهون بشرط

عربي ودولي



أكدت مصادر رسمية تركية لـ«الشرق الأوسط» أن مشاركة تركيا الحقيقية في أي حرب تشن على الإرهاب في سوريا ستحدد بعد أن يوضح التحالف الدولي نظرته إلى مستقبل النظام السوري وكيفية التعامل مع خطره الذي لا يقل عن خطر «داعش» نفسه.

وفي حين نفت مصادر في مكتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو استعمال طائرات التحالف الدولي «المجال الجوي التركي أو قاعدة أنجيرليك في جنوب تركيا في الضربات الجوية للتنظيم»، أكدت المصادر الرسمية أن تركيا سوف تعيد النظر في موقفها السابق المتحفظ على أي استخدامات عسكرية لأراضيها بعد عودة رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان.

وكشف مصدر عن سلسلة اجتماعات مقررة الأسبوع المقبل يشارك فيها عسكريون ومسؤولون مدنيون أتراك لرسم معالم الاستراتيجية التركية حيال «داعش»، بعد الإفراج عن 46 تركيا و3 موظفين عراقيين كان التنظيم المتشدد يحتجزهم منذ سيطرته على مدينة الموصل في 12 يونيو (حزيران) الماضي. وصرح مسؤول قريب من رئيس الوزراء التركي أنه «من غير الوارد أن تستخدم تركيا ومجالها الجوي أو قاعدة أنجيرليك لأسباب عملانية» خلال الضربات.

وقال المصدر التركي الذي رفض الكشف عن اسمه إن «لتركيا تحفظات أساسية على خطة التحالف الدولي؛ أولا بسبب عدم وضوحها، ووضوح أهدافها النهائية، وثانيا بسبب المخاطر الناجمة عن التنفيذ غير المدروس، الذي قد يهدد أمننا القومي».

وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «أنقرة تريد تأكيدات بأن هذه الضربات لن تكون لمصلحة نظام الأسد». وأشار إلى أن تركيا أبلغت من يعنيهم الأمر بأنها تعارض بشدة عمليات التسليح التي يقوم بها التحالف للأكراد خشية تسرب هذه الأسلحة إلى «إرهابيين» في أراضيها.

وأضاف أن «تنظيم (حزب العمال الكردستاني المحظور - بي كي كي) يسعى لفرض نفسه جزءا من التحالف الدولي لمقاتلة (داعش)، ووصول السلاح إليه أمر خطير جدا على أمننا القومي». وأشار أيضا إلى أن «تسليح أكراد سوريا، وإلى حد ما أكراد العراق، قد يؤدي إلى تسرب السلاح لاحقا إلى أيدي الإرهابيين على أراضينا». وأضاف: «لقد دفعنا الثمن 40 ألف ضحية (في إشارة إلى ضحايا القتال مع التنظيم منذ عام 1982) ولا نريد أن نرى مواطنينا يقتلون برصاص وصل إلى الأيدي الخاطئة».

وكان إردوغان وصف «داعش» أمس لأول مرة بـ«الإرهابي» وقال قبل خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إنه عقب عودته إلى أنقرة سيبحث مع الحكومة سبل الدعم التي من الممكن أن تقدمها تركيا للتحرك الدولي ضد التنظيم. وردا على سؤال أحد الصحافيين حول ما إذا كان هذا الدعم قد يكون من النوع العسكري، قال إردوغان: «إنه يتضمن كل أنواع (الدعم) العسكرية والسياسية». وفيما يتعلق بالغارات الجوية الأميركية على ميليشيات «داعش» في سوريا، قال إردوغان: «بالطبع نعد هذه الخطوة التي تستهدف مواقع تلك المنظمة الإرهابية في المنطقة إيجابية».

وأوضحت مصادر تركية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن البرلمان التركي سوف يبحث الخميس المقبل مذكرة سوف ترفعها الحكومة التركية لتمديد الإذن الممنوح لها بالتدخل في سوريا والعراق من أجل حماية الأمن القومي للبلاد.

وفي أنقرة، أكد نائب رئيس الوزراء التركي يالتشين آكدوغان أن تركيا كانت على الدوام مع أي تعاون ضد الإرهاب، قائلا: «تركيا هي الدولة التي كانت تصرُّ دائما على تعاون واسع النطاق لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله». وأوضح أن موقف تركيا من تنظيم «داعش» كان واضحا منذ البداية، بتصنيف رئاسة الوزراء التركية هذا التنظيم على أنه إرهابي، موجها انتقاداته لوسائل الإعلام «الرخيصة» التي تتهم تركيا بالتعاون وتقديم دعم للتنظيم.

وبين المسؤول التركي أن البعض يحاولون شن حرب نفسية على تركيا من خلال وسائل الإعلام، بنشر معلومات ليس لها أصل من الصحة قائلا: «يعلم هؤلاء أن ليس بإمكانهم النيل من تركيا بمثل تلك المحاولات». ولفت إلى أن الموقف الذي أبداه رئيس الجمهورية التركية من الإرهاب في المحافل الدولية، يعكس بوضوح موقف تركيا، وأن «التعاون العسكري له عدة أشكال، ولا يتمثل فقط بالاشتراك المباشر في العمليات العسكرية».

وفي الإطار نفسه، حذر النائب المستقل بالبرلمان التركي إدريس بال من «المبادرات الرامية إلى فتح الطريق أمام منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية وإضفاء الشرعية عليها في الوقت الذي استنفر العالم فيه لمكافحة منظمة إرهابية أخرى هي تنظيم (داعش)». ولفت بال إلى ضرورة شن «حملات عسكرية ضد جميع المنظمات الإرهابية في المنطقة، دون التفريق بين أي منها، وفي مقدمتها (داعش) ومنظمة (حزب العمال الكردستاني)»، مشيرا إلى أن «استنفار المجتمع الدولي للهجوم على (داعش) وغض الطرف عن منظمة (حزب العمال الكردستاني) يعكس تناقضا وازدواجية في المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع قضية الإرهاب».