آرنس: الاستيطان اليهودي هو أفضل ما حصل للعرب


لقاء ساخن مع وزير جيش مخضرم سابق لإسرائيل؛ ليكودي يميني يتطرق في حديثه لمجمل الأوضاع الداخلية والخارجية ذات الصلة لإسرائيل، ينتقد الحرب على غزة كونها لم تؤت ثمارها المرجوة، ويحذر من تنامي قوة حزب الله، ويصف التحالف بين اسرائيل ومحور الاعتدال العربي بالآني، ويقلل من قيمة الصراع بين نتنياهو وأوباما، وأمور استراتيجية أخرى كثيرة.

إنه حديث مختلف وآراء مختلفة عن كل من تطرق لهذه القضايا مع المونيتور من قبل، ومن يدري لعل الرجل على مشارف التسعينيات يطمح بالمزيد من العمر لكي يدلي بدلوه في بئر دمائنا، وإلى اللقاء.

وزير الدفاع السابق موشيه آرنس تابع بتشكك التقارير الصادرة عن اللجنة الدولية لإعمار قطاع غزة المنعقدة في مصر في الـ 12 أكتوبر، وفي لقاء له مع المونيتور زعم آرنس ان المليارات التي تُبرع بها لصالح السكان المدنيين في قطاع غزة ستقع في يد حماس، وسوف تستخدمه في اعادة تسلحها من جديد، لذلك وحسب رأيه فجولة القتال القادمة بين حماس وإسرائيل هي مسألة وقت لا أكثر.

آرنس الذي سيبلغ الـ 89 عاماً في شهر ديسمبر القادم، عضو حركة الليكود ، وسفير اسرائيل السابق لدى واشنطن؛ يعتبر حتى يومنا هذا كأحد وزراء الدفاع المخضرمين الذين شغلوا هذا المنصب في إسرائيل، وهو الذي أقام، وعلى مدار سنوات وفي جميع مناصبه، شبكة من العلاقات الحميمة والجيدة مع الحكومة الامريكية، هو نفسه اليوم يرفض ان يتفاعل مع التوصيفات والتقارير حول المواجهات الشديدة بين نتنياهو وحكومة أوباما، ووفق قوله فإن علاقات أمريكا – اسرائيل اليوم أفضل من الماضي.

انتقاده لنتنياهو الذي لم ينجز حلاً سياسياً أثناء سنواته الدبلوماسية الأولى كان على أساس ان نتنياهو لم يفكر في الاستثمار القوي للتحالف مع العرب الإسرائيليين، وحسب رأيه فإن هذه الغاية يجب ان تتصدر سلم أولويات الحكومة.

المونيتور: المؤتمر الدولي في القاهرة يمكن ان يكون مؤشراً لانطلاق ترتيب جديد في المنطقة؟

آرنس: هذا المؤتمر كان ليكون ذو أهمية أكثر بكثير لو اننا قضينا على حماس، أعتقد اننا فوتنا في عملية الجرف الصامد هذه الفرصة، هزيمة حماس بحيث لا تستطيع ان تحاربنا مرة أخرى، في المؤتمر يسخرون المليارات التي ستصل للأسف إلى حماس، ومعنى هذا بسيط للغاية؛ حماس ستتسلح من جديد بالصواريخ، ومن سيضمن ان ذلك لن يحصل؟ وليس هناك من هو مستعد لمواجهة رجال حماس، هل هناك قوة للأمم المتحدة مستعدة لفعل ذلك؟ أعتقد أنهم متنبهون للمشكلة، ولكنهم يظنون ان وجود رجال أبي مازن على المعابر كافٍ، والأمر ليس كذلك طبعاً.

المونيتور: تظن ان عملية الجرف الصامد قد فوتت الفرصة، ولكن الجيش الاسرائيلي قضى على الأنفاق الهجومية، ووجه ضربة موجعة لحماس دون أن يحتل غزة؟

آرنس: أولاً هذه الحرب كانت أطول مما يجب، فنحن لسنا مؤهلين لخوض حرب تستمر 50 يوماً، كان علينا أن ننهيها بسرعة، على الأقل أسبوع من القتال، فلإسرائيل التفوق على حماس في جميع المجالات.

التركيز على الأنفاق كان، حسب رأيي، غير صحيح؛ ذلك انها مشكلة معقدة، وكان يجب الدخول الى غزة والعمل سريعاً وبقوة فائقة وتحطيم حماس ومنعها من الخروج للقتال مرة أخرى، الصواريخ هي المشكلة الأساسية بالنسبة لنا وليست الأنفاق، ذلك ان باستطاعتها ان تشل جميع أركان الدولة، بما فيها مطار بن غوريون الدولي، وهذا ليس مزاحاً.

يجب النظر بشمولية للأخطار المحدقة أيضاً، حزب الله في الشمال مسلح بما يزيد على المائة ألف صاروخ، لذلك كان علينا ان ننهي مشكلتنا مع حماس، فحزب الله في الشمال لم يقل كلمته الأخيرة بعد، وما الذي حصلنا عليه في النهاية؟ حماس ستتأهل من جديد، وحينها ستكون جولة قتال جديدة، وسينزلون الى الملاجئ في تل أبيب مرة أخرى، الجولة القادمة قاب قوسين.

المونيتور: حماس إذاً حسب رأيك لم تُردع؟

لا، إذ لا يمكن ردع الإرهاب، يمكن أن تردع دولة أو دكتاتوراً، لقد ردعنا الأسد الابن والأب لأن حكمهم كان سيسقط نتيجة عملية عسكرية نقوم بها.

المخرب الذي يأتي أمام عينيك لا يمكنك ان تردعه، لقد جاء ليفجرك، ولا يمكنك ان تردع تنظيماً ارهابياً أيضاً، إنهم متعصبون ويفكرون لمدد طويلة جداً، إنهم واثقون من أنهم سينتصرون في النهاية، حتى وان استغرق الأمر مائة عام أو مائتين، هدف حماس ليس دولة فلسطينية، وإنما القضاء على دولة إسرائيل، ونفس الأمر بالنسبة لحزب الله، هناك من كان يظن ان كل ما يريده حزب الله هو ان نخرج من لبنان ثم يتحول الى حزب سياسي، وقد خرجنا من لبنان، ومع ذلك فإن الجولة القادمة في لبنان هي مسالة وقت فقط، إلا ان تحدث ثورة في لبنان أو تغيير جذري.

المونيتور: ألا تبصر الفرص المتاحة الجديدة في المنطقة؟

آرنس: حالياً ما تزال الأمور تتجه نحو الأسوأ، ماذا جرى في مصر؟ السيسي دكتاتور مثل مبارك، بل يبدو انه مستعد لاستخدام العنف أكثر من مبارك، انه يكره الاخوان المسلمين، ولذلك يكره حماس، إذ انه يرى فيها حليفة، وفجأة يصبح السيسي حليفاً لنا، أنا واثق من انه أراد أن نقضي على حماس، لا شك لديّ في ذلك.

والسعودية؛ هناك أيضاً يكرهون حماس ويكرهون إيران، كانوا يريدون ان نقضي على النووي الايراني ولم نفعل ذلك، والآن هم خائبو الأمل، ولكن تلك جميعها مصالح آنية، كمن يشتري بقايا حطام، ليس هذا أمر تستطيع أن تؤسس عليه بناءً.

المفقود في الدول العربية هو المؤسسات الديمقراطية المستقرة مثل المحاكم والبرلمان والانتخابات وتداول السلطة، يستغرق الأمر طويلاً لبناء مؤسسات ديمقراطية مستقرة، والأمريكان لم يفهموا ذلك، ظنوا انهم بمجرد قدومهم للعراق سيفرح الجميع بالديمقراطية، ولكن لم يكن هناك مؤسسات يمكن من خلالها بناء الديمقراطية، العالم العربي من هذه الناحية يعيش في المرحلة التي تواجد فيها الغرب قبل 500 عام؛ دول دينية أمر يحتوي على الأخطار بالنسبة لنا.

المونيتور: إذاً يجب ان نتمترس داخل أنفسنا؟

علينا أن ندافع عن أنفسنا، ولحسن حظنا فنحن أقوياء اقتصادياً وعسكرياً.

المونيتور: إلى أي حد على إسرائيل ان تقلق بخصوص الصراع الحاد بين نتنياهو وأوباما؟

آرنس: الأمر بسيط، أنا مندهش كون الناس لا يحسنون قراءة الخارطة السياسية في الولايات المتحدة، بيغين ورابين على حد سواء لم يفهموا الولايات المتحدة، ظنوا أن أمريكا لا يوجد فيها الا شخص واحد ومنصب واحد هو الرئيس، بمعنى أنك إذا أتممت أمراً ما مع الرئيس فالأمور جيدة، وإذا لم تفعل فليست جيدة، بيغين قال لكارتر في حينه انه لم يكن رئيساً أعظم ولا صديقاً أعظم ما عدا جابوتينسكي لم ألتق من هو أعظم منك .

من يعرف الولايات المتحدة يعرف ان هناك كونغرسان اثنان، وان الكونغرس يستطيع إيقاف الرئيس، أشخاص مثل ليبرمان الذي يريد لإسرائيل نظاماً رئاسياً مثل أمريكا، لا يعرفون عما يتكلمون، انظر الى بيبي، فبالرغم من كل المشاكل السياسية يستطيع ان يفعل ما يريد، أوباما لا يستطيع فعل ذلك، إذاً فالولايات المتحدة هي البيت الأبيض، ولكن أيضاً هي كونغرسان اثنان ووسائل اعلام وجمهور ولوبي يهودي، لذلك فالعلاقات إجمالاً جيدة جداً ومستقرة.

المونيتور: عندما يقول البيت الأبيض ان البناء في المستوطنات يسمم الأجواء، ألا يقلقك هذا؟

آرنس: أوباما يقول هذا الكلام، والكونغرس يطلب منه ان يكف عن قول ذلك، وعملياً فقد طرأ تغيير للأفضل في السنوات الأخيرة، فإذا كان أصدقاء اسرائيل في الماضي هم ديمقراطيين فإن التأييد اليوم فيه يأتي اليوم من قبل الديمقراطيين.

المونيتور: إذاً فالبناء في المستوطنات اليوم ليس استفزازاً؟

آرنس: لا شك لديّ ان بيبي لا يتعمد الاستفزاز، الاستفزاز الأخير قامت به حركة السلام الآن ، والمشكلة الأساسية حسب اعتقادي هي عرب إسرائيل، إذا لم نعرف كيف نستوعبهم فلن تكون الأمور جيدة.

المونيتور: الأمر متعلق بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني، فعرب إسرائيل يتضامنون مع الفلسطينيين.

آرنس: لا علاقة لعرب اسرائيل بالمشكلة الفلسطينية، ادخلي الى الصيدليات في إسرائيل، كثير من الصيادلة والصيدلانيات هم من شباب عرب اسرائيل المنتمين الى الاقتصاد الإسرائيلي، أعضاء الكنيست العرب يفكرون في الانتخابات، لذلك فهم متيقظون بشأن الاستفزازات، حالياً لا يوجد هنا حزب عربي يرفض الانضمام، ولكننا نلاحظ ظاهرة الخدمة الوطنية للعرب، والتي يعارضها معظم أعضاء الكنيسيت العرب، تجذب اليها كل عام المزيد من الشباب، أعتقد انه آن أوان أن يقوم حزب عربي لا يكره دولة إسرائيل، هناك الكثيرون، ولا سيما في صفوف الشباب، الذين يرون الخير في إسرائيل، والفرص المتاحة هنا والقانون والنظام الموجوديْن هنا مقارنة مع سوريا مثلاً أو العراق.

لن يعترفوا بذلك؛ حتى من لديه نظرة ايجابية سيقول ان هذا لا يكفي، وانه ما زال هناك ظلم، غير ان هذا الأمر يسير نحو الأفضل، ويجب حسب اعتقادي ان يكون الأمر الأول على جدول أعمال الحكومة، بعد ان انتخب في المرة السابقة قلت له يا بيبي توجه الى الناصرة وتحدث الى العرب انهم مواطنوك، غير ان هذا لم يناسبه، وكأني لم أقل له ذلك، ويا للخسارة.