خيارات تقسيم دوائر الانتخابات البرلمانية..ومراقبون يحذرون

أخبار مصر



تدرس الحكومة المصرية عدة خيارات صعبة لاعتماد طريقة تقسيم الدوائر في الانتخابات النيابية المرجح إجراؤها في الربع الأول من العام المقبل. وبينما لا تزال الحكومة مترددة بشأن اعتماد أحد هذه البدائل، قالت مصادر مطلعة للشرق الأوسط إن الجدل الدائر الآن في أروقة الحكم يفاضل بين إجراء الانتخابات وفق التقسيم الإداري الحالي، مما يعني تخصيص مقعدين لكل دائرة انتخابية، الأمر الذي يهدد الانتخابات بـ«شبهة عدم الدستورية»، أو إعادة تقسيم الدوائر بحيث يخصص مقعد واحد فقط لكل دائرة، الأمر الذي من شأنه رفع منسوب العنف المحتمل في الانتخابات إلى حدوده القصوى، بحسب مراقبين.

وأقرت السلطات المصرية منتصف العام الجاري قانون الانتخابات النيابية، الذي اعتمد تخصيص ثلثي المجلس النيابي للمقاعد الفردية، فيما خصص الثلث الباقي للقوائم المطلقة. وحسمت لجنة قانونية أنيط بها وضع قانون تقسيم الدوائر طريقة انتخاب القوائم بتخصيص 4 دوائر فقط للقوائم، لكنها قدمت عدة بدائل لطريقة تقسيم الدوائر المخصصة للمقاعد الفردية.

وقال عصام شيحة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، أعرق الأحزاب الليبرالية في البلاد، لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض الأطراف داخل الحكومة تفضل إجراء الانتخابات وفق التقسيم الإداري الراهن، لأنه يراعي إلى حد بعيد خارطة العصبيات وتوزيع العائلات الكبرى في البلاد، لتجنب صدامات فيما بينها، الإشكالية أن تعديل الدوائر قد يفتح الباب أمام صدام عنيف».

ويبلغ عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردي 420 مقعدا. وتشير مصادر تحدثت مع «الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة تميل لإجراء الانتخابات في 420 دائرة انتخابية بواقع مقعد لكل دائرة، وهو نظام يسمح بتمثيل عادل للسكان.

لكن البرلماني السابق وحيد عبد المجيد، الخبير بمركز الدراسات السياسية في «الأهرام»، حذر من اتجاه الحكومة لتخصيص مقعد واحد لكل دائرة، واصفا الخطوة بـ«اللعب بالنار»، وأضاف عبد المجيد قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباك الحكومة الذي نراه حاليا ناتج عن قانون انتخابات معيب.. وأحد أعراض هذا المرض - وربما أبرزها - قانون تقسيم الدوائر».

وتعد الانتخابات النيابية آخر مقررات خارطة المستقبل التي أقرت في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) من العام الماضي. وكان الدستور الجديد الذي أقر مطلع العام قد أمهل السلطات الجديدة في البلاد لإجراء الاستحقاقين الرئاسي والنيابي خلال 6 شهور من إقراره، وتأخرت الحكومة في وضع قانون تقسيم الدوائر ما من شأنه إرجاء الانتخابات للعام المقبل. وأشار عبد المجيد لوجود 3 مشاريع على مكتب رئيس الحكومة، المشروع الأول يضع قاعدة تقسيم الدوائر وفق الطريقة التي اعتمدت عامي 2005، و2010. ومشروع آخر يخصص لكل دائرة انتخابية مقعدا واحدا، ومشروع ثالث يدرس تقسيم الدوائر بحيث يتراوح تمثيل كل دائرة بحسب عدد السكان إلى 3 مقاعد، أو مقعدين، أو مقعد واحد. وأشار عبد المجيد إلى أن هذه الإشكالية جاءت بسبب وجود نص دستوري صعب، يلزم الدولة بتحقيق تمثيل عادل للسكان والمحافظات، وتكافؤ في تمثيل الناخبين داخل البرلمان (في إشارة لنص المادة 102 في الدستور الحالي).

من جانبه، أبدى القيادي الناصري كمال أبو عيطة، وهو وزير سابق في الحكومة، مخاوفه من أن يؤدي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية المقترح إلى عدم استقرار الأوضاع في البلاد، التي تعاني أصلا من اضطرابات بسبب هجمات إرهابية، وصراع مع قوى إسلامية تقودها جماعة الإخوان.

وقال أبو عيطة لـ«الشرق الأوسط» إن «الإشكالية بدأت مع قانون الانتخابات نفسه، فالقانون لم يراع اتساع المجال السياسي وحضور أحزاب كثيرة في الساحة.. هذا القانون لا يعطي مكانا لائقا للأحزاب في البرلمان، ويحصر المنافسة بين القوى التي تملك رأس المال، وهذا سيكون صراعا بين الحزب الوطني (الذي قاد الحياة السياسية طوال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وحل بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011)، وجماعة الإخوان».ويفضل حزب النور السلفي إجراء الانتخابات النيابية المقبلة بتخصيص مقعدين لكل دائرة، وقال جلال المرة الأمين العام للحزب لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود مقعدين يعطي فرصة لإقامة تحالفات الأمر الذي يقلل الاحتقان، لكن تظل الأزمة هنا في شبهة عدم الدستورية».

وأشار المراقبون إلى أن الالتزام بالتقسيم الإداري الحالي، لن يسمح بتمثيل عادل، إذ ينتج عن هذا التقسيم وزن نسبي لبعض المقاعد في حدود الـ100 ألف صوت انتخابي، فيما يصبح الوزن النسبي لمقاعد أخرى ما مقداره 30 ألف صوت انتخابي فقط.

وتفسر الصعوبات الناجمة عن مخاطر شبهة عدم الدستورية أو المخاطرة برفع حدة التوتر في الانتخابات تصريحات رئيس الوزراء إبراهيم محلب، الذي أكد أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية يحتاج إلى مزيد من الوقت، قبل يوم واحد من الوعد الذي كان مقررا لرفع القانون إلى الرئيس المصري.