"الإخوان" يدعون إلى انتفاضة.. والداخلية ترد

أخبار مصر



يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، قد ضاقت ذرعا من استمالة القوى الثورية والمدنية إليها، في مسعاها لمحاولة زعزعة النظام الحالي وإزعاجه، أو حتى حشد المواطنين للاحتجاج ضده، فقررت التخلي مؤقتا عن رفع شعاراتها التقليدية خلال الفترة السابقة، وارتداء عباءة «السلفيين» في الحشد لمظاهراتهم الداعية لتطبيق الشريعة وفرض الهوية الإسلامية بمصر.


ودعت «الجبهة السلفية»، أحد الكيانات المنضوية ضمن «تحالف دعم الشرعية»، الذي تقوده «الإخوان»، للتظاهر يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تحت اسم «انتفاضة الشباب المسلم»، عبر رفع المصاحف بغرض فرض الهوية الإسلامية في مصر. وتأتي تلك المظاهرات في إطار دعوة الجماعة أنصارها لما سمته «انتفاضة الميادين والسجون» ابتداء من الأمس.

ورد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، على تلك الدعوات قائلا أمس إن «كل أجهزة الوزارة مستعدة لإجهاض دعوات تلك العناصر المتطرفة»، مؤكدا تأهب قوات الأمن لمنع أي أعمال عنف.

ودأبت جماعة الإخوان وأنصارها على تنظيم مظاهرات مناهضة للسلطة الحالية، منذ عُزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، في يوليو (تموز) 2013، وذلك بعد عام من توليه الحكم. وعادة ما تتخلل تلك المظاهرات أعمال عنف ومواجهات مع الأمن، خاصة في الجامعات.

وقالت «الجبهة السلفية» إن فكرة مظاهرات الهوية الإسلامية والشريعة جاءت «بعد التشاور مع كيانات شبابية ذات توجه إسلامي وآخرين مستقلين وبعض الأحزاب الإسلامية، وشخصيات عامة»، في حين أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كوادر جماعة الإخوان خارج السجون يعملون حاليا على الحشد لتلك المظاهرة، التي توافق يوم الجمعة - الموعد الأسبوعي لاحتجاجات أنصار مرسي.

يقول الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، إن «تلك التنظيمات المنضوية تحت لواء تحالف دعم مرسي عجزت خلال الفترة السابقة عن حشد أعداد كبيرة من المواطنين خلال مظاهراتها، رغم رفعها شعارات مختلفة من قبيل إسقاط الحكم وعودة الشرعية ورفض ارتفاع الأسعار، مما دفعها إلى اللجوء في النهاية إلى سلاح الدين، والدعوة والنزول للشوارع للمطالبة بتطبيق الشريعة عبر رفع المصاحف».

وأضاف السيد لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الجماعات كانت تظن أن شعاراتهم حول الشرعية والثورة من شأنها أن تنجح في التفاف كل القوى حولهم، لكنهم أخفقوا، فاعتقدوا أن الدعوة للشريعة أمر سيثير عواطف المصريين».

وتشهد مظاهرات «الإخوان»، الداعية لعودة مرسي للحكم، تراجعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، خاصة في العاصمة القاهرة والميادين الكبرى، منذ فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» العام الماضي. وأرجعت داليا موسى، مسؤولة التنظيم العمالي في المركز المصري للحقوق الاقتصادية، ذلك الانخفاض إلى «القبضة الأمنية الشديدة للسلطات، إضافة إلى تزايد قناعات الكثيرين بأن ما فيه البلد من معاناة حاليا سببه جماعة الإخوان والأعمال الإرهابية التي تحدث، مما يستوجب دعم الدولة في القضاء على الإرهاب ونبذ المظاهرات والعنف المصاحب لها».

وناشدت «الجبهة السلفية» في دعوتها أنصارها «الخروج إلى كل الميادين لفرض الهوية الإسلامية، ورفض الهيمنة الخارجية، وضخ دماء جديدة للحراك الثوري من خلال تحريك قطاع كبير من الإسلاميين». وقال الدكتور هشام كمال، القيادي بالجبهة، إن «انتفاضة الشباب المسلم» «تخاطب كل المعنيين بقضية نصرة الشريعة الإسلامية من الشباب الإسلامي وعموم المصريين، حيث إن قضية الشريعة قضية عامة».

وأضاف في بيان له أمس: «حراكنا الحالي له راية هي أوضح ما يكون، وهذا ليس بجديد علينا، حيث كنا دائما ممن يدور مع قضية الشريعة حيث دارت.. فكيف لا نبادر نحن الآن ونتحمل تبعات تلك المهمة العظيمة، مهمة القيام بشرارة البدء بانتفاضة وثورة إسلامية تعيد للشريعة مكانتها».

ولفت الدكتور مصطفى كامل السيد، إلى أن «تلك الشعارات الدينية استخدمت من قبل في ظل إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للبلاد عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وقد حققت نجاحا فيما عرف بـ(جمعة قندهار)»، مؤكدا أن «هناك رغبة لدى الإسلاميين في استعادة تلك التجربة».

وانقض مئات الآلاف من الإسلاميين على ميدان التحرير وسط القاهرة بنهاية عام 2011، لتأكيد هوية مصر الإسلامية، عندما حاولت قوى مدنية دفع المجلس العسكري الحاكم آنذاك لكتابة وثيقة دستورية تنص على «مدنية الدولة المصرية»،م ما أدى إلى فشل تلك المساعي.

لكن السيد توقع فشل المظاهرات الجديدة، مشيرا إلى أن المصريين يدركون أنه «ليس هناك خطر على الإسلام في مصر حاليا، إضافة لانقسام صفوف الإسلاميين هذه المرة، برفض حزب النور السلفي تلك النوعية من الاحتجاجات، وهو عكس الوضع السابق».

ورغم تأكيد تلك الجماعات نبذ العنف والعمل المسلح، فإن كثيرين ربطوا بين تلك الدعوات ودعوة جماعة «أنصار بيت المقدس» الإرهابية في سيناء، إلى إقامة الدولة الإسلامية في مصر، وإعلانها الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي.

في المقابل، اعتمدت وزارة الداخلية خطة أمنية، بالتعاون مع القوات المسلحة، لمواجهة تلك المظاهرات. وأكد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، أن كل أجهزة الوزارة مستعدة لإجهاض دعوات العناصر المتطرفة للتعدي على الممتلكات العامة والخاصة يوم 28 نوفمبر.

وقال الوزير في تصريحات له أمس، نقلتها وكالة «أنباء الشرق الأوسط» على هامش وضعه حجر أساس مشروع المدينة التكتيكية للقتال بالقاهرة، إن قوات الأمن بالتعاون مع القوات المسلحة ستقوم بتأمين كل المحاور الرئيسية بالبلاد، مشددا على أن هناك محاولة للخروج عن القانون.

وطالب الوزير المصريين بعدم القلق من تلك الدعوات، قائلا: «لا تقلقوا أنفسكم.. يوم 28 و30، انزلوا إلى الشوارع بصورة طبيعية، وتفسحوا»، مشددا على أن القوات لن تسمح بأي محاولة لترويع المواطنين، وأن جميع الأقسام والمراكز الشرطية، مزودة بأسلحة ثقيلة، وأن التعامل سيكون واضحا وحاسما مع أي محاولات اقتحام.

وأعرب اللواء إبراهيم عن تقديره لدور قوات الأمن المركزي التي تحملت الكثير خلال المرحلة الماضية، مطالبا إياهم بالمزيد من التدريب والجهد لحفظ الأمن واستقرار المواطن المصري والحفاظ على مقدرات الوطن.