موجة البرد تضاعف محنة الفقراء والمشردين في السودان

عربي ودولي



في أحد أحياء الخرطوم، كان عمر آدم، يبعثر في أكياس البلاستيك أمام مكب نفايات للبحث عن ثياب تقيه موجة البرد القارس التي ضربت العاصمة السودانية، وطعام يسد رمقه.

ويقول آدم (13 عاما) الذي يغطي جسده بثياب بالية، إنه يعتمد على مكب النفايات للحصول على الثياب، والفضلات ، ويضيف لمراسل الأناضول فقر أسرتي أجبرني على التردد إلى مكبات النفايات، فهي لا تملك ثمن شراء احتياجاتنا الأساسية من طعام وملابس تقينا من برد الشتاء.. لذا فضلت العيش في الشوارع .

وعندما يحل الليل يتجمع المشردون في أماكن مهجورة، أو على أرصفة الشوارع، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، معرضين أنفسهم لقوارس الشتاء.

وآدم هو واحد من بين آلاف السودانيين المشردين الذين حرموا من التعليم بحسب إحصائيات غير رسمية.

لكن آدم وبعض رفاقه المشردين، سيتحصلون هذا العام على أغطية وملابس تقيهم برودة فصل الشتاء، بعد أن أطلق ناشطون شباب في العمل الطوعي حملة صرير الصي (تعني صوت الريح في الأماكن المفتوحة) لجمع الأغطية والملابس الشتوية وتوزيعها للمشردين والأسر الفقيرة.

وتقول منسقة الحملة سلافة سعيد، هناك آﻻف المشردين ينامون في الشوارع في أوضاع بائسة وﻻ يمتلكون ما يستر أجسادهم أمام موجة البرد سوى بعض الأكياس والأقمشة البالية .

وأضافت كما أن هناك آلاف الأطفال يذهبون إلى المدارس في الصباح البارد دون ارتداء ملابس وأوشحة تقيهم من البرد، ولهذا أطلقنا حملة لتدفئتهم .

واعتبرت أن توزيع الأغطية والملابس الشتوية جزء من نشاطهم الطوعي، الذي بدأ منذ أعوام من خلال مجموعة من الشباب المتطوعين.

وحول عملية التجهيز والتوزيع تقول منسقة الحملة، إن تجهيز مستلزمات فصل الشتاء جرت عبر تبرع متطوعين وأفراد ومؤسسات بالمال والبطاطين (أغطية) والملابس .

وأضافت: نعتمد بشكل أساسي على الأفراد وميسوري الحال (..) كما نعتمد على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في نشر وحث الأفراد والجماعات على تقديم التبرعات والهبات .

وأنشأت حملة صرير الصي ، صفحة في فيسبوك بهدف التعبئة من أجل زيادة وتنويع مصادر الدعم لأنجاح حملتهم .

ويشارك متطوعون من الجنسين في أعمار متقاربة في عملية التجهيز والتوزيع، بحسب منسقة الحملة، التي أضافت كل يوم يصل إلى مكان تجمعنا، عشرات الشباب عارضين المساعدة في عملية التوزيع والاستقطاب المالي .

ولا تمتلك الحملة مقار ثابتة، ودرج المتطوعون على التجمع في الشارع العام بالقرب من مستشفى الخرطوم (هو أكبر مشفى حكومي ) يتردد إليه عامة الشعب من جميع أنحاء البلاد.

وتقول منسقة حملة صرير الصي إنه عقب الفراغ من عملية التجهيز نشحن السيارات التي غالباً ما يتبرع بها المتطوعين ونبدأ في توزيع الأغطية والملبوسات بالأحياء والشوارع، التي غالباً ماتكون في الساعة 11 مساءً (بالتوقيت المحلي)، بهدف الوصول إلى المستهدفين في أماكن تجمعاتهم .

كما لا تقتصر الحملة على توزيع الأغطية الشتوية بل تشتمل على تجهيز وتوزيع وجبة عشاء وقليل من التمر، على المحتاجين في ظل ارتفاع الأسعار بنسبة 200% عما كان عليه قبل عامين، بحسب خبراء.

ويعيش نحو 50% من سكان السودان تحت خط الفقر، طبقاً لإحصائيات رسمية.

ويقول الباحث الاجتماعي السوداني حسن محمد، إن الظروف الاقتصادية السيئة التي تواجه البلاد بجانب عوامل اجتماعية أخرى ساهمت في تنامي ظاهرة المتشردين.

ويضيف محمد فقر الأسر أجبر بعض الأطفال على الهروب من المنازل، فهي لا تملك المال لتلبية إحتياجاتهم.. لذا يفضلون العيش في الشوارع ، ويرى أن الفقر المدقع الذي يعاني منه السودانيين دفع المنظمات والمتطوعون إلى ابتكار حلول لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجين ويضيف هؤلاء المتطوعون يقومون بأدوار كبيرة وسط المجتمعات الفقيرة في ظل تجاهل الحكومة لمشاكلهم .

واجتاحت موجة برد قارسة الخرطوم، منذ نوفمبر/ تشرين ثان الماضي مما أصاب مظاهر الحياة فيها بالشلل التام في الليل، وزادت معاناة الأسر الفقيرة والمشردين، وسط توقعات هيئة الأرصاد الجوية بالسودان، باستمرار تدني درجات الحرارة خلال الأيام القادمة لأقل من 13 درجة مئوية