بالفيديو والصور.. مذبحة "شارلى إيبدو".. "داعش" تداعب مشاعر المتشددين حول العالم

تقارير وحوارات



أحمد الشيخ – عمرو شبراوى

هز أرجاء العاصمة الفرنسية باريس اليوم الأربعاء الإعتداء الذى شنه مسلحون تابعين لتنظيم داعش الإرهابى على مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة شارلى إيبدو التى أشتهرت بنشرها للرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والذى أسفر عن مقتل 12 بينهم 4 من أشهر رسامى الكاريكاتير بالصحيفة فى حين لم يتم ضبط الجناة حتى الأن.

وكان للحادث الإرهابى الذى لم تشهد مثله باريس منذ 40 عاما صدى واسع فى كافة عواصم العالم لما يمثله من تطور خطير فى سياسة التنظيم الأرهابى وهو ما اعتبره البعض بداية لسلسلة من الهجمات الإرهابية الخارجية التى تستهدف الدول الأوروبية وأمريكا، وتداعب مشاعر بعض المسلمين الذين أستاءوا من الرسومات التى دئبت الجريدة على نشرها متخذة من حرية الرأى والتعبير ستار لتشوية كل ما هو مقدس.

وروى شهود عيان من موقع الإعتداء أن ملثمين مسلحين شنا الهجوم الذي قتل فيه 12 شخصاً على الأقل، بينهم شرطيان، وسقط فيه عشرة جرحى، بينهم خسمة في حال الخطر، مؤكدين أن المهاجمين المزودين بأسلحة أوتوماتيكية وقاذفة صواريخ صرخا: تم الثأر للنبي ، وهما تمكنا لاحقاً من الفرار في سيارتين ومعهما رهينة بعد تبادل لإطلاق النار مع رجال الأمن.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند دعا إلى اجتماع طارئ للحكومة وتوجه إلى مقر شارلي ايبدو . ومن هناك وصف الهجوم بأنه إرهابي واعتداء على حرية التعبير. وحض على الوحدة الوطنية، وقال : نحن في أيام صعبة، نحن نواجه التهديد لأننا أمة حرة . وتحدث عن إحباط عشرات الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الأخيرة، متعهداً مراجعة الإجراءات الأمنية في البلاد وحماية مبادئ الجمهورية.

وقررت السلطات الفرنسية رفع درجة التأهب لمكافحة الإرهاب في باريس إلى أعلى مستوياته، وكذلك تشديد الإجراءات الأمنية حول دور العبادة والمتاجر الكبرى ومقرات المؤسسات الإعلامية ووسائل النقل.

داعش تغازل المتشددين

ولفت مراقبون إلى ان أختيار تنظيم داعش الإرهابى للصحيفة الفرنسية صاحبة المواقف المتشددة والمسيئة للإسلام والرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) فيه مداعبه لمشاعر المتشددين حول العالم من خلال القيام بدور المدافع عن نبى الإسلام.

وتعد شارلى إيبدو صحيفة اسبوعية ذات توجهات يسارية أُسست لتخلف صحيفة هارا كيري الأسبوعية التي تم حظرها بسبب محتواها الذي اعتبرته السلطات الفرنسية عدائيا للغاية حينئذ.

وكثيرا ما اضطر ممثلو الصحيفة إلى المثول أمام القضاء والمساءلة في المحاكم بسبب تهم تتعلق بقضايا التشهير، كما أنها أثارت نارا حقيقية بسبب نشرها الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عدة مناسبات.

وكانت الصحيفة مثار جدل في فبراير 2006 حين أعادت نشر اثنين من الرسوم الدانماركية المسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وهي رسوم كانت قد أدت إلى أعمال احتجاج كبيرة فى معظم دول العالم خصوصاً أوروبا وأمريكا.

وقدمت مجموعة من الجمعيات الإسلامية شكوى في المحكمة ضد الصحيفة بسبب هذه القضية التي باعت على إثرها حوالي نصف مليون نسخة وهو رقم أكثر بكثير من عدد نسخها المتداولة أسبوعيا الذي يتراوح بين 55 و75 ألف نسخة.

ولكن إحدى المحاكم الفرنسية انحازت إلى جانب الصحيفة، معتبرةً أن الرسوم الكاريكاتيرية استهدفت الإرهابيين وليس المسلمين.

وصدر عدد خاص من الصحيفة الفرنسية عام 2011 بعنوان الشريعة بعد فوز حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات التونسية وحصولها على أعلى عدد من الأصوات، وكتب ناشرو الصحيفة آنذاك عبارات مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بهذا الشأن بعد تصدير أسمه على الغلاف كرئيس لتحرير الطبعة.

وفي اليوم الذي تم فيه نشر إصدار الصحيفة هذا في أكشاك الجرائد تم تفجير مقر الجريدة في باريس، في حين تم شراء كل نسخ هذا العدد في غضون ساعات فقط ودافع السياسيون الفرنسيون عن حق صحيفة شارلي إيبدو في حرية التعبير .

وفي يناير 2013، نشرت الصحيفة إصدارا مؤلفا من 64 صفحة، ووصفت هذا العدد بأنه الجزء الأول لسلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية الصادمة التي تزعم أنها تصور حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وعلق رئيس تحرير الصحيفة ستيفان شاربونييه بمناسبة نشر هذا العدد، قائلاً إنه إذا أراد الناس الشعور بالصدمة فإنهم سيشعرون بالصدمة عند تصفح هذا الإصدار من الصحيفة.


الإسلام برئ

من جانبه أدان الأزهر الشريف الهجوم الإرهابى، وقال عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعى فيسبوك : الأزهر الشريف يدين الهجوم الإجرامي المسلح على مقر المجلة الفرنسية .

على الجانب الأخر ندد الفاتيكان اليوم بـ العنف المزدوج ، في الاعتداء على مقر الاسبوعية الفرنسية الساخرة شارلي ايبدو ، ضد العاملين في الصحيفة وحرية الصحافة على حد سواء.

واكد الاب سيرو بنديتيني نائب مدير مكتب الصحافة في الفاتيكان امام وسائل الاعلام تنديد الفاتيكان بالعنف ، اي اطلاق النار، و التنديد بالتعرض لحرية الصحافة المهمة بقدر اهمية الحرية الدينية .

اما يومية الفاتيكان اوسرفاتوري رومانو التي تصدر بعد الظهر، فقد عنونت صفحتها الاولى استراتيجية بربرية مشيرة الى ان شارلي ايبدو نشرت عبر تويتر قبل الهجوم بربع ساعة رسما كاريكاتوريا لأبوبكر البغدادي زعيم داعش .

واضافت: يبدو ان الاعتداء يقع ضمن اطار الانتقام المروع .

إدانات عالمية

من جانبها سارعت العديد من عواصم العالم بإدانة الحادث الإرهابى حيث أكدت الحكومة البريطانية على إدانة الهجوم وتأكيد مساندة فرنسا في مكافحة الإرهاب.

وأدان البيت الابيض اليوم بأشد العبارات الهجوم على مكاتب الصحيفة الفرنسية ، وقال جوش ارنست الناطق باسم الرئيس الاميركي باراك اوباما لشبكة ام اس ان بي سي ، ان كل البيت الأبيض يتضامن مع عائلات الذين قتلوا او جرحوا في هذا الهجوم .


وبعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسالة تعزية الى نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند يدين فيها بـ حزم الهجوم الإرهابي على الصحيفة الاسبوعية الساخرة شارلي ايبدو .

فى نفس الوقت أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الهجوم، وقالت إنه هجوم على حرية الصحافة والتعبير .

وأضافت ميركل، في بيان لها: هذا الفعل المقيت ليس هجوما على أرواح المواطنين الفرنسيين وأمنهم فحسب لكنه هجوم أيضا على حرية التعبير والصحافة وهما العنصران الأساسيان لثقافتنا الحرة الديموقراطية، لا يمكن تبريره بأي حال .

وعل الصعيد العربى والإسلامى أدانت المملكة العربية السعودية اليوم الهجوم على مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة. ونسبت وكالة الأنباء السعودية إلى مصدر مسؤول قوله إن المملكة تدين وتستنكر بشدة هذا العمل الإرهابي الجبان الذي يرفضه الدين الإسلامي الحنيف كما ترفضه بقية الأديان والمعتقدات .

أيضاً أدانت الحكومة الأردنية اليوم الهجوم الارهابي الذي استهدف الصحيفة الفرنسية ، وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني ان الحكومة الاردنية تستنكر الهجوم الارهابي الذي تعرض له مقر صحيفة شارلي ايبدو الاسبوعية في باريس، اليوم الاربعاء، وأودى بحياة 12 شخصا بينهم شرطيان، وجرح عشرة آخرين، أربعة منهم في حالة خطرة .



واوضح المومني، في تصريحاته التي اوردتها وكالة الانباء الاردنية الرسمية، ان هذا الهجوم الارهابي هو اعتداء على المبادئ والقيم السامية، كما انه اعتداء على فرنسا الصديقة ، مذكرا بـ العلاقات التاريخية والمميزة بين البلدين .

وقدم المومني باسم الحكومة الأردنية، التعازي الحارة للحكومة والشعب الفرنسي الصديق بضحايا الحادث الارهابي ، مشددا على تضامن الأردن مع الأصدقاء في مواجهة كل أشكال الارهاب .