بوابة الفجر

تفخيخ أطفال.. وتجنيد مجرمين.. وخلايا «نسائية»..ودهس فى الأعياد

حادث البطرسية
حادث البطرسية

لعام 2016 طبيعته الخاصة فى الإرهاب، ظواهر إرهابية جديدة ولدت، و«نقلة نوعية» مختلفة فى أساليب العمليات والتخطيط لها.. و«طفرات» هى الأكثر جنوناً ووحشية أيضاً فى التنفيذ.


1- تفخيخ الأطفال

قبيل ساعات فقط من دقات العام الجديد، فجرت امرأة انتحارية «تحمل طفلاً» نفسها، فى تجمع لقوات الشرطة فى دكا، عاصمة بنجلاديش، تلك المرأة لم تكن «داعشية»، كما لم تكن العملية برمتها من تخطيط تنظيم «داعش» المعروف بوحشيته، ولكن من تخطيط تنظيم «محلى» يحمل اسم «مجاهدى بنجلاديش».

نفس الحالة تكررت قبل أيام، ولكن فى سوريا، دفع أحد الإرهابيين ويدعى أبو نمر، بابنتيه فاطمة 10سنوات سنوات وإسلام 9 سنوات بعد تفخيخهما، لمقر الشرطة فى منطقة الميدان فى دمشق، لتنفجر الأولى، بينما تفشل الثانية فى تنفيذ، العملية التى سعى الأب الإرهابى لتوثيقها والترويج لها عبر فيديو يتم تداوله بكثافة على شبكات التواصل الاجتماعى.

صدم الجميع من سادية الإرهابى والد الطفلتين المفخختين وهو أمر طبيعى، أما مالم يلتفت إليه أحد، فهو أن «أبو نمر» ليس «داعشيا» أيضاً هو الآخر، ولكنه ينتمى إلى «جبهة النصرة» أى تنظيم «القاعدة» فى سوريا، ما يعنى أن «القاعدة بدأت فى استخدام الأطفال لأغراض إرهابية، وأن النمط الداعشى فى «تفخيخ» الأطفال تحول إلى «موضة إرهابية جديدة»، بعد أن أصابت الجميع «عدوى التوحش»، ولم تعد حكراً على أحد.

جماعة «بوكو حرام/ ولاية غرب إفريقيا الداعشية» تحقن انتحارياتها الصغيرات بمواد مخدرة، وتزامنت عملية طفلتى أبو النمر مع عملية مماثلة للتنظيم النيجيرى أسفرت عن مصرع 3 وإصابة 17 آخرين.

انتقل « تفخيخ الأطفال» إلى الغرب أيضاً، حيث أعلنت ألمانيا، فى نفس التوقيت، أنها ألقت القبض على أصغر إرهابى فى أوروبا، وهو صبى من أصل عراقى، حاول تفجير نفسه فى سوق لهدايا عيد الميلاد ببلدة لودفيجشافن، غرب ألمانيا.

كما أعلنت قوات الأمن فى بلجيكا، أنها ألقت القبض على 10 فتيات «قاصرات» كن يخططن لتنفيذ هجمات إرهابية هناك تزامناً مع احتفالات رأس السنة الميلادية، ما يعنى أن أوروبا التى لم تنجح حتى الآن فى السيطرة على خطر «الذئاب المنفردة» المتفاقم على أراضيها، بات عليها أيضا، أن تواجه خطر أطفال الخلافة «المفخخين».


2- الإرهاب النسائى

لا يمكن إغفال أن الاستعانة بالنساء فى عمليات إرهابية، بدأ مع مطلع الألفية الثانية،على يد أبو مصعب الزرقاوى فى العراق، و«الأرامل السود» الشيشانيات فى روسيا، كما ظهرت رائدات فى ذلك المجال فى الدول العربية وأوروبا، ثم بدأ داعش بتطوير ظاهرة الاستعانة بالنساء إلى شكلها المؤسسى داخل المعسكرات.

غير أن الظاهرة الخطيرة التى برزت بحلول عام 2016، هى أن العنصر النسائى أظهر «تألقاً» ملحوظاً فى عالم الإرهاب «خارج نطاق أراضى الخلافة»، بحيث ظهر الدور النسائى الميدانى «محورياً»، فى العمليات الإرهابية على الأرض، فى خلايا تفجيرات باريس وبروكسل وبلجيكا، ومذبحة كاليفورنيا وصولا إلى القاهرة.

كما أن الوقائع والأحداث كلها تبرهن أيضاً على أن الداعشيات اللواتى يندرجن فى الغالب تحت تصنيف «الذئاب المنفردة»، قد تحولن إلى خطر حقيقى وصداع مزمن فى رأس الغرب، تبرهن على ذلك مجموعة من الخلايا الجديدة تم الكشف عنها خلال الأسابيع الماضية تمتد من تركيا وباريس وصولا إلى ألمانيا وروسيا.


3- الإرهابى «الأعزل»

بكل حماسة وتحريض وجه أبو محمد العدنانى «منجنيق داعش» دعوته لجميع المسلمين فى أنحاء العالم، بشكل صريح وواضح، باستهداف من أسماهم بالصليبيين والكفرة والملحدين من رعايا دول التحالف الدولى التى تستهدف أراضى التنظيم، بالقتل، وبكل وسيلة «تقع عليها أيديهم».

فمن لم يتيسر له الحصول على السلاح أو المتفجرات، فـ«باستخدام عبوة صغيرة أو طلقة أو طعنة من سكين أودهس بسيارة مفخخة أو ضربة بحجر، أو الإلقاء من سطح عال» ، وذلك بعد أن أعلن العدنانى أوروبا «أرض جهاد».

الدعوة دشنت استراتيجية جديدة تماما فى عالم التنظيمات الإرهابية، وفى آليات عملها على الأرض، بحيث ترتكز على تحويل عنصر التنظيم، أو «الذئب المنفرد» نفسه، إلى سلاح للتدمير -فى حد ذاته- دون الاحتياج إلى إمكانيات، أو دعم لوجستى، أو تكلفة للحصول على سلاح أو متفجرات. وعلى ذلك شهد عام 2016، مجموعة من حوادث الاعتداءات من هذا النوع، فتلبية لنداء العدنانى، نفذ التونسى محمد لحويج بوهلال، «فاجعة نيس» حيث استهدف بشاحنة ضخمة، تسير بسرعة جنونية حشود الجماهير التى تحتفل بالعيد الوطنى لفرنسا «يوم الباستيل» فى 14 يوليو الماضى، قبل أن يترك وراءه 84 قتيلاً وخمسين جريحا يصارعون الموت.

الاستراتيجية نفسها سار عليها، «حرفياً» أنيس عماري» وهو تونسى آخر، فى تنفيذ عمليته الإرهابية المدوية هذا الأسبوع، مستخدما شاحنة أيضا لدهس 12 شخصاً فى سوق عيد الميلاد فى مدينة برلين، بخلاف الطالب الداعشى من أصل صومالى «عبدالرازق على 18 عاما»، الذى قام بدهس مجموعة من الطلبة فى جامعة أوهايو الأمريكية قبل أن يطعنهم بسكين قبل أن تتمكن الشرطة من قتله.


4- تجنيد المجرمين

لم تكن مفاجأة أيضاً بأى حال من الأحوال اكتشاف أن الداعشى، يونس العمارى منفذ هجوم برلين يحمل سجلاً جنائياً، وأنه سبق أن قضى عقوبة السجن بتهمة السطو المسلح.

على العكس تماماً يجسد العمارى فى ذلك نمطاً جديداً من الإرهابيين من ذوى الأصول «المغاربية»، ممن تسعى التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم «داعش» إلى تجنيدهم، خاصة داخل السجون، تحت تأثير شعورهم بالاضطهاد، والرغبة فى الثأر من المجتمعات الغربية التى تلفظهم وتحتقرهم وتدفعهم للجريمة.

فى مقابل التنظيم الذى يمنحهم فرصة «التطهر» ويحولهم إلى «أبطال» و«شهداء» و«قيادات»، ويوفر لهم ملاذاً آمنا ويفتح معهم صفحة جديدة، مآلها الجنة ورضاء الله.

فيما ظهر هؤلاء «المجرمون» كأبطال للعمليات الإرهابية الأخيرة التى شهدها عام 2016 خاصة فى أوروبا، وأظهرت علاقة وطيدة بين التنظيمات الإرهابية وعالم الجريمة المنظمة هناك، كما هو الحال فى أعضاء شبكة خلايا باريس وبروكسل.

فنجد أن كلاً من صلاح عبدالسلام وعبدالحميد أباعود وكذلك أيضاً الشقيقين خالد وإبراهيم البكراوى على سبيل المثال قد قضوا أحكاماً بالسجن فى تهم للسطو المسلح أو تجارة المخدرات.


5- ظواهر إرهابية مصرية فى 2016

تنفيذ العملية عبر «انتحارى» يقدم على تفجير نفسه، وضلوع امرأة كعضو رئيسى فى الخلية الإرهابية التى خططت ونفذت العملية، عنصران شكلا ظاهرة غير مألوفة و«نقلة نوعية» جديدة فى العمليات الإرهابية فى مصر.

شهدت عملية تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، «نقلة نوعية» واختلافاً عن النمط المعتاد عليه للعمليات الإرهابية، داخل مصر، وتحديداً فيما يتعلق بأن تنفيذ العملية تم عن طريق «انتحاري»، وهى ظاهرة غير مألوفة للإرهاب المصرى.

وشهدت العملية وجود امرأة «إرهابية» كعضو رئيسى، فى الخلية التى تولت تنفيذ العملية، على عكس المألوف فى الخلايا الإرهابية فى مصر أيضاً.

كما شهد عام 2016 فى مصر عدة ظواهر إرهابية أخرى، منها ظهور نمط جديد من التنظيمات الإرهابية مثل حسم ولواء الثورة، ممن تلجأ لاستخدام الأدبيات السياسية فى خطابها الإعلامى، فى محاولة لتمييز نفسها عن الصورة الذهنية للنمط المعتاد للجماعات الإرهابية الدينية التقليدية.

وظهور التنظيمات «الهجين» أو «المختلطة»التى تضم أكثر من عضو، بانتماءات تنظيمية، ومرجعيات فكرية مختلفة، حيث أثبتت التحقيقات تنقل انتحارى «البطرسية» مثلا بين عدد من التنظيمات المتناقضة التى تكفر بعضها البعض، كما هو أيضا فى حالة «خلية اللبينى» فى الهرم.