بوابة الفجر

رامى رشدى يكتب: «الأوقاف» تستولى على مقامات آل البيت و«القصبى» يرفع الراية البيضاء



فى أواخر شهر فبراير الماضى أصدر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، قراراً موجهاً إلى مديريات الأوقاف على مستوى الجمهورية جاء نصه: برجاء التكرم بموافاتنا بحصر شامل للمدافن والأضرحة غير الملحقة بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف، وعمل تقرير شامل ومفصل بحالتها، وفى حالة وجود أى تعديات تتم إزالتها وموافاتنا بما تم.

إلى هنا انتهى نص القرار الذى فسره عدد كبير من مشايخ ووكلاء الطرق الصوفية فى المحافظات بأنه تعد واضح على اختصاصاتهم التى كفلها لهم القانون ولائحة المشيخة العامة للطرق الصوفية، حيث يعنى قرار الوزير حصر المدافن والأضرحة التى ليست ملحقة بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف، أى التى ليست تحت سيطرته وتخضع للمشيخة طبقاً للقانون الصوفى.

ولا يصرف لأى ضريح غير تابع للأوقاف مرتبات أو عمالة خدمة مكلفة من قبل الوزارة، أما الأضرحة التى داخل مساجد الأوقاف فختضع للوزارة ويشرف وكيل المشيخة على الضريح الكائن بدائرته فقط، حيث تنص المادة الرابعة من القانون الصوفى ١١٨/١٩٧٦ على أنه تختص المشيخة العامة للطرق الصوفية بالإشراف التام على الأضرحة والزوايا التى ليس لها أوقاف أو مرتبات من وزارة الأوقاف والنظر فى الشئون الخاصة بها.

وكذلك تنص الفقرة ٩ من القانون الصوفى على أنه تختص المشيخة بتعيين مشايخ وخدم الأضرحة. وتنص الفقرة ١٠ على أنه «تختص المشيخة بإنشاء مكاتب تحفيظ للقرآن الكريم بالأضرحة والزوايا الصوفية.

وهو ما احتج به الصوفية على قرار الوزير غير المفهوم الهدف، وإن كان فى ظاهرة وباطنه هو تعدٍ واضح على القانون والمشيخة العامة للطرق الصوفية التى لم يبد شيخ مشايخها الدكتور عبد الهادى القبصى أى اعتراض عليه، بل لم يتجاوب مع غضب المشايخ رغم أن نص القرار على مكتب شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وتم إبلاغ المستشار القانونى للمشيخة محمود أبو الفيض به، كونه تحركا من الأوقاف ضد الطرق الصوفية، ووعد بالتدخل ولكن دون جدوى.

الأمر الذى اعتبره المشايخ بأن «القصبى» رفع الراية البيضاء أمام محاولات فرض السيطرة من قبل وزير الأوقاف على مقامات أهل البيت الأشراف والأولياء الصالحين واختراق صريح للقانون، وتلك الواقعة ليست الأولى فى حرب الأضرحة بين الطرفين، بل امتداد لتطورات وتعقيدات أزمات سابقة.

1- اتهامات لوزير الأوقاف بالتورط فى محو التراث الصوفى

دفع ذلك مشايخ الطرق الصوفية لفتح النار على وزير الأوقاف متهمة إياه بالتورط فى محو التراث الصوفى، وذلك من خلال تزايد حالات هدم الأضرحة فى العديد من المساجد، مما يعد ضربة للتيار الصوفى فى مصر.

خاصة أن هناك عدة مساجد تابعة للوزارة وكان بها مقامات ملحقة وعند هدم تلك المساجد وإعادة بنائها تم ذلك بدون هذه المقامات، مما جعل مشايخ الطرق الصوفية يطالبون بضرورة تشكيل لجنة من المشيخة تشرف على المساجد التى بها أضرحة فى جميع أنحاء الجمهورية لحمايتها من الهدم.

وهناك العديد من الوقائع التى أجبرت مشايخ الطرق الصوفية على اتخاذ قرار بإنشاء لجنة صوفية للإشراف على المساجد والزوايا التى بها أضرحة ومقامات، ومنها هدم ضريح «عبدالعال المغازى» جد الأشراف المغازية بمصر ولم يتحرك أحد لإعادة بناء الضريح، مع أنه تم بناء المسجد من جديد، وليست هذه الواقعة الوحيدة بل إن هناك العديد من الوقائع الأخرى مثل هدم ضريح سيدى الأربعين بالمعتمدية، ولم تقم الوزارة ببناء الضريح من جديد، وعلى ذلك فالأوقاف تحتاج إلى من يساندها فى الإشراف على الأضرحة الموجودة فى المساجد، لا أن تسلب الطرق الصوفية ما تبقى لها من أضرحة قائمة خارج المساجد.

2- لوبى متشدد بـ «الأوقاف» ينفذ مخططًا لهدم الأضرحة

واتهم عدد من مشايخ الطرق الصوفية وزارة الأوقاف بأنها تقود مخططاً لهدم أضرحة الصالحين فى مصر، وظهر ذلك بصورة كبيرة بعد هدم عدد من الأضرحة فى شتى بقاع مصر المحروسة. وأن الوزارة بها مجموعة من أصحاب الفكر السلفى المتشدد، الذين يعتنقون أفكارا ضد الصوفية ويرفضون فكرة وجود أضرحة فى المساجد أو خارجها، ولذلك يتم هدم ضريح كل فترة أثناء تجديدات المساجد، أو بقرارات من وزير الأوقاف.

3- استغلال مقامات الأولياء فى مشروعات خاصة بعلم الوزارة

قال جابر قاسم، وكيل الطرق الصوفية فى الإسكندرية، إن هناك عددًا كبيرًا من الأضرحة الخاصة بالطرق الصوفية تم هدمها واستغلالها فى مشروعات خاصة، ويتم ذلك بعلم وزارة الأوقاف التى تتغاضى عن التجاوزات التى تحدث بحق الأضرحة، لأنها تأخذ نسبة من أى مشروع يتم بناؤه على أرض الضريح، فضلًا على المصالح الأخرى التى تعود عليها من هدم الأضرحة وبناء عمائر سكنية أو مشروعات أخرى.

وأضاف أنه وعدداً كبيراً من مشايخ الطرق الصوفية فى محافظة الإسكندرية ناشدوا وزارة الأوقاف أكثر من مرة بشأن المخالفات التى تحدث بحق الأضرحة، لكنها كانت تتبع الصمت وتتجاهل الشكاوى، وكأنها بحسب قوله «ودن من طين وودن من حديد».

فى الإسكندرية حدثت واقعة مخالفة للقانون وبعلم من وزارة الأوقاف لمسجد كبير يسمى «نبى الله» وداخله يوجد ضريح «نبى الله دميان»، وعلى الرغم من ذلك تم هدمه وبناء برج سكنى كبير على أرضه الموجودة فى منطقة سكنية شهيرة بالإسكندرية، وهى شارع العطارين العمومى، والبرج تم تسكينه بالكامل، وكل أسرة دفعت مبالغ طائلة لأن المنطقة هادئة وراقية.

وأصدرت الأجهزة الأمنية قرارًا بهدم البرج خلال الشهور الماضية، وعلى الرغم من ذلك لم يتم تنفيذ القرار، والمسئول الأول والأخير عن هذه الأزمة هى وزارة الأوقاف لأن أرض المساجد والأضرحة أرض وقف.

كما أن هناك أضرحة كثيرة فى دمياط والمنصورة تم هدمها وبناء وحدات سكنية مكانها، وكل ذلك تم بتجاوز من العاملين فى وزارة الأوقاف.