بوابة الفجر

عادل حمودة يكتب: إلي جائزة نوبل : أدينوا جرائم آبي أحمد أو أستقيلوا !



لم لا نشعل وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الرسالة لإنقاذ أثيوبيا من الحرب الأهلية والإبادة الجماعية ؟ 

الحب نعمة من عند الله .. تأتي أو لا تأتي . 
والكراهية سرطان ينتشر في القلب يصعب علاجه أو السيطرة عليه .
بهذه الحقيقة لن نناقش آبي أحمد في مشاعره السوداء تجاه مصر والسودان . 
هو حر في حبه وحر في كرهه .
لن نفرض عليه حبا لا يريده وعاطفة لا يشعر بها .
لكن ما يحير تلك الكراهية الشرسة التي يفرضها علي شعبه إلي حد القتل الجماعي والتهجير القسري وحرق المنازل وإغتصاب النساء وأسر الفتيات وذبح الأطفال ونهب الثروات تشريد مليوني مواطن ؟ . 
بل أغرب ما فعل كان تدمير محطات الكهرباء في وقت يدعي فيه أن السد الذي يبنيه لتوليد الكهرباء . 
ولم يتردد في قتل الصحفيين والمعارضين والمطربين وأشهرهم المغني الثوري " هاشالو هونديسا " في يونيو الماضي .
لم أرتكب جرائم ضد الإنسانية في أقاليم تيجراي وأمهرة وشيوا بعد إقصاء رموزها السياسية عن السلطة لرفضهم الأنضمام إلي حزب " الأزدهار " الذي أوصله إلي رئاسة الحكومة .
لم أصبح سفاحا بعد شهور قليلة من حصوله علي جائزة نوبل للسلام يوم 10 ديسمبر 2019 في قاعة مدينة أسلو عاصمة النرويج وسط حفاوة دولية مرحبة بتكريمه ؟ .
كانت إرتيريا جزء من أثيوبيا ولكنها أستقلت عنها في 24 مايو 1993 ولكن أثيوبيا لم تقبل بالأمر الواقع ودخلت في حرب ضد أرتيريا ( قتل فيها 90 ألف شخص ) واستمرت خمس سنوات .
ما أن دخل آبي أحمد قصر الحكم العريق ( تالدق بيتا مينجيست ) حتي أعلن فض النزاع المزمن بين أثيوبيا وأرتيريا فاتجهت إليه جائزة نوبل للسلام حسب ما أعلنت رئيسة لجنة الجائزة رايس أندرسون .
لكن الحاكم الديمقراطي المسالم مع جيرانه لم يتردد في إعلان الحرب علي الناس في بلاده .
وما أن قبض علي مؤسس جبهة تحرير تيجراي " سبحت نجا " حتي سرب الرجل ( 86 سنة ) من سجنه رسالة إلي رايس أندرسون توصف بالرومانسية السياسة قال فيها :
" لسنا ضد الحب لكننا ضد الإغتصاب .. لسنا ضد الوصال ولكننا ضد القتال .. لسنا ضد السلام لكننا ضد اللئام .. إسحبوا الجائزة ممن لا يستحقها أو أستقيلوا أو أدفنوا أنفسكم في مقبرة من الرخام " .
نفس الرسالة تبناها " كيتيل ترونفول " أستاذ " دراسات السلام والصراع " في جامعة " بيوركنيس " ( أسلو ــ النرويج ) في مقال كتبه بحروف من نار ونشره في صحيفة " جاردين " البريطانية : 
" يتحمل أعضاء لجنة نوبل المسئولية المباشرة عن منح جائزة السلام لعام 2019 لآبي أحمد المتهم بشن الحرب في تيجراي وبالتالي يجب علي الأعضاء بشكل جماعي الاستقالة من مناصبهم المشرفة في لجنة نوبل " . 
" بررت اللجنة منح جائزة نوبل لرئيس الوزراء الأثيوبي " لجهوده الرامية إلي تحقيق السلام والتعاون الدوليين ولا سيما لمبادرته الحاسمة لحل النزاع الحدودي مع إريتريا المجاورة واليوم تتهم القوات الإرتيرية إلي جانب القوات الفيدرالية الأثيوبية ( قوات الحكومة المركزية ) بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فيما وصفه آبي أحمد بأنه " عملية لإنفاذ القانون " في تيجراي " .
أكثر من ذلك أستهان آبي أحمد بما يفعل قائلا : " إن الأمة التي في طريقها إلي الإزدهار ستشهد بضع " بقع خشنة " من شأنها أن تخلق " بثورا " . 
بتلك الكلمات قام آبي أحمد بتجميل الإبادة الجماعية التي أقدم عليها .  
بدات الحرب في خريف 2020 عندما اقتحم جنود يتبعون الحكومة الفيدرالية إلي جانب قوات إرترية إقليم تيجراي بهدف إعتقال الحكومة الإقليمية المنتخبة بتهمة التمرد . 
إنسحب زعماء جبهة تحرير تيجراي من العاصمة ميكيلي إلي الجبال مع كتائب جاهزة للقتال ليبدأوا الحرب التي لم يكن مفرا منها بعد أن سلب آبي أحمد استقلالهم المنصوص عليه في الدستور .
أنتقدت الولايات المتحدة آبي أحمد بسبب حملات التطهير العرقي المتصاعدة وكشفت العديد من المذابح ضد المدنيين واغتصبت النساء والفتيات بخطة منظمة لكسر الروح المعنوية ودمرت البنية التحتية وهدمت المستشفيات والجامعات والتجمعات السكنية . 
الأسوأ من الحجر البشر .
هناك 5.2 مليون إنسان ( 85 % من السكان ) يحتاجون لمساعدات غذائية تبقيهم علي قيد الحياة لكنها لا تصلهم من منظمات الإغاثة بسبب روتين الحكومة المركزية التي تترك جنودها ينهبون الكثير منها .
مئات الألوف معرضون لخطر الموت جوعا هذا الصيف .
ربما نري مرة أخري صور الموت الجماعي التي حدثت خلال سنوات الحرب الأهلية الأثيوبية في عام 1995 .
لكن بطريرك الكنيسة الأثيوبية الأب ماتياس يصف ما يحدث بأفعال " بالغة الوحشية " ورغم وضعه تحت إقامة جبرية في اديس أبابا فإنه يتهم آبي أحمد ــ في فيديو مصور ــ بأنه يبيد تيجراي إبادة جماعية .
علي أن الرأي القانوني النهائي سيكون لقضاة المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل .
أما اليوم فإن السؤال الصعب الذي يطرحه كيتيل ترونفول " :
ما هي مسئولية لجنة نوبل تجاه شخص يستخدم الجائزة لإضفاء الشرعية علي حرب الإبادة الجماعية ضد شعبه ؟ هل اجروا تقييما شاملا للمخاطر قبل منح الجائزة لرئيس الوزراء الحالي الذي لم ينتخب ديمقراطيا في دولة كانت دائما استبدادية ؟ " . 
يضيف ترونفول :
ــ بعد بدء الحرب تلقيت مكالمة هاتفية من مسئول أثيوبي رفيع المستوي قال فيها : " سأحمل لجنة نوبل دائما مسئولية تدمير بلادي .. بعد أن حصل آبي أحمد علي جائزة السلام أعتبر ذلك بمثابة اعتراف بسياسته .. وتصور أنه لن يسمع بعدها اعتراضات علي ما يرتكب من جرائم .. ولم يهتم بتقدير حجم مخاطر إعادة مركزية السلطة في أثيوبيا " .
يستطرد ترونفول : 
" كان هناك انتقادات دولية لترشيح آبي أحمد وتجاهل اللجنة لجرائمه ضد الإنسانية التي ارتكبتها قواته العسكرية .. بقيت اللجنة صامتة .. رفضت مناقشة عملية التحكيم بعد أن قرر آبي أحمد تأجيل انتخابات 2020 إلي أجل غير مسمي .. بل خرجت للدفاع عنه " .
" اليوم لايزال أعضاء اللجنة مصممين علي عدم مناقشة تقييمهم الأصلي " . 
" بالقطع لا تسحب جائزة منحت لشخص ما حسب القواعد المستقرة ولكن كيف يمكن للجنة إذا ما رغبت أن تعرب عن إدانتها للحرب الأهلية والمذابح العرقية والإبادة الجماعية وغيرها من السياسات الدموية التي يواصل أرتكبها آبي أحمد بسادية مفرطة ؟ " .
" علي اللجنة أن تستقيل تاركة للبرلمان النرويجي اختيار لجنة أخري " . 
" لو حدث ذلك سينظر إلي الاستقالة علي أنها تحمل مسئولية عن الخطأ وعلي أنها احتجاج ضد الحرب أيضا " .
" في الوقت نفسه يجب علي معهد نوبل رفع مستوي خبرته وإجراء تقييمات شاملة للمخاطر وتحليل النزعات ذات الصلة التي تستند إليها الجوائز " .
" يبدو واضحا أن الإجراءات المتبعة لم تكن كافية عند منح الجائزة إلي آبي أحمد " . 
" عند تعيين لجنة جديدة يجب علي الأحزاب السياسية النرويجية التخلي عن تقليد لترشيح السياسيين المتقاعدين لعضوية اللجنة فهم في الحقيقة لا يتابعون التغييرات اليومية التي تحدث في العالم كما لا يتاح لهم معرفة عمق الصراعات وطبيعة الشخصيات التي تتسبب فيها " .
" يجب أن تضم اللجنة شخصيات دولية لديها خبرة كافية في الحرب والسلم والقانون الدولي وحقوق الإنسان " .
" أسم نوبل يتمتع بثقل دولي يجب أن تحميه لجنة ذات قدرات عالمية " .
أنتهت المقالة التي أحدثت دويا هائلا أيقظ ضمائر نائمة وأطلقت ألسنة صامتة وفجرت أسئلة محرجة : لم يسكت العالم عن ما يحدث في أثيوبيا ؟ أين الاتحاد الافريقي ؟ هل لدغته حشرة " التيسي تيسي " فراح في سبات عميق ؟ هل تغني المساعدات الإنسانية الأمريكية عن الإدنة السياسية ؟ .
والأهم : لم لا تستقيل لجنة نوبل حتي تفقد الجائزة التي حصل عليها آبي أحمد قيمتها إذا كانت القواعد تمنع سحبها ؟ .
لم لا تضغط الـ " سوشيل ميديا " علي اللجنة كي تستقيل أو تطالب البرلمان النرويجي باختيار لجنة أخري ؟ .
والأكثر أهمية : لم لا نبدأ بأنفسنا ؟ .
لنكتب ملايين الرسائل علي وسائل التواصل الاجتماعي باللغة التي نعرفها إلي لجنة جائزة نوبل تحت شعار : " أدينوا أو أستقيلوا " . 
لو بدأنا بانفسنا سيتبعنا العالم .
جربوا .
لن نخسر شيئا .