بوابة الفجر

منال لاشين تكتب: شيوخ الغبرة والاغتصاب الزوجى



لم يجد جهلاء الإسلام ومدعو المشيخة أى حرج فى توجيه أصابع الاتهام إلى الناشطات والجمعيات النسائية بإفساد المؤمنات، وتخريب الأسرة والقيم.. وكل التهم تقريبًا بما فى ذلك انتشار وتحور كورونا، وقامت الدنيا ولم تقعد بسبب تجرأ بعض النساء على فتح ملف الاغتصاب الزوجى.. واعتبرها شيوخ الغبرة داء غربيًا أجنبيًا غريبًا عن مجتمعنا الإسلامى.

ولكل شيوخ الغبرة وجهلاء الدين الإسلامى أسوق إليهم بعض القيم الإسلامية من خلال القرآن والسنة.

بداية فإن قضية أو عار الاغتصاب الزوجى ليست بدعة على غرار.. كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار.

فقد حرص الرسول الكريم على وضع أسس للعلاقة الحميمية بين الزوجين، وترك لنا من سنته قواعد وأصولاً للزوج.. فأمر الرجل أن يقدم لنفسه.. أى يداعب ويلاطف زوجته، ولا يقلد البهائم فى معاشرتها لبعضها البعض.

ومن البديهى والمنطقى أن التقديم لا يقع أو يصح مع إجبار الزوجة على العلاقة، وهو ما يعرف حديثا بالاغتصاب الزوجى.

الأمر الآخر أن لدى المسلمين دليل هادى فى قصة امرأة عاصرت الرسول الكريم، وسمعها الله من فوق سبع سماوات ولذلك نجد قصتها فى القرآن الكريم.

السيدة هى خولة بنت ثعلبة وهى زوجة الصحابى أوس بن الصامت، والزوجة من أفصح نساء العرب، والزوج شارك الرسول فى معظم الغزاوات.

إذن نحن أمام أسرة مسلمة من عهد الرسول.

وذات يوم أنهت خولة وضوءها وهمت أن تبدأ بالصلاة حين عاد زوجها الصحابى من الخارج، وطلب أن يمارسا العلاقة الحميمية بين الزوجين فى الحال، فأصرت خولة على الصلاة أولا، وأشتعل بينهما الخلاف، فلم يلجأ الصحابى إلى إجبار أو اغتصاب زوجته، ولكنه قال لها إنها (عليه كظهر أمه) إذا أصرت على الصلاة وعدم تنفيذ رغبته فورًا.فما كان من خولة إلا أن أدت صلاتها، وكان قسم «أنت علىّ كظهر أمى» أشد من الطلاق، لأن الزوج يمكن أن يطلق زوجته ثم يتزوجها مرة أخرى، أما هذا القسم السابق على الإسلام فكان يؤدى للتحريم المطلق.

وذهبت خولة إلى الرسول الكريم تشكو وتبكى وتطلب حلا لمشكلتها، وقالت له بلغتنا هذه الأيام: أن زوجها خذها لحم ورماها عظم وأن لها أولادا صغارا إذا ضمتهم لها جاعوا، وإذا تركتهم لزوجها ضاعوا، واستمرت فى بكائها وشكواها حتى غشى الرسول (وهذه الغشية كانت مرتبطة بنزول الوحى) وتركها الرسول وانفرد بنفسه وجاءه الوحى، فعاد لخولة، وبشرها بأن الله سبحانه وتعالى سمع شكواها من سبع سماوات وأنزل آيات حلاً لأزمتها (الآيات الأولى من سورة المجادلة) حيث انتهت حكاية التحريم بقسم (أنت علىّ كظهر أمى) تماما.

وحكاية خولة موجودة فى الكثير من الكتب والمراجع الإسلامية، وتخلو كل الروايات والكتب من أى إشارة لعتاب أو غضب من الرسول لأن خولة رفضت تلبية رغبة زوجها الفورية.

ولذلك أحب أن أقول لكل شيوخ الغبرة أخرسوا، فقد نهى الإسلام منذ أربعة عشر قرنا عن إجبار الزوجة على العلاقة الحميمية أو الاغتصاب الزوجى.

يا شيوخ الغبرة اكتموا فأنتم عار على الإسلام وخطر على المسلمين.