بوابة الفجر

مصطفى سعداوي يكتب: في شيرين قصة وقدوة وتمني

مصطفى سعداوي
مصطفى سعداوي

مع نهاية عام 2021 كانت قرية أبورجوان القبلي التابعة لمركز البدرشين، جنوب محافظة الجيزة، على موعد مع حدث استثنائي، بعد فوز ابنة القرية شيرين بدوي، بالمركز الأول عالميا في حفظ القرآن الكريم من بين 47 دولة في المسابقة العالمية التي نظمتها وزارة الأوقاف، ليهل علينا عام 2022، ومعه الاحتفالات التي لاتزال متواصلة حتى اليوم.

هذا الفوز كان له صداه، بعدما أقيم حفلان كبيران بالقرية لتكريم الفائزة، كان من بينهما الحفل الأخير، الذي أقيم تحت زخات المطر، والذي أحيط بالزغاريد من الأهالي كما أحيط بالأمنيات.. تمنى كل أب أن يرى ابنته مثل شيرين تفوز وتكرم وتعلو في منازل العلم والقرآن الكريم.

حين بدأت شيرين كلمتها وهي تشكر والديها، وتعلن امتنانها لدار عاصم التي نشأت بين جدرانها، وتبنت نبوغها، وأثنت على المعلمة الفاضلة التي تتلمذت على يديها ثم عائلتها.. هنا كانت صورة مختلفة، التقطت عيناي مشهدًا لن أنساه مادمت حيًا، حينما رأيت بعض أجدادها وعيونهم تلمع ومنهم من لم يتمالك نفسه وغلبت عليه الدموع، احتراما ووقارًا وخشوعًا لهذا المشهد المهيب الذي اقشعرت له الأبدان.

كانت السماء تمطر وقتها كأنه إشعار احتفال، حينما اصطف الرجال يمينًا ويسارًا، ومرت شيرين وسط الجموع ملكة متوجة تحت زخات المطر في ذلك الممر الشرفي، دخلت “شيرين” الصغيرة السن خفيفة الوزن ثقيلة العلم بما حملت في صدرها من نور الوحي الذي أنزل على خير العالمين.

وبخطوات ثابتة اتسمت بالثقة والهدوء، صعدت (حاملة القرآن ) المنصة حتى تربعت على عرشها الذي ارتفع فوق كل المقاعد، بأفضال وفضائل الكتاب المبين.

قلوب في المنازل تعلقت واحتفت واهتمت بكل ما نشر عن الصغيرة، وتابعت كيف احتفى أهل قريتها بها، ماذا نُشر عن شيرين، كيف كان حفلها، وماهو رد فعل مشايخها ومحفظيها وأسرتها؟.

شغف المنازل لم تمنعه جدرانها الإسمنتية الحصينة، ليخترقها بقوة ويقتحم منصات التواصل الاجتماعي، في مظاهرات فرحة وبهجة  وتمني.. ومشاعر اختلطت بين الحب والرجاء، فالحب كان لشرين، أما الرجاء، بأن يصل أبنائهم لما وصلت إليه تلك الفتاة التي لم تتجاوز اثنى عشر عامًا.

القرآن يرفع ويرفع ويرفع ويشرف.. في شيرين آية وذكرى.. كيف استطاعت هذه البريئة الصغيرة عمرًا، العالية مقامًا أن تأسر قلوب أهل قريتها الذين تجاوز عددهم أكثر من مائة ألف أو يزيدون.

في شيرين قصة وقدوة، بل قصص مجيدة، كم منا تمنى أن يكون أولاده مثل شيرين؟.. الأولى على العالم في تجويد وتلاوة القرآن الكريم من بين 47 دولة.

صاحبة الـ12 عاماً بنت قرية أبورجوان القبلي بمركز البدرشين جنوب محافظة الجيزة

شيرين محمد عبدالله أمين عبدالحليم عبدالعال بدوي

الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأقاف يكرم شيرين بدوي الأولى عالميا في مسابقة القرآن الكريم