بوابة الفجر

د. رشا سمير تكتب: نساء النيل على خارطة العالم

د. رشا سمير
د. رشا سمير

فى شهر الربيع تورق النساء على أفنان الزهور التى تتفتح بالأمل والسعادة.. شهر مارس هو بداية فصل الربيع، والربيع هو عنوان الرونق والجمال.. هكذا قرر العالم أن يمنح هذا الشهر عنوانا مختلفا.. لكنه عنوان جدير بالتسمية.. شهر المرأة..

يوم أصبح ٨ مارس هو يوم المرأة العالمى.. واختارت مصر من بعده أن يصبح يوم ١٦ مارس هو يوم المرأة المصرية.. ولا يزال عيد الأم فى ٢١ مارس هو الاحتفالية النسائية الأهم فى هذا الشهر.. هكذا ارتدى شهر مارس ألوان النساء وروى قصصهن ليشهد العالم على أيقونات مصرية وعربية وعالمية من سيدات عظيمات رسمن وجه التاريخ بالتاء المربوطة.

أنا هنا لا أوجه كلامى إلى السيدات المصريات اللائى يعتلين الساحة والمشهد الاجتماعى فقط، بل أوجهه إلى الأم المصرية العظيمة، والسيدة المصرية التى تفترش الرصيف لتبيع الخضراوات والأم البسيطة التى ترملت وعاشت من أجل أبنائها، والزوجة التى تعول أسرة بكاملها وتحمل على عاتقها مصير أبنائها..

أنا هنا لا أنحنى فقط أمام نفس الوجوه القديمة، والنساء اللواتى يظهرن على الشاشات ويعتلين المنابر.. أنا أخص بالذكر السيدات العظيمات اللاتى يتوارين خلف الأضواء.. اللاتى يحملن المجتمع المصرى على أكتافهن.. هؤلاء ممن ربين وعملن وعلمن وأخرجن أجيالا من الشباب اليافع.

إنه احتفال بالمرأة الكادحة، المرأة التى نجحت وتفوقت ليس فقط بالمركز الاجتماعى والمالى ولكن بالمركز الإنسانى فى المقام الأول..

المرأة المصرية صاحبة تاريخ مشرف منذ القدم، طبيبات وجنديات وقائدات طائرات وعالمات وصاحبات أقلام..

يوم ظهرت هدى شعراوى لتصبح أيقونة نسائية.. وعضوا مؤثرا فى المجتمع المصرى، أصبحت رمزا لحركة نسائية مهمة غيرت وجه مصر.

كما ارتبط يوم اسم درية شفيق بحصول النساء المصريات على حق الانتخاب عام ١٩٥٦، والمظاهرة التى قامت بها النساء المصريات أمام البرلمان يوم ١٩ فبراير عام ١٩٥١ والإضراب الشهير عن الطعام اللائى قمن به فى ١٢ مارس عام ١٩٥٤.

إنها تواريخ كانت وستظل محفورة فى ذاكرة التاريخ، لأنها فتحت أبوابا أمام نساء مصر بل والدول العربية اللائى اقتدين بنساء مصر طويلا، وسرن فى نفس الطريق بعد أعوام بعيدة لأنهن لم يجرؤن فى هذا الوقت القيام بمثل هذه الحركات النسوية..

وكما كانت ولازالت مصر رائدة المنطقة العربية، كانت النساء المصريات رائدات ونماذج ملهمة لنساء المنطقة العربية بأكملها.

الشىء الجلى أن التعليم فى ذلك الوقت كان نقطة محورية فى تشكيل الشخصية المصرية النسوية.. وسيظل التعليم هو المفتاح فقط لو أدركنا ذلك.

وهذا يتضح فى كلمات كتبنها مارى أسعد، وعايدة الجندى وعزيزة حسين:

(نشأنا كنساء فى أسر مصرية، مسلمة ومسيحية، فى أعقاب مظاهرات ثورة ١٩١٩ وشاهدنا الحركة النسائية فى مصر على مدى القرن العشرين واشتركنا فيها، وثلاثتنا صديقات منذ الصغر، كنا طالبات فى نفس المدرسة الأمريكية للبنات (كلية رمسيس الآن) ثم انتقلنا سويا إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وانغمسنا فى العمل بمجال التنمية الذى جمع بيننا وكان سببا فى استمرار علاقتنا).

ولازالت الدعوة اليوم وكل يوم هى أن تركز الدولة جهودها فى أهم منطقة قادرة على إحياء المستقبل وهى تعليم المرأة وتمكينها من صنع القرار والارتقاء فى مختلف المجالات بالعلم والثقافة.. رائدات النيل كن سيدات واسعات الثقافة متعلمات تعليما جيدا فاستطعن أن يحاربن من أجل نيل حقوقهن..

التعليم يجب أن يصل لأقصى قرية بالصعيد والريف ويجب أن يُفرض على الأسر المصرية تعليم بناتهن لتوسيع مداركهن بالقانون..

النساء المصريات الرائدات حاربن ووقفن ضد الاستعمار وعملن مع الهلال الأحمر ليؤازرن الجنود فى الحرب.. ولم يحظن بمباركة المجتمع بسهولة، ولكنهن فى النهاية انتصرن وتركن إرثا من الفخر والعزة..

تحية لكل امرأة مصرية من الرائدات استطاعت أن تقف وتتحدى وتحارب من أجل حريتها..

تحية لكل امرأة مصرية افترشت الرصيف ونامت وهى تحتضن أبناءها لتقيهم برد الشتاء..

وتحية لكل امرأة مصرية عرفت بالفِترة أنها نصف المجتمع وصنعت تاريخا بعيد عن الأضواء..

هؤلاء جميعا يستحقن التكريم..

إلى كل امرأة مصرية فى يوم المرأة العالمى ويوم المرأة المصرية، ألف وردة وكل التقدير.

كل عام ونساء العالم متحققات وقادرات على التحدى.