بوابة الفجر

عصابة انتحال صفة الأطباء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

القبض على أكثر من ١٠ أشخاص خلال ٤ أشهر

وكيل نقابة الأطباء: يعتمدون على «الروشتة الموحدة» واكتشافهم فى المستشفيات الحكومية أصعب

انتشرت جرائم انتحال صفة طبيب خلال الفترة الماضية، حيث تم الكشف العديد من القضايا التى وقع فيها مواطنون ضحية وصفات دوائية كادت تودى بحياتهم بشكل مؤكد، فهل تحولت وظيفة «طبيب» مهنة لا مهنة له؟

ومن خلال رصد لوقائع القبض على منتحلى صفة طبيب خلال الـ ٥ أشهر الماضية، يتبين أن عددًا من منتحلى الصفة الذين مارسوا مهنة الطب فى جميع التخصصات لسنوات عديدة، فى عياداتهم الخاصة والمستشفيات الحكومية دون رقابة، تجاوز الـ ١٠ أشخاص، ورغم أن العقوبة تصل إلى ١٠ سنوات حبس، ألا أن مسلسل انتحال صفة طبيب لا يزال مستمرًا.

وبحسب نص قانون مزاولة مهنة الطب رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ وتعديلاته: «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد عن مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا».

الوقائع عديدة، ومنها على سبيل المثال إلقاء القبض على مسجل قام بانتحال صفة طبيب بشرى فى محافظة الجيزة، مستخدمًا مستندات مزورة، وذلك بعد فشله فى الحصول على شهادة بكالوريوس الطب من إحدى الجامعات الخاصة، وحتى لا يكتشف أمره قام بتزوير ٢٠ تقريرًا طبيًا منسوبًا لمستشفيات مختلفة.

فيما أعلنت محافظة الدقهلية بمدينة السنبلاوين القبض على مسجل منتحل صفة طبيب نفسى يدير مركزًا يدعى «إنجاز للطب النفسى وعلاج الإدمان»، ويعمل فى مركز لأكثر من ٣ سنوات ويقوم بعلاج مدمنى المخدرات باتباع طرق غير علمية أو صحيحة، معتمدًا على تجربته السابقة فى علاجه شخصيًا من الإدمان قبل ٧ سنوات، ومعرفة أنواع الأدوية المخصصة للعلاج.

وفى منطقة الأميرية بالقاهرة، تمكنت المباحث من القبض على مسجل خطر ينتحل صفة طبيب بشرى قام بإجراء عمليات جراحية للمرضى مقابل مبالغ مالية، وإنشاء حساب عبر موقع «فيس بوك» لمزاولة نشاطه، والترويج للعمليات التى يقوم بها، ما بين استئصال المرارة والزائدة الدودية وتكميم المعدة، ويمتلك الأدوات الطبية اللازمة لذلك ومواد مطهرة ومخدر موضعى.

وفى مستشفى فرشوط المركزى بمحافظة قنا، انتحل طالب بكلية الآداب قسم جغرافيا صفة طبيب ووقع الكشف على المرضى من بينهم نساء وأطفال ويقوم بكتابة وصفات طبية لهم حيث مارس المهنة كأى طبيب بشرى تحت التمرين دون أوراق تثبت أنه مقيد لدى أى كليات الطب بالجامعات المصرية، حيث ظل ٥ سنوات يمارس المهنة فى أكثر من مستشفى حكومى، بدأ عمله الطبى بمستشفى دشنا عام ٢٠١٧، وكان يحمل بطاقة طالب بكلية طب جامعة عين شمس، وافتتح عيادة فى نجع حمادى لأمراض النساء والتوليد.

وبمحافظة الغربية بمدينة طنطا، ضبطت أجهزة وزارة الداخلية أحد الأشخاص بسبب انتحاله صفة طبيب وإنشاء حساب على موقع «فيس بوك» للإعلان عن قدرته على إجراء عمليات جراحية، ومن خلال التحريات وجد أنه مسجل ومطلوب التنفيذ عليه فى عدة قضايا، ولكنه نجح فى إيهام المرضى أنه طبيب بشرى يقوم بعمل عمليات.

وفى محافظة سوهاج قام فنى زراعى بانتحال صفة طبيب وفتح عيادة طبية لِممارسة ومزاولة النشاط الطبى، حيث يقوم بإجراء عمليات جراحية للمرضى وكشف عليهم بعدما قام بشراء أدوات الجراحة والمعقمات وأجهزة قياس ضغط وسكر وسماعات للكشف على المرضى المترددين على العيادة.

بالإضافة إلى افتضاح أمر سيدة انتحلت صفة طبيبة ومزاولة مهنة الطب البشرى دون ترخيص وتزوير كارنيه منسوب صدوره لمستشفى سوهاج الجامعى.

فيما قام شاب فى محافظة الإسكندرية بتزوير كارنيه طبى منسوب لنقابة الأطباء وفتح عيادة لإجراء عمليات مخ وأعصاب بعدما كان يعمل «تمرجي» لدى إحدى العيادات الخاصة المتخصصة فى المخ والأعصاب وترويج لنفسه عبر وسائل التواصل الاجتماعى عبر إعلانات ممولة، لجذب أكبر قدر من المرضى.

توضح د. ميرفت عبد الله، وكيل نقابة الأطباء سابقًا، أن زيادة عدد العيادات الخاصة فى مصر وتوظيف أى شخص بها تسبب فى تفاقم الظاهرة، وأوضحت أن أغلب منتحلى صفة الأطباء كانوا يعملون فى مجال الطب عبر عيادات خاصة كعمال نظافة أو حسابات، أو تمرجية، ومن خلال ذلك ظنوا أنهم اكتسبوا الخبرة اللازمة لفتح عيادات خاصة بهم، وتزوير شهادات وكارنيهات طبية.

وتابعت: منتحل صفة الأطباء يعتمدون على كتابة روشتة موحدة للمرضى، تشمل مضادات حيوية وخافض للحرارة وبعض الأدوية المعروفة، مشيرة إلى ضرورة تكثيف الحملات على العيادات من قبل إدارة العلاج الحر، قائلة: أعرف منتحل صفة طبيب فتح عيادة فى كفر الشيخ، وبعد القبض عليه وافتضاح أمره، عاد لمزاولة المهنة مرة أخرى فى إحدى قرى الفيوم».

وأضافت أن نقابة الأطباء ليست جهة تنفيذية، وينحصر دورها فى التفتيش على اللافتات الإعلانية الخاصة بالأطباء وأيضًا إعلانات الفيسبوك والقنوات الفضائية التى تبث تحت «بير السلم» لتلقى الضوء على المشكلة فقط.

وأشارت إلى أن منتحلى صفة الأطباء الذين يعملون فى المستشفيات الحكومية أصعب الحالات التى يمكن اكتشاف أمرها، نظرًا لتزوير شهادات وكارنيهات وتقديمها للمستشفى على أنه طبيب امتياز ثم يبدأ فى ممارسة الطب، ويتم اكتشاف ذلك عن طريق الصدفة.

ونوه دكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن قطاع العلاج الحر لديهم مشكلة فى عدد العاملين به، ما يجعل عملية التفتيش على العيادات قليلة نسبيًا، رغم كون قطاع العلاج الحر الجهة المنوطة بالضبطية القضائية على منتحلى ومزورى صفة أطباء..

وتابع: يمكن لأى شخص تزوير شهادات وكارنيهات منسوبة لنقابة الأطباء، وفتح عيادة فى أى مكان ومزاولة المهنة دون اكتشاف حقيقته بسبب عدم وجود تفتيش دورى من إدارة العلاج الحر، أو وزارة الصحة، أو المحليات على العيادات الجديدة التى يتم افتتاحها، مضيفًا أن نقابة الأطباء توفر خدمة الاستعلام عن الأطباء وتخصصهم، ودرجتهم العلمية.

وشدد على ضرورة العمل على تشريعات جديدة تغلظ العقوبة، موضحًا أن أغلب الذين تم القبض عليهم من منتحلى صفة الأطباء خرجوا دون إجراءات عقابية رادعة، واستكملوا مزاولة المهنة فى محافظات أخرى بأسماء جديدة.