بوابة الفجر

المسافات ضرورة.. كيف نسعى نحو الارتقاء السلوكي

بوابة الفجر

أعلنت وزارة الصحة والسكان، عن عدد من المعلومات الخطيرة حول جدري القرود، الذي تم اكتشاف أول حال مصابة به في مصر الأسبوع الجاري، وأعلنت عن أعراضه، وضرورة التزام التباعد وترك مسافة بين كل شخص وآخر، كما توصي دائمًا منذ العام 2020 وتفشي فيروس كورنا (COVID 19)؛ وذلك من أجل تجنب الأخطار.
وبالتطبيق على كل مناحي الحياة من حق كل إنسان أن يلتزم بمساحة شخصية، في حياته ايضًا، فالمساحة الشخصية أو ترك مسافة تعد ضمان للخصوصية، والتصرف دون شعور بالحرج.


مواقف يومية


تتعدد المواقف اليومية داخل مجتمعنا نحن المصريون، ففي كثير من الاماكن نضطر أن يحتمل بعضنا الآخر، فلا نكترث كثيرًا للازدحام، بل نسايره حتى تنقضي المصالح، ولا تتعطل.
ففي وسائل المواصلات العامَّة، وبعض المصالح الحكومية بالرغم من تطبيق المنظومة الرقمية، لازال الاردحام يمثل خطرًا على صحة المواطن، وربما تؤدي إلى إيذائه جسمانيًا، وأحيانًا نفسيًا..
الكثير يتضرر، مثلًا الفتيات داخل مواصلات عامة اللواتي يتعرضن لما لا يرضيهن من تحرش جسدي أو ربما تلامس عن غير قصد، وحين تشكو تتلقى ردًّا سريعًا "اركبي تاكسي"، شاب يستعد لمقابلة شخصية يخشى أن تهترئ ملابسه، أطفال قد يتيهون أو يتعرضوا للاختفاء، كلها مواقف ربما تتسبب بها عدم الالتزام بترك مسافة أو مساحة شخصية لكل فرد، وقد يشعر بعدها بعدم الآدمية فلا يكترث للأذواق فيتحوَّل المجتمع إلى نطاق متغير عن الذي نعرفه أو تربينا فيه. 


علم النفس الاجتماعي 


وفي علم النفس الاجتماعي، يشير المختصون إلى ضرورة وجود مساحة شخصية ومسافة آمنة بين كل فرد وآخر، ولا يشترطون قدرًا معينًا، ولكن يتركون هذه المسافة تبعًا لتقدير كل شخص وكل مجتمع، وحسب البيئة المتواجد فيها الأشخاص. 
فالمساحة الشخصية أو ما يطلقون عليه بالإنجليزية "personal space" تعد المجال المادي المحيط بكل فرد والتي تعتبر إطارًا شخصيا. فيؤكدون أن أي محاولة لاقتحام حدود هذه المساحة أو المسافة تعد نوعًا من أنواع التطفل فهي المسافة الآمنة بين الأشخاص.
في عام "1983" نشر مجلة "Journal of Nonverbal Behavior" المختصة بعلم النفس أن المساحة الشخصية التي يمكن تقديرها علميًا أكبر من المساحة الشخصية الموضوعية أو الحقيقية التي يتعامل بها الأفراد داخل المجتمعات. بل وقد يتعدى الأمر حدود المسافات المكانية إذ أنه يكون مُعتَقدًا لدى الكثيرين أنَّهم لم يكونوا اقتحموا أساسًا الحياة الشخصيىة لدى غيرهم من الأبناء والأقران..، إلخ.

 


ضرورة وليست غاية


في مجتمعنا يجب الاتزام بترك مسافة آمنة تسمح للغير أن يكون مستعدًا لحركة أو سلوك دون تقييد، فيكون ذلك سبيلًا للارتقاء المجتمعي الذي تسعى إليه كل الأمم.
وفي الذكر الحكيم يوصينا الله تعالى بسورة المجادلة الآية "11": " ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ".