بوابة الفجر

صرخة مرضى القوقعة الإلكترونية للأذن: الحقونا

بوابة الفجر

هل تخيلت يومًا ما أنك تعيش فى عالم مليئ بأشخاص ليس لديك القدرة على سماعهم ويجب عليك التنقل فى الحياة اليومية باستخدام لغة الإشارة لمساعدتك على التواصل مع الآخرين؟، ما سبق مجرد نبذة عن معاناة مرضى القوقعة الإلكترونية للأذن خاصة الأطفال منهم الذين ينشأون فى عالم خال من الأصوات متسائلين دومًا عن الأحداث الصامتة المتحركة المحيطة بهم فيؤثر ذلك على نموهم الذهنى والعاطفى لعدم قدرتهم على التفاعل مع الأشخاص حولهم لافتقادهم أهم عنصر من عناصر التفاعل وهو «اللغة» حتى وإذا حالفهم الحظ واستطاع القليل منهم إجراء عملية زراعة القوقعة والتى تتطلب ملايين الجنيهات لإجرائها يظل أمامهم عدة عوائق متمثلة فى جلسات التخاطب وتنمية المهارات والتى تتعدى الجلسة الواحدة منها ٢٥٠ جنيهًا، أيضًا صعوبة الحصول على قطع غيار الجهاز والتى تُباع بأسعار باهظة نتيجة استيرادها من الخارج مما يسبب عبئًا على أهالى هؤلاء الأطفال.

«الفجر» تواصلت مع أهالى الأطفال مرضى القوقعة الإلكترونية للأذن لبحث معاناتهم ومتطالبتهم، فقال سامح زينهم عن مأساة ابنته «جنى» البالغة من العمر ١١ عامًا: «فقدت ابنتى حاسة السمع منذ أن كان عمرها عامين، فوجئنا فى يوم وليلة بعدم تجاوبها معنا فأسرعنا إلى الأطباء الذين أكدوا أنها فقدت حاسة السمع ولا بد من زرع قوقعة إلكترونية لها، وأجرينا عملية زرع القوقعة على نفقة الدولة لعدم قدرتنا المالية على تحمل تكاليف العملية، اعتقدنا أن المأساة انتهت عند هذا الحد ولكن بمجرد إجراء العملية تبدأ معاناة جديدة شهريًا وهى كيفية توفير قطع غيار القوقعة التى تباع بأسعار باهظة».

وأضاف «زينهم» أن: «صعوبة توفير قطع الغيار تحدث نظرًا لوجود وكيل واحد لقطع الغيار بكافة محافظات الجمهورية لذلك تباع بأسعار مبالغ فيها، حيث يتجاوز سعر سلك كابل الجهاز ٥٠٠٠ جنيه، لأن قطع الغيار غير معفاة من الجمارك ويضاف على سعرها الباهظ ضريبة القيمة المضافة، والأهالى ليس لديهم القدرة على سداد تكاليف القوقعة، وفى الوقت ذاته لا يتحملون تهديد حياة أطفالهم بالعودة لحياة الصمم، لهذا لا بد من إعفاء الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة على غرار إعفاء الجمارك والضريبة على سيارات ذوى الاحتياجات الخاصة».

واستكمل: «هناك مشكلة أخرى وهى تحديث الجهاز الخارجى للقوقعة كل عشر سنوات، وتتجاوز تكلفتها ٢٠٠ ألف جنيه، لذا نطالب الدولة بتشكيل لجنة مسئولة عن هذا الملف تعمل على تحديد فترة زمنية لكل مكونات الجهاز وتوفير قطع الغيار لأننا نواجه معاناة بسبب نقص قطع الغيار بعد توقف استيرادها من الخارج، بالإضافة إلى النظر فى ضرورة صرف معاش للأطفال مرضى القوقعة وضعاف السمع، حتى تساهم فى جزء من مصروفات تأهيل هؤلاء الأطفال للتعايش مع المجتمع».

انتصار أحمد، حكت معاناتها لـ«الفجر» قائلة إنها تنفق على ابنتها مريضة القوقعة الإلكترونية مبلغ ٢٥٠ جنيهًا فى جلسة التخاطب الواحدة، مضيفة أن المراكز الأقل تكلفة يشرف عليها أشخاص غير متخصصين والتى أصبحت الأكثر انتشارًا فى ظل غياب الرقابة، مشيرة إلى أن إحدى هذه المراكز الخاصة غير المتخصصة كانت تستخدم العنف مع ابنتها، مطالبة بتوفير مراكز متخصصة تحت إشراف الدولة لتقديم جلسات التخاطب وتنمية المهارات للأطفال ضعاف السمع بأسعار مدعمة.

وعن صعوبة توفير قطع غيار القوقعة الإلكترونية أوضحت: «نلجأ إلى صفحات الفيسبوك لتوفير قطع الغيار، وبالتالى نقع إما فى فخ النصب بشراء قطع غيار غير صالحة أو الابتزاز لشراء قطع الغيار أضعاف سعرها الأصلى»، موضحة أن ابنتها مقبلة على الامتحانات الشهر القادم ولأن الجهاز فى حاجة لقطع غيار لم يتم توفيرها حتى الآن، لذا يصعب حضورها الامتحان، مؤكدة أن تلك معاناة الكثير من الأطفال ضعاف السمع الذين يصعب دخولهم امتحانات نصف العام نتيجة عدم توفير قطع غيار الجهاز.

وقال مصطفى فراج لـ«الفجر» إن معاناته مع ابنه تكمن فى توفير قطع الغيار وصيانة الجهاز بعد إجراء عملية زراعة القوقعة، موضحًا أن جهاز ابنه بحاجة لصيانة المغناطيس والذى تبلغ تكلفته ٢٠ ألف جنيه، رغم أنه لم يعد من المكونات الأساسية للجهاز، كالميكرفون وبيت البطارية التى تتراوح أسعار صيانتها من ٥٠ لـ ٨٠ ألف جنيه.

وعبرت أمل حامد عن حزنها الشديد كلما يتعرض أى من جهاز القوقعة لبناتها الثلاث اللاتى فقدن حاسة السمع لأى تلف، مما يجعلها تعانى من صعوبة فى جمع المال لصيانة الجهاز، قائلة: «لو عاد الزمان بى ما كنت أجريت عملية القوقعة للبنات الثلاث، بسبب الأضرار النفسية التى لحقت بهن نتيجة عدم قدرتى على توفير قيمة صيانة جهاز»، موضحة أن جهاز الميكروفون يحتاج إلى تغيير كل ثلاثة أشهر وتبلغ تكلفته ١٩ ألف جنيه.  

روفان مجدى شرحت مأساتها لـ«الفجر» مع عدم وجود مراكز تخاطب بالمحافظات الأمر الذى يدفعها أن تأتى يوميًا من محافظة الشرقية للقاهرة  للحضور مع ابنتها جلسة التخاطب، مما جعلها تتحمل تكلفة السفر وجلسات التخاطب، بالإضافة لتكاليف برمجة جهاز القوقعة، مشيرة إلى أنها باعت كل أملاكها هى وزوجها من أجل إجراء ابنتهم عملية زراعة القوقعة على نفقتهما الشخصية كى تتمكن ابنتهما من ممارسة الحياة بشكل طبيعى، مضيفة أنهما الآن لا يملكان قيمة تحديث الجهاز المنتظر أن يتم تحديثه خلال الأيام القادمة مما يتسبب فى توقف تواصلها مع الحياة مرة أخرى.