بوابة الفجر

كافة الخطوات التى على الحاج أو المعتمر أن يتبعها

بوابة الفجر

تزايد البحث حول كافة الخطوات التى على الحاج أو المعتمر أن يتبعها حتى يكون قد أتم حجه أو عمرته كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم.

دخول مكة:
ها أنت أيها الحاج -أو المعتمر- على مشارف مكة محرمًا، فمتى دخلتها -بعون الله وتوفيقه- فاطمئن أولًا على أمتعتك في مكان إقامتك، ثم اغتسل -إن استطعت- أو توضأ.

دخول المسجد الحرام:

ثم توجه إلى البيت الحرام؛ لتطوف طواف العمرة إن نويتها، أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج.

وكبِّر، وهلِّل  عند رؤية الكعبة المشرفة وقل: "الحمد لله الذي بلَّغني بيته الحرام، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد مَن شرَّفه وكرَّمه -ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام"، ثم ادع بما يفتح الله به عليك، فالدعاء في هذا المقام مقبول بإذن الله تعالى.

وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك، ولا تشغل نفسك بالقراءة من كتابٍ غيرِ القرآن، فهو الذي تقرؤه وتكثر من تلاوته.

الطواف بالبيت:

ثم اقصد إلى مكان الطواف؛ لتبدأه وأنت متطهر.

واستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود، واجعله على يمينك؛ لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها في تكبيرة الإحرام؛ للدخول في الصلاة، كما هو مذهب الحنفية والأثرم من الحنابلة، ناويًا الطواف، مكبرا، مهللا، معلنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قائلًا: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ثم اجعل الكعبة على يسارك مبتدئًا من قبالة الحجر الأسود، وسر في المطاف -مع الطائفين- حتى تتم سبعة أشواط بادئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا إليه في كل شوط.

ويسن استلام الحجر الأسود وتقبيله عند بداية كل شوط إن استطعت، فإن شق عليك ذلك فلتسْتلِمْه بيدك ولتقبِّلْ يدك، وإلا أشرت إليه دون تقبيل.

ويستحب أن تقول عند الاستلام ما تقدم من التكبير والتهليل، ودعاء: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ولا تشتغل في الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله، ومن أفضل الدعاء ما جاء في القرآن الكريم كقوله تعالى: {رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنيَا حَسَنَة وَفِي ٱلأخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}، ولا ترفع صوتك، ولا تؤذ غيرك.

ركعتا الطواف:

فإذا فرغت من أشواط الطواف السبعة فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصَلِّ فيه -منفردا- ركعتين خفيفتين ناويًا بهما سنة الطواف، أو صلهما في أي مكان في المسجد إن لم تجد متسعًا في مقام إبراهيم، وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك.

ثم توجه إلى الملتزم وهو المكان الذي بين باب الكعبة والحجر الأسود.


وإذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادًّا ذراعيك، متعلقًا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فإن الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله تعالى.


الشرب من ماء زمزم:

ثم توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت، فإن ماءها لما شرب له، كما في الحديث الشريف.

السعي بين الصفا والمروة:

ثم ارجع -بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزَم- واسْعَ بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به في قوله: {إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلمَروَةَ مِن شَعَائِرِ ٱللَّهِ}.

ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر، واستقبل الكعبة المشرفة، وصلِّ على النبي المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك.

ثم ابدأ أشواط السعي -سيرًا عاديًّا- من الصفا إلى المروة في المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء.

وأسرع قليلا في سيرك بين الميلين الأخضرين -في المسعى القديم والجديد علامة تدل عليهما-، وهذا الإسراع هو ما يسمى "هرولة" وهي خاصة بالرجال دون النساء.

فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله تعالى بما تشاء من خيري الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد.

ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار، وردد ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا الموطن: «رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم».

وبانتهائك من أشواط السعي السبعة تكون قد أتممت العمرة التي نويتها حين الإحرام.

التحلل من العمرة:

وبعدها احلق رأسك بالموسى، أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء.

وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليلبس ما شاء، ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى.

طواف القدوم للحاج المفرد:

من أحرم بالحج فقط أو كان محرمًا قارنًا بين الحج والعمرة، فإن عليه -حين وصوله إلى مكة محرمًا وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته- أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرمًا حتى يؤدي مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة


إعادة الإحرام للحج:

إذا كنت متمتعًا ففي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ويسمى "يوم التروية" تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه في الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صلِّ ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت، وانو الحج، وقل إن شئت: اللهم إني أردت الحج فيسره لي وتقبله مني.

ثم قل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ومتى قلت ذلك -بعد تلك النية- صرت محرمًا بالحج، ورددها كلما استطعت في سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك، والمرأة تلبي في سرها، وداوم عليها وأنت في الطريق إلى منى وإلى عرفات، وفي عرفات، وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة، وفي هذه الأخيرة، وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ في رمي جمرة العقبة.

المبيت بمنى ليلة عرفة:

ثم يخرج الحاج في يوم التروية إلى منى فيصلي بها الظهر، ويبيت ليلته حتى يصلي فجر يوم عرفة. وهذا المبيت سنة إن تركه لا شيء عليه، وإن بات بعرفة بدلا عنه صح حجه ولا شيء عليه، خاصة إذا كان هذا خط سير مجموعته.

الحج عرفة:

ثم استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة؛ لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء في الحديث الشريف: «الحج عرفة»  فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج.

ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره، ولو لحظة، واقفًا أو جالسًا أو ماشيًا أو راكبًا في أي وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار في آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه، أي: قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل.

ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء في الحديث الشريف: «خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»  واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك، راجيا عفوه، طامعا في رحمته ورضوانه، متمثلا يوم الحشر الأكبر؛ فإن عرفة صورة منه، فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجًا.

الصلاة بمسجد نمرة:

صلِّ الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين «ركعتين لكل منهما» مجموعتين جمع تقديم، أي: صلِّهما -في وقت الظهر- مع الإمام في مسجد نمرة إذا استطعت، ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلِّهما حيث كنتَ في خيمتك: كلًّا منهما في وقتها، أو جَمعَ تقديم في وقت الظهر.

إلى مزدلفة:

وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة وعند الوصول إليها يؤدي الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير في وقت العشاء ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلي بها الصبح، ثم تتوجه إلى منى، وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة، وإلا فلو لم تستطع المبيت بها أجزأك أن تمكث بها قدر حط الرحال على مذهب المالكية، أو الوجود بها لحظة بعد منتصف الليل على مذهب الشافعية، أيهما أيسر لك ومزدلفة كلها موقف، وهي المشعر الحرام،وأكثِر فيها من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله تعالى واجمع من أرضها الحصيات التي سترمي بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى وهي سبع حصيات كل واحدة منها في حجم حبة الفول.


ولك أن تجمعها من أي مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمي في الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث في ثاني أيام العيد ومثلها في ثالث أيامه.

ومن بقي بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمي الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل في اليومين الثاني والثالث.


الذهاب إلى منى ورمي جمرة العقبة الكبرى:

بعد المبيت وصلاة الفجر بالمزدلفة اقصد إلى جمرة العقبة  بمنى وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالي.

وارم بقوة وقل: بسم الله والله أكبر رغمًا للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا.


واقطع التلبية التي التزمتها منذ أحرمت.


وإياك ورمي هذه الجمرات أو غيرها بالحجارة الكبيرة أو العصي أو الزجاج أو الأحذية كما يفعل بعض الناس؛ لأن كل هذا مخالف للسنة الشريفة، ولك أن تؤجل الرمي لآخر النهار ولا حرج عليك.


الإنابة في الرمي:

إذا عجز الحاج عن الرمي بنفسه -لمرض أو لعذر مانع في وقته- جاز أن يوكل غيره في الرمي عنه بعد رمي الوكيل لنفسه.


التحلل من إحرام الحج:

بعد رمي جمرة العقبة هذه يحلق الحاجُّ رأسه أو يقصر من شعره، وتقصر الحاجَّةُ من أطراف شعرها، ولا تحلق.                                                                

وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرمًا ما عدا الاتصال الجنسي بين الزوجين؛ فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة الذي قال الله في شأنه: {وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ}.


طواف الإفاضة:

بعد رمي جمرة العقبة والتحلل -بالحلق أو التقصير- يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هي طواف الفرض، ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلي ركعتين في مقام إبراهيم، ويشرب من ماء زمزم، ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه.

المبيت بمنى ورمي باقي الجمرات:

بعد طواف الإفاضة عُدْ إلى منى في نفس اليوم، وبت فيها ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة.

ويجوز أن تبقى في مكة ثم تتم الليلة بمنى، كما يجوز أن تستمر في منى وتتم الليل بمكة، ولك ألا تبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر، ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت، ولكن يلزمك إذا لم تبت في منى أن تحضر إليها لرمي الجمرات.

أماكن رمي الجمرات الثلاث ووقته:

الصغرى وهي القريبة من مسجد الخيف، ثم الوسطى وهي التي تليها وعلى مقربة منها، ثم العقبة وهي الأخيرة.

ارم هذه الجمرات في كل من يومي ثاني وثالث أيام العيد كل واحدة بسبع حصيات كما فعلت حين رميت جمرة العقبة في يوم العيد.


ووقت رمي هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب، وبعد الغروب أيضا، ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- متى كان هذا ميسورًا دون حرج.

وقد أجاز الرميَ قبل الظهر الإمامان: عطاء وطاوس وغيرهما من الفقهاء.

وأجاز الإمام الرافعي من الشافعية رمي هذه الجمرات من الفجر، وهذا كله موافق لإحدى الروايات عن الإمام أبي حنيفة.

حيض المرأة قبل طواف الإفاضة:

للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها التخلف حتى انقطاعه أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف، أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع في بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف في أيام الانقطاع؛ عملا بأحد قولي الإمام الشافعي القائل: إن النقاء في أيام انقطاع الحيض طهر، وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد.

وأجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل؛ حتى لا يسقط منها ما يؤذي الناس ويلوث المسجد، ولا فدية عليها في هذه الحال باعتبار حيضها -مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر- من الأعذار الشرعية.

وقد أفتى كل من الشيخ ابن تيمية والشيخ ابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها. والنفساء حكمها كالحائض في هذا الموضع.

طواف الوداع:

اسمه يدل على الغرض منه؛ لأنه توديع للبيت الحرام، وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك، وقد اتفق العلماء على أنه مشروع، متى فعله الحاج سافر بعده فورا، ثم اختلف العلماء في حكم هذا الطواف: هل هو واجب أو سنة؟


بالأول قال فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الإمام الشافعي، وبالقول الآخر قال الإمام مالك وداود وابن المنذر، وهو أحد قولي الإمام الشافعي، والفتوى في دار الإفتاء المصرية على الثاني.

يستحب تعجيل العودة:

عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله؛ فإنه أعظم لأجره».