بوابة الفجر

د.حماد عبدالله يكتب: "مصر " قبل التليفزيون!!

بوابة الفجر



كيف كانت الحال (فى مصر) !!
كم كنت أشتاق أن يدخل التليفزيون "البيت المصرى" كنا نرتاد السينما فى الخمسينيات ونشاهد الافلام الأمريكانى ويتوسط بعض المشاهد هذا الجهاز العجيب (التليفزيون)، وكان إهتمامنا محصورًا بين الكتاب والراديو، والسينما فى نهاية الأسبوع.
وكان للسينما طقوس خاصة ،حيث نستعد لمشاهدة فيلم فى إحدى سينمات وسط البلد، مترو (أفخمهم) كانت !! أو ريفولى، ديانا، كايروا ،أوديون ،ميامى وكذلك سينما "راديو" ورمسيس مسرح (نقابة المهندسين)!!.
وكان الإستعداد للذهاب إلى تلك الدور بأن ترتدى ملابس كاملة ،والسيدات يرتدين أجمل ما لديهن من أزياء، وأتذكر أشهر الافلام الامريكية التى عرضها "جولدن مايرز" فى سينما مترو بالقاهرة.
"مدافع نافارون " "جريجورى بك، أنتونى كوين، "وسنجام الهندى" وسبارتاكوس (مايكل دوجلاس)، و(ذهب مع الريح )"(أجاثا كريستى).
كانت حفله السينما الصباحية ،تجمع أطفال المدارس خاصة يوم الجمعه ،وأفلام كارتون (ميكى ماوس) ،( وتوم أند جيرى) ونشرة الأخبار المصورة (جريدة مصر) وكان كل طفل يأخذ (زجاجة كوكاكولا وساندوتش بالجبنة الرومى)عند دخوله السينما، وكان الترولى باس يجرى فى شوارع القاهرة والجيزة، والأوتوبيس المجرى (إيكاروس ) وهو أوتوبيس مفصلى سيارتين فى سيارة واحدة ،بجانب الترام الذى يتحرك بين ضواحى القاهرة ،وأيضًا "مترو مصر الجديدة" وكان يعتبر مجالًا للنزهه فى العطلات ،هذا بجانب "الأوتوبيس النهرى" الذى يتحرك من أمام "هيلتون النيل سابقًا" (ريتزكارلتون) حاليًا، إلى مصر القديمة وله محطة تحت "كوبرى الجامعة" لنقل طلبة الجامعة ،وأتوبيس  "مقار وأبو رجيلة" والذى يتحرك فى كل مكان داخل القاهرة والجيزة وحتى شبرا الخيمة ومدينه نصر  .
هذا خارج المنزل ،أما بداخل المنزل فالراديو شيىء أساسى فى حياه المصريين حيث تبدأ الصباح (بكلمتين وبس ) لفؤاد المهندس، و(للنساء فقط ) ماما "صفيه المهندس" وفى مواعيد مقدسه للمصريين للإستماع إلى الراديو، نشرة أخبار الثانية والنصف بعد الظهر، وتحليل الاخبار ومقال هيكل الاسبوعى (بصراحه ) بصوت "جلال معوض " والذى كان يشرح فيه كل السياسات فى البلد بطريقة يفهمها كل مصرى، من رجل الشارع للمثقف أستاذ الجامعة ،وأما نشرة الساعة الخامسة مساء فكانت الأهم حيث يتلوها التمثيلية الإذاعية الساعة الخامسة والربع ،مثل "العسل المر ،وبيننا رجل، والقط الأسود ،وسمارة"، وحتى الساعة الثامنه يأتى مقرىء من أعظم المقرئين للقرأن الكريم الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" ،أو الشيخ الشعشاعى أو الشيخ "مصطفى إسماعيل " نصف ساعة حتى الثامنه والنصف نشرة الأخبار الرئيسية فى الإذاعة المصرية وكانت تمثيلية "الف ليلة وليلة "كل مساء تجمع الأسرة المصرية. ثم حفل من أضواء المدينة أو سهرة كل خميس من أول كل شهر مع السيدة العظيمة "أم كلثوم " وكان للرياضة نصيب عظيم من إهتمام المصريين حيث يوم الجمعه الساعة الثانية بعد الظهر تنتقل الإذاعة إلى "إستاد القاهرة"، أو إلى إستاد "التتش" فى النادى الاهلى مع "محمد لطيف " لكى ينقل على الهواء ماتشات كره القدم وتعليم المصريين اللعبه منذ "الضظوى وحماده أمام، وصالح سليم  ورفعت الفناجيلى ويكن، وعبده نصحى ومصطفى رياض " أبطال لم نراهم بل سمعنا من المعلقين "محمد لطيف" والعقيد "حسين مدكور" كيف يتناقلون الكرة وكيف يهاجمون الفرق العالمية مثل (بينفيكا)ومانشستر يونايتد ورويال مدريد" أعظم الفرق فى العالم سمعنا عنهم فى الراديو.
كل هذا فى جانب والجانب الأخر هو الأهم "الكتاب" قرأنا للأدباء المصريين كان الكتاب صديقنا صديق الطالب والمثقف، لقد أستطعت أن أقرا كل ما كتبه "توفيق الحكيم " (عودة الروح ) و(حمار الحكيم) "ويوميات نائب فى الأرياف" وغيرهم، وثلاثية نجيب محفوظ، وزقاق المدق وبدايه ونهايه، ورادوبيس، وأنا تلميذ فى المرحلة الإعدادية. 
كان الكتاب نستعيره من مكتبة المدرسة ،ومكتبة الطلبه الوافدين فى شارع القصر العينى لكى أنهيه فى ليلة واحده، هكذا كنا قبل "21 يوليو 1961" ،حينما دخل الصندوق السحرى إلى بيوت المصريين تغيرت الأحوال تدريجيًا حتى أصبحنا فى منتهى الجهل كما هو الحال اليوم للأسف الشديد.؟

[email protected]