بوابة الفجر

جميع المناسك التي يؤديها الحاج.. ومحظورات الإحرام

بوابة الفجر

فرض الله تعالى على عباده المستطيعين حج بيت الله الحرام، وجعل الحج المبرور الذي لا يخالطه فسوق أو فجور أو جدال مكفرا للذنوب والآثام، وعلى كل قاصد لبيت الله الحرام الاقتداء بقائد ركب الحجيج الأول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه وسنته.

حيث قال نبينا الكريم "خذوا عني مناسككم"، لذا كان لزاما على كل من يقصد بيت الله الحرام بنية الحج أو العمرة أن يتعلم الهدي النبوي لأداء المناسك، حتى ينال الأجر على حجه من الله تعالى.
 


ولفريضة الحج معان وفضائل يتوجب على الحاج استشعارها قبل الإحرام والشروع في أداء المناسك، أولها الرغبة في مغفرة الذنوب ونيل الجزاء العظيم، وكذلك لأداء الفريضة شروط وأركان وواجبات وسنن يجب الإلمام بها والحرص على الالتزام بها وتأهيل النفس لها، فضلا عن عدد من المحظورات الشرعية التي يجب توخي الحذر من الوقوع فيها.
ومناسك الحج هي التي أراها الله عز وجل لنبيه وخليله إبراهيم عليه السلام، وتنقسم إلى أركان وواجبات، وسنن، أما أركان الحج فهي الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة بعد الوقوف والسعي بين الصفا والمروة وإزالة شعر الرأس أو بعضه، بينما تتمثل واجبات الحج في الوقوف بمزدلفة والمبيت بمنى وطواف الوداع ورمي الجمرات، ومن السنن طواف القدوم، والتوجه إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة لقضاء يوم التروية.
ومن المناسك التي يؤديها الحاج:
 

الإحرام


وتبدأ مناسك الحج بالإحرام، حيث يتحلل الحاج إن كان متمتعا، أما إن كان قارنا أو مفردا، فلا يتحلل، ويستحب للحاج أن يغتسل غسل الإحرام ويأتزر بإزار ويرتدي برداء، ويكونا أبيضين، وفي أي شيء أحرم جاز، ثم يصلي ركعتي الإحرام يقرأ فيهما بما شاء، ولا ينوي الدخول في الإحرام حتى يستوي على راحلته، ويقرن النية بالتلبية، وهو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينقص منها، وهي /لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك/، ويرفع صوته بالتلبية، ويستحب للحاج تكرارها عند إقبال الليل وإدبار النهار، وعند مزدحم الزقاق، وعند صعود الروابي، وهبوط الأودية.
محظورات الإحرام
إذا أحرم الحاج، حرم عليه بإحرامه، ستر رأسه مجسده بالمخيط وغيره، وليس له لبس الخف والسميك، وإن فعل شيئا مما ذكر عامدا افتدى، وأثم، فإن كان لعذر حر أو برد أو مرضى افتدى، ولا إثم، فإن كان ساهيا فلا إثم ولا فدية، كما يحرم عليه الطيب ودهن الرأس واللحية، ولا بأس بدهن الجسد، وله أن يسرح شعره ولحيته ما لم يؤد إلى قطع الشعر، وله أن يحك رأسه وجسده بيده وغيرها، ولا يخضب شعره.
ويحرم على الحاج كذلك إزالة شعر الرأس واللحية والجسد بالحلق وتقليم الأظافر، فمن فعل ذلك بعذر فلا إثم عليه، وعليه الفدية، ومن فعله عامدا أثم وعليه الفدية، كما يحرم عليه النكاح، إذ أنه مفسد للحج وموجب للكفارة لمن فعله عامدا،ويحرم عليه أيضا الصيد البري المأكول،والمرأة في هذه المحرمات كالرجل، إلا أنها تلبس القميص والسراويل والقناع والخف وجميع أنواع المخيط، ويلزمها كشف وجهها، ولا يلزم الرجل كشف وجهه، والأفضل أن يكشفه.
الدخول إلى مكة والطواف بالبيت الحرام
فإذا انتهى المحرم إلى مكة فليدخل من ثنية كداء، وهي بأعلى مكة، بعد أن يغتسل لدخول مكة، فإذا دخلها حمد الله عز وجل، فإذا رأى البيت رفع يديه، ثم يقول "اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام".
ويدخل البيت الحرام وينوي الطواف، ولا يصلي تحية المسجد حتى يقصد الحجر الأسود، وهو مبتدأ الطواف، فيستقبله بجميع بدنه، ثم يقبله، ويضع يده عليه، إلا أن يكون عليه ازدحام، فالأولى ترك التقبيل، فيستلمه، ويشير إليه بيده، ثم يقول "اللهم إيمانا بك، ووفاء بعهدك وتصديقا بكتابك، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم" ويجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن، ويضع طرفيه على عاتقه الأيسر، ثم يجعل البيت على يساره، ويطوف سبعة أشواط، من الحجر إلى الحجر، يرمل في الثلاثة الأول، أي يسرع الخطى في الطواف، ويمشي في الأربعة الأخر على السكينة، وكلما حاذى الركن اليماني استلمه وقبل يده، ولا يقبله، فإن لم يمكنه إلا سلام أشار إليه باليد، ويقول في الثلاثة الأول كلما حاذى الحجر الأسود "الله أكبر، اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وسعيا مشكورا" وكلما حاذاه في الأربعة الأخر قال "رب اغفر وأرحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم".. ويدعو بما شاء ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم.
وينبغي على الحاج ألا يلبي في الطواف، وله أن يقرأ القرآن في طوافه، والدنو من البيت مستحب، إلا أن يفوت عليه الرمل، فإذا فرغ من هذا الطواف صلى ركعتي الطواف عند المقام، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص، فإذا فرغ منهما أتى الحجر الأسود فيستلمه.
السعي بين الصفا والمروة
يخرج الحاج من باب الصفا، فيصعد على الصفا، ثم يكبر ثلاث مرات، ثم يقول "الحمد لله على ما هدانا، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون"، ويدعو بما أحب، ثم يدعو ثانيا وثالثا، ثم ينزل عن الصفا، ويمشي حتى يكون بينه وبين الميل الأخضر نحوا من ستة أذرع، فيشتد مسارعا إلى الميلين الأخضرين، ثم يمشي حتى يأتي المروة، ويفعل عليها كما فعل على الصفا، ثم يعود إلى الصفا ماشيا في مكان مشيه، وساعيا في موضع سعيه، حتى يأتي الصفا، وهذان شوطان، ويأتي بخمسة أشواط بعدها، ولا يصح إلا أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
 

المبيت بمنى والوقوف بعرفة


يمضي الحاج إلى عرفة ويجمع بها بين الظهر والعصر، ويأتي بواجبها وقف حارما نائما أو مستيقظا، وليس صعود الجبل سنة، ولا الوقيد ليلة عرفة.
والليلة التي يبيتون فيها بعرفة، هي الليلة التاسعة من ذي الحجة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت بها بمنى، فمن ترك المبيت بمنى وبات بعرفة فقد ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأفضل للواقف أن يقف بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات، ويستقبل القبلة، ويكثر من الدعاء والتضرع والابتهال، ويكون أكثر قوله "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" رواه الترمذي، ويكره له صوم هذا اليوم ليتوفر على الدعاء وذكر الله تعالى.
المبيت بمزدلفة
يعد من أهم مناسك الحج، فإذا غربت الشمس من يوم عرفة، ينفر الحاج إلى مزدلفة غير مسرع ويبيت بها ويأخذ منها حصى الجمار، ويلتقطها التقاطا، ولا يكسره، ويستحب غسل الجمار، ويكون عدد ما يأخذه سبعين حصاة، ثم يصلي الصبح في أول وقتها، ويقف على المشعر الحرام أو عنده، ويدعو ويذكر الله عز وجل إلى أن يسفر الصبح، ويستحب له أن يقول: اللهم كما وقفنا فيه، وأويتنا إليه، وأريتنا إياه، فوقفنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك، وقولك الحق "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين". ثم يسير إلى منى، فإذا بلغ وادي محسر أسرع إن كان ماشيا.
الوصول إلى منى ورمي جمرة العقبة
إذا أتى الحاج منى رمى سبع حصيات إلى جمرة العقبة واحدة واحدة، ويرفع يده عند الرمي، ويكبر مع كل رمية، ثم ينحر هديه إن كان معه هدي، ثم يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يدخل في يومه بعد الزوال وقد لبس ثيابه المخيطة، وتطيب، فيطوف طواف الإفاضة، وإن كان سعى بعد طواف القدوم.
المبيت بمنى ورمي الجمار
يخرج الحاج إلى منى فيبت بها ليلة الحادي عشر، فإذا زالت الشمس يوم الحادي عشر بدأ بالجمرة التي تلي مسجد الخيف، فرمى إليها سبع حصيات، فإذا فرغ من رميها تنحى قليلا ثم دعا الله عز وجل، وألح في الدعاء طويلا نحوا من سورة البقرة، ثم يأتي الجمرة الوسطى فيفعل ذلك، ثم يأتي جمرة العقبة فيختم، إلا أنه يقف عندها ولا يدعو، كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يفعل كذلك في اليوم الثاني عشر، ويفعل كذلك في اليوم الثالث عشر، إن لم ينفر في الثاني عشر.
مغادرة مكة المكرمة
إذا أراد الحاج مغادرة مكة المكرمة، يكون آخر أعماله أن يطوف بالبيت سبعا، ويصلي ركعتين عند المقام، ثم يأتي الملتزم، فيضع صدره وخده عليه، ويبسط عليه عضديه وذراعيه، ثم يقول دعاء آدم عليه السلام "اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم ما في نفسي وما عندي فاغفر لي ذنوبي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي، والرضا بما قضيت علي.. اللهم إن البيت بيتك، والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى تسيرني في بلادك، وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك، فإن كنت رضيت عني، فازدد عني رضى، وإلا فمن الآن قبل أن ينأى عن بيتك داري، هذا أوان انصرافي، إن أذنت لي غير مستبدل بك، ولا ببيتك، ولا راغب عنك، ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خير الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير ".
ثم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصلي فيه ما لم يضر بأحد أو يهتك حرمه.
ويستحب للحاج في هذه الرحلة الإيمانية العظيمة أن يقصد المدينة المنورة ويزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويصلي في مسجده، لكن هذه الزيارة ليست من مناسك الحج ومن لم يفعلها فحجه تام ولا شيء عليه، إذ يأتي استحباب الزيارة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام". وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"، لذا للحاج أن يزور المسجد النبوي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، حيث يصلي الداخل إلى المسجد ركعتين تحية بين القبر والمنبر، ثم يأتي القبر من وجهه، ويكون بينه وبينه نحوا من ثلاث أذرع، فيقول "السلام عليك يا رسول الله، أو يا نبي الله"، ويخفض صوته، ولا يبالغ بالجهر به، ولا يدنو من قبره، ثم يقوم الحاج بعد ذلك بزيارة مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين ويزور البقيع وقبور شهداء أحد ويسلم عليهم جميعا، وهذا كله من السنة.