بوابة الفجر

بين حلحلة الدولة وديكتاتورية نتنياهو.. ما هو مستقبل التهدئة والتصعيد داخل إسرائيل؟

نتنياهو - أرشيفية
نتنياهو - أرشيفية

شهدت إسرائيل في الآونة الأخيرة مظاهرات عنيفة، حيث خرج المتظاهرون في الشوارع إلى وسط المدينة ضد الحكومة الجديدة التي يرأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تعتبر الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

وبين حلحلة الدولة وديكتاتورية نتنياهو وعنصرية حكومته، يرفع المتظاهرون شعارات "الديمقراطية في خطر، فهل يمكن أن تطيح هذه الدعاوي بحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي صاحب اطول مدة حكم في تاريخ إسرائيل، وماذا في جعبته، هل تنتهي حقبته أم أن العبودية تعود إلى الواجهة من جديد؟!

دعوات لاستقالة نتنياهو

وفي السياق ذاته، تتفاقم الأزمة الداخلية في المجتمع الإسرائيلي ونتج ذلك عن خطة الحكومة اليمينية لإضعاف القضاء، وإحداث تغيرات جذرية في منظومة الحكم، وجاء ذلك وسط مطالبات جماهيري باستقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة خالية من أحزاب اليمين المتطرف، حسب بي بي سي البريطانية.

وتشتغل المظاهرات في تل أبيب، حيث تحتوي هذه الدعاوي على مشروعًا لعقد اتفاقية بين نتنياهو والنيابة العامة التي قدمت إلى القضاء، وذلك على غرار اتهامه بالاحتيال وتلقي الرشاوي وخيانة الأمانة، حسب بنود يقود كل منها إلى السجن في حالة إدانته.

واقترح المحتجون أن تتضمن هذه الصفقة اعتزال رئيس الوزراء الإسرائيلي السياسة مقابل صدور حكم دون سجن، وهو أمر يرفضه نتنياهو، وكان أول من طرح هذه الفكرة هو الرئيس الأسبق للمخابرات العامة "الشاباك" يوفال ديسكين.

وطلب ديسكين من نتنياهو إنهاء الأزمة التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي ونتج عنها انقسام واسع بسبب مساعي الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، محذرًا إياه من سيناريوهات الخراب التي تطرق الأبواب، والتي من شأنها أن تحل إسرائيل إلى الأبد.

سيناريوهات عنيفة

وأشار الرئيس الأسبق للمخابرات العامة إلى أن الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هو وقف العملية التشريعية لإقرار مخطط الحكومة الانقلابية، ومن ثم فك التحالف السياسي مع حزبي الصهيونية الدينية، ويأتي بعد ذلك تشكيل حكومة قوميو تعمل. على صياغة دستور توافقي، وفي نهايتها يأتي نتنياهو بمخرج له لغلق ملفاته الجنائية، مقابل اعتزاله الحياة السياسية نهائيًا.

وانضم الشاباك إلى الاحتجاجات التي نظمت في تل أبيب، وشدد عن أن هذه السيناريوهات المطروحة تجلب مخاطر كبيرة قد تصل إلى مستوى لم نعرفه من قبل، ويكون أولها هو تمزيق المجتمع الإسرائيلي والدولية بطريقة غير قابلة تماما إلى الإصلاح مجددا، مع جلب حالة ركود اقتصادي كبير قد يكلف الدولة أعباء كثيرة، ومن ثم إحداث أزمة ثقة غير مسبوقة لن تسمح على الإطلاق لأنظمة الحكومة بالعمل.

وذكر أن معارضي الانقلاب سوف يستشعرون أن لا خيار لهم سوى اتخاذ إجراءات أكثر جدية من تلك التي يتم اتخاذها الآن، ولا سيما الرفض الجماعي وتعطيل الحياة العامة وكثير من أساليب العصيان المدني التي يمكن أن تخرج عن السيطرة وتتحول إلى سيناريوهات عنيفة يصعب التعامل معها بأي شكل.

احتجاجات على إصلاح القضاء

وفي سياق متصل، كثف المحتجون الإسرائيليون، اليوم، الخميس معارضتهم الشديدة لاقتراح إصلاح القضاء، وتجمع الكثير من المتظاهرين حول مطار بن غوريون، في تل أبيب، واستطاعوا إغلاق أحد الطرق، لمنع وصول بنيامين نتنياهو، وبسبب تلك المظاهرات العنيفة، أعلن  وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تأجيل زيارته إلى إسرائيل مرتين.

واعتقلت الشرطة ما لا يقل عن  13 شخصًا في جميع أنحاء البلاد في اشتباكات مع ضباط، ويهتف المتظاهرين "دكتاتور كاذب لا تعد إلى هنا" في إشارة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطالبين إياه بالبقاء في إيطاليا، حيث أنه كان من المعتقد أن يلتقي برئيسة وزراء إيطاليا الجديدة التي تنتمي إلى اليمين المتطرف، جيورجيا مليوني.

وعلى الصعيد نفسه، طلبت هيئة المطارات الإسرائيلية أمس من المسافرين الذين يخططون إلى السفر جوا، اليوم، الوصول إلى بن غوريون مبكرا، تحسبًا لوجود أي اضطرابات جديدة.
 


مستقبل التهدئة

ومن ناحية أخرى، تشهد إسرائيل حراك شعبي غير مسبوق وسط تجاذبات داخل المجتمع، كما أنها ظهرت جديًا في الحشد المستمر ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يسير نحو الحفاظ على مكانته بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة.

وتسبب التشريع الأخير الذي صدر منذ أيام في الكنيست الإسرائيلي مزيدًا من الاحتقان ضد اجراءات حكومية تستهدف المساس بكل ما في المجتمع، وترفض التعامل مع نموذج غير ديمقراطي، كما حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من تداعيات هذه الإجراءات التي قد تؤدي بالبلاد إلى حالة من العزلة في ظل وجود حكومتين، الأولى هي حكومة الشعب الإسرائيلي المنتخبة، والتي تعمل من خلال مقاربة حكومية، وعبر برنامج يستند إلى فكر الليكود، والثانية يديرها المستوطنون وممثلوهم في الحكومة.

وفيما يتعلق بمستقبل الدولة، فهو يفسر عودة وجوه أمنية كبيرة للواجهة السياسية والإعلامية، وقيادات أجهزة المخابرات لتحذر من مغبة ما يجري، لا سيما وأن نتنياهو لازال يمتلك فرص حقيقية للتعامل وفق استراتيجية مجابهة وعدم تقديم تنازلات، بل العمل على التصعيد والاستمرار في سن التشريعات العاجلة لتأمين حضوره السياسي والحزبي، سواء في الليكود، أو الحكومة، وذلك وفقًا لما ذكره طارق فهمي خبير العلاقات الدولية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في تصريحات صحفية.