في رحاب الرسول.. "احفظ الله يحفظك"

إسلاميات

بوابة الفجر


اصطفى الله -تعالى- هذه الأمة من بين سائر الأمم، ليكتب لها التمكين في الأرض، وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها، والأعاصير التي قد تحيط بها، في سبيل نشر هذا الدين، وإقامة شرع الله في الأرض.

ومن هذا المنطلق حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على غرس العقيدة في النفوس المؤمنة، وأولى اهتمامًا خاصًا للشباب، ولا عجب في ذلك، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها لنُصرة هذا الدين، وتحمّل أعباء الدعوة.

لذا جاءت وصايا النبي كمثالٍ حيّ على هذه التنشئة الإسلامية الفريدة، للأجيال المؤمنة في عهد النبوة، بما تحتوي على قواعد مهمة، لا غنى للمسلم عنها.

وأولى هذه الوصايا جاءت في الحديث الذي رواه عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا، فقال: "يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظْك".

وكانت هذه هي أولى الوصايا لسيدنا عبدالله بن عباس الذي كان لا يزال غلامًا صغيرًا، ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله، ويلتزم بأوامره، ويقف عند حدود الله فلا يتعداها، ويراقب الله فيمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل، مصداقًا لقوله -تعالى- :"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"، "وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم".

وتضمن حفظ الله للعبد نوعان، الأول: حفظ الله للعبد في دنيه وإيمانه بحفظه من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة بالحيلولة بينه وبين ما يفسد عليه دينه، كما قال: "كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ".

النوع الثاني: حفظ الله له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، قال : "لَهُ مُعَقّبَـ?تٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ".

وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المعاني في وصيته، فقال: "إحفظ الله تجده تجاهك"، فمن حفظ حدود الله ورعى حقوقه أحاطه الله بحفظه، ومَنَّ عليه بتوفيقه وتسديده، وعاد عليه بتأييده وإعانته، قال -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ".