عادل حمودة يكتب : تقارير المخابرات الأمريكية عن خطة تدخل القوات البرية فى اليمن

مقالات الرأي

بوابة الفجر


■ استخدام قواعد البنتاجون فى مدينة «بربارة» الصومالية ومعسكر «يمنور» الجيبوتى!
■ إنزال لواء مشاة سودانى بطائرات هيلكوبتر تدعمه مجموعات من الصاعقة!
■ البدء بمدينة عدن العاصمة الشرعية لسهولة السيطرة عليها دون خسائر!

منذ أن نفضت واشنطن يديها من الشرق الأوسط سعت الرياض إلى شراء أسلحة متطورة جعلت منها قوة إقليمية متميزة وإن نقصها قدرات المراقبة والاستخبارات.

ودون صخب دعائى تدخلت السعودية لإنقاذ النظام الحليف فى البحرين (عام 2011) كما أنها أغارت على مواقع الحوثيين فى اليمن جويا وبريا (عام 2009).

وتمنح الاحتياطيات المالية الوفيرة السعوديين نفسا طويلا فى الحرب التى يشنونها على اليمن.. بجانب شراء نفوذ القبائل المؤثرة هناك.. أسلوب مجرب.. سبق استخدامه بنجاح فيما قبل.

وتحرص المقاتلات السعودية على تجنب إصابة المدنيين فى ضرباتها الجوية خشية حشد الرأى العام ضد بلادها.. كما تخشى أن يستخدم الحوثيون الصواريخ بعيدة المدى عبر الحدود من طراز سكود التى استولوا عليها من القوات المسلحة اليمنية.

وتدعم الحرب الجوية قوة بحرية (متعددة الجنسيات) تحمى الملاحة فى باب المندب.. بما يحرم الحوثيين من الدعم الخارجى.. لكن.. لو أرادت السعودية نصرا حاسما فإنها يجب أن تتدخل بقوات برية.

ولاشك أن الذهاب بقوة برية كبيرة يساعد قوات التحالف على السيطرة العريضة على الأرض قبل تسليمها للفصائل الموالية لها.. لكن.. ذلك لا ينفى ارتفاع عدد الضحايا.. خاصة أن كتائب المشاه ستجبر على القتال فى ظروف جغرافية قاسية.. وضد عدو ايديولوجى يعرف تضاريس البلاد.. مما يصب فى مصلحته.. خاصة إذا ما انتقل من حرب الجيوش إلى حرب العصابات.. وسوف تزداد المتاعب كلما طالت مدة الحرب.

بجانب أن القوات البرية للتحالف لو انتشرت فى اليمن فإنها قد تكون عرضة لهجمات الميليشيات القبلية التى تستاء من وجود قوات أجنبية على أرضها.. فضلا عن الهجمات التى يشنها تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية.

يجب دراسة كل هذه الاحتمالات ووضعها على ميزان الذهب.. خاصة أن خرائط الجغرافيا الوعرة فى اليمن ليست متوفرة بالكامل عند القادة العسكريين المصريين الذين قاتلوا هناك من قبل أو الذين تولوا تدريس مناهج كلية الأركان للضباط اليمنيين.

كما أن التدخل البرى يحتاج إلى تجهيزات متنوعة تفرض وجود خمسة أفراد وراء كل مقاتل يقومون بتحضير الذخيرة وصيانة السلاح وأعمال المخابرات والاستطلاع والإشارة والاتصالات.. يضاف إلى ذلك نقل القوات والمعدات من مسافات بعيدة.. مثل مصر أو السودان أو باكستان.

لكن.. ذلك كله يمكن توفيره بإمكانيات السعودية.. فنقل الأفراد يمكن أن يكون على متن الطائرات المدنية إلى الحدود السعودية.. وهناك يسهل الحصول على الأسلحة والذخيرة والتموين والخدمات الطبية، مما يوفر كثيرا من تلك التجهيزات.

وحسب معلومات مركز ستراتفورد (مركز البحث وثيق الصلة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية) فإن السعودية ومصر والسودان تفكر فى نشر قوات برية فى عدن.. المدينة التى تتمتع بقيمة استراتيجية بسبب مينائها الحيوى.. والأهم.. أنها عاصمة مؤقتة لحكومة الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى.. ولا تزال أحد أهم مواقع القوات الموالية.

إن تأمين المدينة لا يعنى كسب الحرب ضد الحوثيين وحلفائهم لكنه يعد الخطوة الأولى لعمل أكبر.

وتتطلب السيطرة على عدن قوة قتالية أقل بكثير من القوة اللازمة للتوغل البرى الكامل عبر الحدود والاتجاه جنوبا ناحية صنعاء.. لا تحتاج السيطرة على عدن إلا لعدة كتائب أو لواء (من ألف إلى ثلاثة آلاف جندى) بدعم جوى من الطيران والسفن الحربية.

ستكون عدن الهدف البرى الأول لقوات التحالف.. وستنزل قوات المشاه على الأرض بطائرات هيلكوبتر.. الأسرع من الوصول بالبحر.. والأقل خطورة من استخدام السفن التى تحتاج أن ترسو فى ميناء فترة طويلة.

واتفق مبدئيا على أن يبدأ هذه المهمة لواء مشاه سودانى يوفر الجزء الأكبر من القوات البرية اللازمة على أن يدعم بمجموعات من أفراد العمليات الخاصة ستوفرهم مصر.

وتتفاوض الرياض مع واشنطن حول استخدام القواعد الأمريكية القريبة.. مثل معسكر ليمونر فى جيبوتى.. القاعدة الجوية فى بريرة على شاطئ الصومال.. لتحلق طائرات التحالف بعيدا عن المناطق الجبلية التى يسيطر عليها الحوثيون.

لكن.. يصعب تحديد ساعة صفر الحملة البرية.. إن إشارة البدء يجب أن تكون مطمئنة.. وليس هناك ما يمنع من مواصلة الغارات الجوية التى تستنزف القوات المعادية بمعدلات ثابتة.. خاصة أن الضربات الجوية فى حرب تحرير الكويت التى شاركت فيها مصر بفرقتين استمرت 37 يوما.

كما أن الضربات الجوية بجانب التهديد بحملة برية قد يقنع الحوثيين بالتفاوض خاصة أن إيران لن تتدخل بما يكفى لدعمهم.. ليقينها بأن منطقة العمليات منطقة استراتيجية للغرب.. لن يسمح لها بالسيطرة عليها.

ملحوظة:

المادة مأخوذة من تقارير مركز ستراتفورد للدراسات الاستراتيجية وهو المركز الذى تدعمه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وتسرب من خلاله مالديها من معلومات سرية!


الصحافة والصرافة فى جبلاية القرود

2

ثروة ساويرس أشد تأثيرا على كتّاب الفول السودانى من سلطة السيسى!

لا أحد يستطيع أن يمنع «جامع ثروة» محترف مثل نجيب ساويرس من أن يحلم بالحكم ولو فى ساعات السهر والشرب والرقص وطرقعة الأصابع على أنغام موسيقى غربية صاخبة.

فالحلم حق إنسانى لكل البشر (الشريف والفاسد ــ البرىء والفاجر ــ الغيور على وطنه والعميل لمخابرات معادية) لا جدال فيه.

ولكننا.. نحتفظ بحقنا فى مراقبة الحلم إذا كان من شأنه أن يبيع لنا الأوهام.. ويسكننا فى كهوف الآلام.. ويدخلنا فى جنات مزيفة.. ويسحق رءوسنا تحت عجلات مدرعة مسرعة.

نحتفظ بحقنا فى مراقبة الحلم حين يصير الحلم أكبر من الحالم.. ويتحول إلى كابوس مرعب لتسعين مليون مواطن ينامون فى غرفة واحدة مع رجل أنقذهم من سرطان السلطة الدينية.. وسطوة التبعية الخارجية.. وفساد الثروة المحلية.. هو عبدالفتاح السيسى.

غلطة ساويرس أنه يحلم حلما فرديا.. وفى بلادنا ــ التى ينام فيها الشعب على جرح واحد ويستيقظ على جرح واحد ــ تصبح الأحلام الشخصية نوعا مرفوضا من الأنانية الشخصية.

فى هذا الوطن المضروب بالصواعق الإرهابية والتناقضات الطبقية والمتاعب الشخصية لا يستطيع أى إنسان أن ينفرد وحده بضحكه أو بكائه.. بفرحه أو حزنه.. بحبه أو كرهه.. ولا حتى بحياته أو موته.

غلطة ساويرس أنه انفصل عن الحلم المصرى العام وراح يحلم لحسابه الخاص.

حلم بالثروة وحققها.. حلم بالشهرة ونالها.. حلم بالسلطة وسعى إليها.. لكن.. كل هذه الأحلام دفع ثمنها الفقراء الذين يطالبهم بالتصويت لحزبه فى الانتخابات القريبة مقابل ما يسميه حزبه (حزب المصريين الأحرار) بالدعم النقدى لهم.. فيما يمكن وصفه بالرشوة السياسية.. الجماعية.. وبما لا يجعل هناك فرقا بينه وبين مرشحى الإخوان والحزب الوطنى وتجار المخدرات فى شراء ذمم الناخبين نقدا أوعينا.

ولو شاء ساويرس أن يخطف قلوب الفقراء ويحظى بأصواتهم ويمتلك عقولهم فإن عليه أن يضرب المثل ويعيد إليهم نصيبهم العادل من الثروات التى حققها فى سنوات محدودة بما لم يحدث فى زمن آخر أو مكان آخر.

لقد شيد برجى النيل الذهبيين (نايل سيتى) على أنقاض بيوت أشد الناس بؤسا وضعفا واحتياجا فى منطقة «حكر أبودومة».. وتركهم يناجون الله وحدهم.. ويشكون إلى الله وحدهم.. فحكومة الدكتور كمال الجنزورى دعمت الاستيلاء على أرضهم.. ولم تنفذ الأحكام التى صدرت لصالحهم.. بل.. ضربتهم بأحذية الشرطة.. ومنعت تجمعهم.. وقبضت على رءوس عائلاتهم.

وكان كمال الجنزورى شخصيا قد وقع ــ بصفته رئيس مجلس الوزراء ــ على تراخيص بناء البرجين ــ متجاوزا القوانين الصارمة للارتفاعات قياسا بعرض الطريق.. فالجريمة الاجتماعية مزدوجة.. مشتركة.. الفاعل فيها معروف.. والمتورط فيها معروف.. لكننا.. نسينا.. أو تناسينا.. وكالعادة.. لم نحاسب أحدا من أصحاب الهامات والمقامات.. بل تركناهم يعودون إلينا بحثا عن السلطة بعد أن جمعوا الثروة.

هل يعيد ساويرس حقوق البسطاء فى تلك البقعة الشعبية ليثبت أنه يستحق أصواتهم أم أنه سيكتفى بإلقاء فتات إليهم مما جناه من ورائهم طمعا فى دعمهم وضحكا على عقولهم واستغلالا لحاجتهم؟

لقد اشترى الأرض بسعر زهيد (ما بين 500 وألفى جنيه للمتر ) ليبنى عليها أبراجا تخرج لسانها للفقراء الذين يتحدث عنهم الآن.. ولا تزال هناك عشش قائمة تكشف عن تناقض صارخ بين فقر مدقع وثراء فاحش.. ولا يفصل بينهما سوى شارع ضيق.. فى صورة مغرية تثبت غياب العدالة الاجتماعية فى مصر.

تضم الأبراج 8 دور عرض سينمائى ومقار لعشرات الشركات العالمية بجانب فندق خمس نجوم.. تعرض للهجوم بعد أن كفت جهات ما عن دفع ثمن حمايته لجماعة تعيش فى المنطقة.

إن رجل الثروة إذا ما اقترب من السياسة عليه أن ينقى صفحته من الشوائب ويغسل ثوبه من البقع ويصفى ضميره مما علق فيه ــ ولو كانت أوهاما فى عقول الآخرين ــ قبل أن يتجرأ ويعرض نفسه على الناخبين ليختاروا حزبه.. تمهيدا لحكمه.. لكن.. ساويرس لن يفعل ذلك بالقطع.. لن يتبرع بثروته على طريقة مليونيرات الغرب.. ما جمعه لن يفرط فيه.. بل.. يريد المزيد.

كل ما فعل هو أنه اشترى امتياز الإعلان فى الغالبية العظمى من الصحف والقنوات الفضائية بجانب مواقع إخبارية إلكترونية.. ليضمن تكميم أفواه ملاكها وحرمان صحفييها ومذيعيها من التعبير عن آرائهم فى حالة مهنية شاذة لم تحدث من قبل.

لقد سمعنا عن بطولات كتاب ورؤساء تحرير ومقدمى برامج تحدثوا ــ بأثر رجعى- عن مواجهة توريث الحكم فى زمن حسنى مبارك ومعارضة حكم المرشد فى زمن محمد مرسى.. وقد صدقناهم.. وشجعناهم.. وإن لم يقدموا دليلا على ذلك.. لكن.. حان الوقت ليؤكدوا شجاعتهم وجرأتهم وزعامتهم بالاختلاف مع ساويرس فى مواقعهم.. وأن يفرقوا بين الصحافة والصرافة.. وبين القنوات والفتات.

لقد عشنا وشفنا نوعا من رؤساء التحرير يكتبون بالريموت كنترول الذى يمسك به رجل الأعمال الذى يملك الصحيفة.. يضحكون بالأمر ويبكون بالأمر.. يسبون من يشاء ويمدحون من يشاء.. مربطون فى مقاعدهم وكأنهم فى طائرة مخطوفة.. فى انتظار أن يأمرهم بتقليد «نوم العازب» أو «عجين الفلاحة».. مما جعل من مؤسساتهم الإعلامية «جبلاية قرود».. تستهلك مخازن من الفول السودانى.

وتحديت رئيس تحرير صحيفة حكومية ومقرب من السلطات الحاكمة أن ينشر كلمة واحدة ضد ساويرس رغم اعتراضه على ما يفعل.. فلم يقبل التحدى.. فهو يعرف أن ثروة ساويرس أشد قوة من سلطة السيسى ولو بدا خلاف ذلك.

وثروة ساويرس التى كونها فى مصر جعلت منه واحدا من أغنى أغنياء العالم فى بلد يعد واحدا من أفقر بلاد العالم.. معادلة مثيرة للدهشة.. يفرضها شخص صفى حاله وأخرج ماله ويريد أن يحكمنا بشراء نواب فى البرلمان يشكل بهم حكومة ما بعد الانتخابات.

لا يمكن لشخص مهما تعددت مواهبه وثرواته أن يعتبر خشبة المسرح أملاكا خاصة له.. فيشطب النص المكتوب.. ويلغى السيناريو.. ويطرد الممثلين.. وعمال الإضاءة والديكور وقاطع التذاكر.. هذا لا يمكن ــ على حد تشبيه نزار قبانى فى الفن المسرحى أو العمل السياسى ولاسيما إذا كنا فى المسرح القومى.

«فى المسرح القومى لا يوجد سوى بطل واحد اسمه الوطن.. لا مكان فيه للاستئثار والاحتكار والأنانية».

لقد أراد ساويرس أن يحول المسرح القومى إلى مسرح عبث.. ونسى أننا نرفض هذا المسرح بكل طقوسه.. «نرفض أن لا يكون لنا رأى فى المسرحية التى تعالج شئون حاضرنا ومستقبلنا وحياتنا ومواتنا».

«المسرحية بالأساس هى قصتنا نحن فكيف يعلن مؤلف عن انتحارنا.. فى حين إننا لا نزال فى مقاعد المؤثرين؟».

إن مصر ليست شركة قطاع عام يشتريها بوسائل الخصخصة وبغيرها ليبيعها بعد ذلك إلى الخارج.. ما يحدث فى التجارة لا يتكرر فى السيادة.. لكن.. ساويرس آخر من يعلم هذه الحقيقة.. على أنه سيعرفها فى الوقت المناسب جيدا.