أحمد فايق يكتب: مذبحة القلعة

مقالات الرأي



■ تغيير الحكومة وتعديلات فى المحافظين وماسبيرو وصحف قومية
 ■ مواجهة حادة مع ديناصورات المال السياسى قبل أن تسيطر على البرلمان المقبل
■ الرقابة الإدارية ترشح 3 شخصيات لكل وزارة.. وأزمة فى البحث عن قيادات
كل الطرق تؤدى إلى مذبحة القلعة، لن يستقيم الحكم أو تستقر مصر قبل أن يجرى رئيس الجمهورية مذبحة القلعة، فقد أصبحت الدولة ضعيفة، الفساد يستشرى فيها مثل السرطان، طبقات المصالح تدافع عن مصالحها بتبجح فى مواجهة وطن آيل للسقوط، إننا ندفع ثمن فساد نظام مبارك وإرهاب مرسى، الجميع يبحث عن أى طريقة للاستيلاء على ثروات الوطن التى أصبحت شحيحة لا تكفى قوت نصف الشعب، لقد أصبحت مصر مثل صينية البسبوسة التى تباع فى الشارع يتجمع حولها الذباب من كل جانب وتتصارع عليها كل أنواع الحشرات، الكل يريد أن يذوق عسلها ويهرب، حشرات من الخارج مثل تركيا وقطر وثعبان أمريكى، حشرات فى الداخل من إرهابيين ومنتفعى سلطة ومنافقين ومدعى بطولة، لقد أفسدوا الصينية وأصبحت ملوثة تصيب بالأمراض، ومصر لن تستقيم قبل رش مبيد حشرى يقضى على كل أنواع الفساد والإرهاب الداخلى والخارجى.

فى الخارج أصبح لمصر دور كبير وقوى، وبدأنا فى مواجهة الذباب بالقوة والعزيمة الوطنية، تحركات على مستوى اليونان وقبرص وارمينيا لمحاصرة تركيا والدفاع عن مصر خارج الحدود، إدارة بارعة للملف الليبى، انتصار كبير بتحرير الرهائن الإثيوبيين فى ليبيا بالتأكيد سيكون له تأثير ولو بسيط على ملف نهر النيل والسد، لعب بذكاء شديد فى اليمن، تقوية علاقات مع السودان وجنوب السودان، عودة قوية إلى إفريقيا.

يتبقى الداخل هو الرقم الأكثر صعوبة فى المعادلة السياسية فى مصر، فهناك جماعة مصالح تقف أمام أى اتجاه للإصلاح أو التطوير، جماعة مصالح داخل طبقة الموظفين الكبار فى الدولة يرفضون تطبيق الحد الأقصى للأجور، جماعة مصالح من رجال الأعمال ترفض ضريبة الأرباح فى البورصة وترفض أى تلميح للضريبة التصاعدية، جماعة مصالح داخل الإعلام ترفض أن يلتزم بالقواعد المهنية المتبعة فى العالم، جماعة مصالح فى الداخلية تريد عودة دولة حبيب العادلى، جماعة مصالح فى الأزهر تريده متأخرا متخلفا إخوانى الهوى، جماعة مصالح فى الصحف تحقق أهداف رجال الأعمال، رجل أعمال مثل نجيب ساويرس أيهما أسهل بالنسبة له أن يدفع 7 مليارات جنيه ضرائب للدولة عن صفقة لافارج أم يدفع 2 مليار جنيه للسيطرة على البرلمان المقبل، لقد بدأت خطته من خلال الإعلام والآن يسعى من خلال تحالفاته الانتخابية مع فلول الوطنى لتشكيل الحكومة القادمة.

فى كل بلاد العالم لا يسمح لرجال الأعمال باحتكار وسائل الاعلام بهذه الطريقة، حتى لا يستخدم هذا فى أغراض سياسية، فى فرنسا تستخدم قاعدة شهيرة اسمها 2 على أربعة، ويتم تقسيم وسائل الاعلام إلى أربع صحافة يومية وتليفزيون أرضى واذاعة أرضية وتليفزيون فضائى، ولا يحق لك أن تمتلك أكثر من وسيلتين من الأربع سواء كنت مالك وسيلة إعلام أو وكالة إعلانية، لذا فزيارة رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب لن تنسى هذه النقطة، وقابل المهندس إبراهيم محلب بالفعل رئيس المجلس السمعى البصرى فى فرنسا، وهو المجلس الذى ينظم وسائل الإعلام، ويمنع الاحتكار، ويكفل له حريته أيضا.

أى مهنة فى الدنيا تمارس بتصريح عمل ولها تعريف واضح، إلا «الإعلامى» فى مصر فهى مهنة تمارس بلا تصريح عمل أو حتى تعريف، وهذا جعل أى أحد يمتهن هذه المهنة، هل تتخيل أن القانون يبيح للأمى الذى لا يجيد القراءة والكتابة أن يقدم برنامج توك شو لملايين المصريين دون أن يحاسبه أحد!

فى كل بلدان العالم يمنح تصريح المهنة وفق شروط محددة وواضحة، مثل عضوية نقابة الصحفيين المصريين التى تمنح وفق شروط صعبة تضع الحد الأدنى فى الصحفى.

الحكومة وأجهزة الدولة ليست بعيدة عن الفشل الإعلامى، فتقارير الرقابة الإدارية التى رفعت للرئيس كلها سلبية عن أداء الحكومة، وأن الوزراء ليسوا على مستوى المطلوب منهم، لذا طلبت الرئاسة من الرقابة الإدارية ترشيح ثلاثة أسماء لكل وزارة، كل الوزارات بلا استثناء ترشح الرقابة الإدارية بدائل لهم، وهناك أسماء تم إرسالها بالفعل مع تقرير مفصل للرئاسة بالسيرة الذاتية والنزاهة المهنية والشخصية، لكن الرئاسة هذه المرة وضعت شروطا جديدة وهى أن يكون للوزير المرشح رؤية واضحة للمستقبل وفى نفس الوقت قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وهو مجهود مضاعف يبذله ضباط الرقابة الإدارية لسببين الأول أن مصر تم تجريفها من القيادات تقريبا منذ عصر المخلوع مبارك، وحتى الآن رحلة البحث عن وزير أو قيادة مليئة بالأشواك من فساد وعدم توفر قدرات قيادية أو أعمار كبيرة جدا أو نقص خبرات أو بيروقراطية، إن البحث عن وزير فى مصر الآن أصعب من البحث عن منتخب كرة يصل لكأس العالم، أو حتى أصعب من تشكيل ناد يفوز بالدورى العام..!

الصعوبة الثانية أنهم يبحثون عن الأسماء دون أن يعرف الطرف الآخر هذا، لأنه غير مسموح له بالتواصل مع الأسماء المرشحة أو حتى التلميح لهم.

مذبحة القلعة تنتظر قرارات حاسمة وحازمة فى الأزهر خاصة بعد الشكل الذى ظهرت به المؤسسة فى قضية إسلام بحيرى، ومتوقع أن يخرج للنور مشروع كامل لتجديد الخطاب الدينى أعده الشيخ أسامة الأزهرى والدكتور على جمعة.

هناك أيضا اتجاه قوى لتعديلات فى الصحف القومية بعد مجموعة من الكوارث والأزمات الدبلوماسية التى كادت بعض الصحف أن تسببها، فقد نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبرا نقلا عن موقع للحوثيين كاد أن يتسبب فى أزمة دبلوماسية مع السعودية، وهناك أخطاء ساذجة وقعت فيها صحف قومية أخرى ونشرت بعضها مصطلحات بالخطأ مثل «نيابة الانقلاب» و«المقاومة الشعبية» بدلا من الارهابيين، هذه الاخطاء تؤكد أن الصحف القومية أصبحت بلا رؤية ولا يوجد أحد لديه وقت لقراءة التقارير والأخبار.

السؤال الصعب هنا.. هل ستصل مذبحة القلعة إلى إعادة منصب وزير الإعلام أم سيتم الاكتفاء بالمجلس الأعلى السمعى البصرى؟

وهل ستصل إلى عمل ظهير سياسى للرئيس من خلال حزب جديد؟

هذه التساؤلات ستجيب عنها الأيام المقبلة.