يا إما الجيش.. يا ماتلاقيش!

العدد الأسبوعي



هل تعرفون لماذا يقرر كل من يمتلك سيارة أن يقوم بترخيصها لمدة ثلاث سنوات علما بأن المخالفات وتكاليف التجديد سيتكلف مبلغا كبيرا كلما طالت الفترة؟

الإجابة ببساطة لأن المواطن المصرى يخشى خوض تلك التجربة المريرة كل عام!.. بل يكتفى أن تكون رحلته الأليمة مع الجهات الرسمية رحلة (يابخت من زار وخفف)!.

سيدات يجلسن خلف حاجز زجاجى يتعاملن مع البشر من خلال نظرية يا شر إشطر.

وطابور طويل من المواطنين، متلاحمين بائسين وعاجزين..

نعم.. عاجزون عن التذمر أو الاعتراض أو حتى الاستفسار..

وفجأة تبدأ موظفة فى وصلة صُراخ هستيرى تنتهى بجُملة البت سوكة الشهيرة (كيفى كده!).

ومن مجمع التحرير إلى إدارة المرور والتراخيص يا قلبى لا تحزن..

مكان متسخ متهالك وموظفون يعملون فى ظروف غير آدمية تجعلهم فى محاولة دائمة للاسترزاق من جيوب أصحاب المصالح..

مواطنون يهانون.. ويعاملون أسوأ معاملة.. وسواء كانت الرشوة مقنعة أو غير مقنعة، فهى دائما وأبدا طريق المواطن المصرى للخلاص.. والعجيب أنها تتم تحت مرأى ومسمع من كاميرات المراقبة التى تنتشر فى المكان!..

ويأتى المشهد الأخير على النقيض، من داخل جهاز خدمات القوات المسلحة..

مبنى نظيف.. استراحة آدمية.. مجموعة شباب يستقبلونك من على الباب بابتسامة وبكل احترام.. موظفون يقومون بأداء واجبهم على الرحب والسعة..

تدخل وتخرج فى أقل وقت ممكن.. دون أن يمد موظف يده لطلب رشوة ولا يجرؤ فى الأصل شخص على تقديمها..

الخُلاصة.. أنه فى حين استطاعت الدولة أن تفرض منظومة ناجحة محترمة، وتحقق تجربة رائدة فى التعامل مع المواطنين.. فشلت نفس الدولة فى خلق منظومة مماثلة فى المجتمع المدنى..

ولأن مؤسسة الجيش مؤسسة تخضع لقوانين وأقدميات واحترام للرُتب، فقد نجحت فى العمل جنبا إلى جنب بجوار الدولة، بل فاقت خطواتها خطوة الحكومة والمحافظين والمحليات..

فنجد الخدمات الغذائية المقدمة من لحوم ومياه معدنية وخضروات، خدمات عالية الجودة بأسعار أقل من الأسواق بكثير.. ونجد خدمات الرصف والكبارى وتظبيط الطرق خدمات تتم بسرعة عالية وفائقة الجودة دون أى شبهة سمسرة ولا فساد كما هو الحال فى قطاع المقاولات بالدولة..

نجد مستشفيات القوات المسلحة والنوادى لها شكل مختلف ومحترم وبسعر مقبول..

إذن فهى دولة داخل الدولة.. ولو كانت تجربة خدمات القوات المسلحة تجربة رائدة ومحترمة، فلماذا إذن لا تُعمم؟ وطالما هو نفس الشعب ونفس القوانين ونفس الفكر، فلماذا لا نقوم بتكرار نفس التجربة فى مؤسسات الدولة الخدمية؟..

السبب فى نجاح تلك المنظومة ببساطة هو تطبيق القانون دون تجاوز.. فمن يخطئ يُعاقب.. ومن يتقاعس يتم استبداله بغيره.. ومن يقصر أو يخفق يتم استبعاده وتوظيف من هو قادر على تحمل المسئولية..

هذا باختصار هو الحل.. أن يتم تعميم تجربة الجيش الناجحة.. فالفساد الذى عشش فى النفوس حَول مصر إلى خرابة.. وجعل من الرشاوى والمحسوبيات طريق اتجاه واحد لتحقيق كل المصالح.. وأصبح شعار موظفى الدولة: (أبجنى.. تجدنى)!..

إنه نداء إلى الرئيس السيسى.. لك الحق سيدى أن تفتخر بالجيش المصرى لأنهم أبناؤك وزملاؤك.. ولك الحق أن تنتمى إليهم قلبا وقالبا لأنهم يستحقون..

لكن.. ولنا كمواطنين حق عليك.. أن تقوم بتعميم التجربة.. أن تقوم الدولة بتحويل الخدمات إلى خدمات مُميكنة حتى لا يتدخل فيها العنصر البشرى وبالتالى لا تخضع إلى فساد النفوس..

سيدى الرئيس.. لقد آن أوان أن يكون التعامل مع المواطنين بشىء من الآدمية..

سيدى الرئيس.. لقد آن أوان حساب المخطئين.