رحلات ابن فؤاد

العدد الأسبوعي



أعشق أدب الرحلات أكثر مما أعشق الرحلات!.. تفسير ذلك بسيط جدا فأدب الرحلة يقدم لى غالبا أكثر مما تقدمه الرحلة ذاتها خاصة عندما يكون أدبا جيدا ، دون أن يجشمنى أى عناء من عناءاتها على الإطلاق!!.. وأنا مستلق على فراشى أو جالس على كرسى وثير أرى ما رآه الكاتب وأسمع ما سمع، وأتزود إلى جانب ذلك بما يقدمه من المعلومات المرتبطة بما يكتب عنه، وهى معلومات يقوم الكاتب الجيد بجمعها أحيانا قبل رحلته بهدف تكوين فكرة أولية عن البلد الذى يعتزم زيارته، وفى أحيان أخرى يقوم بجمعها بعد الرحلة بقصد استكمال مادة الكتابة عن المكان: الحاضر والتاريخ والأشخاص، وسواء قام بجمعها قبل الرحلة أو بعدها فإنه فى الحالتين يقدم شيئا إضافيا يتجاوز ما تقدمه الرؤية المباشرة التى يعرضها من خلال وصفه أو سرده...رحلات ابن فؤاد هو واحد من هذه الكتب الممتعة من أدب الرحلة كتبه الأستاذ شارل فؤاد المصرى مدير التحرير الأسبق لصحيفة المصرى اليوم «وهو بالمناسبة واحد من التلامذة النابهين الذين شرفت بالتدريس لهم عندما عهد إلى فى إحدى السنوات منذ ثلاثين عاما أو أكثر أن أقوم بتدريس إحدى المواد لطلاب قسم الصحافة بكلية الآداب بسوهاج التى كانت فى ذلك الوقت فرعا من فروع جامعة أسيوط»..فى كتاب: رحلات ابن فؤاد فى وصف البلاد والعباد.. كل ما ينشده عاشق أدب الرحلات من المتعة والمعرفة معا..حيث يطوف بك المؤلف من اليمن الذى كان سعيدا «وهذا هو وصف المؤلف نفسه» إلى سنغافورة الحلم الذى أصبح حقيقة، ومن سنغافورة إلى الدولة العربية ذات الحسن: تونس الخضراء، ومن تونس إلى سويسرا ومن سويسرا إلى الكويت التى لم يقم بزيارتها فحسب ولكنه عمل فيها محررا صحفيا فى إحدى الصحف التى يملكها رجل أعمال متعجرف مما دفع شارل إلى الاستقالة بعد أشهر قليلة من العمل.. زار الأستاذ شارل اليمن عام2010 لكى يجرى حواراً صحفياً مع ناصر البحرى السائق الخاص الأسبق لأسامة بن لادن الذى استقر به المطاف هناك، أما سنغافورة فقد زارها عام 2009 بدلا من رئيس تحرير المصرى اليوم الذى وجهت إليه الدعوة فى ذلك الوقت لكنه لم يكن راغبا فى السفر ، ويتوقف الأستاذ شارل وقفة متأنية عند سنغافورة تلك الدولة الفقيرة عديمة الموارد الطبيعية تقريبا ومع هذا فقد استطاع زعيمها لى كوان يو بفضل ذكائه المتقد وبصيرته الثاقبة أن يحولها فى ظرف سنوات معدودة إلى واحدة من أغنى دول العالم بفضل نظام للتعليم شديد الكفاءة وبفضل تعايش حقيقى بين الأجناس والأديان، وقبل ذلك كله بفضل تطبيق حقيقى لمبدأ سيادة القانون لا يعرف أى شكل من أشكال التهاون أو المحاباة أو التمييز،.. بعد سنغافورة يطير بنا الأستاذ شارل إلى تونس التى كان كل من يقابله يقول له: يعايشك، فيرد عليه قائلا : شارل فؤاد المصرى، ثم تبين فى النهاية أن يعايشك ليست هى اسم المتكلم ولكنها كلمة ترحيب!!، بعد سنغافورة يحط رحاله فى سويسرا حيث عاشت القديسة فيرينا التى يوجد لها تمثال فى مدخل السفارة السويسرية بالقاهرة وقد نقش على قاعدته عبارة تقول: «علمت سويسرا النظافة، وعلمت فتياتها الطهارة»، هذه القديسة فيما ذكرته دراسة أكاديمية للدكتور محمد عبدالشافى الأستاذ بجامعة جنوب الوادى، هى فتاة مصرية الأصل تنتمى إلى قرية جراجوس مركز قوص محافظة قنا.. أى أن التى علمت السويسريين النظافة هى مصرية صعيدية، والعهدة على الأستاذ شارل والدكتور عبدالشافى.