د. أحمد يونس يكتب: أديحنا بنبلبط

مقالات الرأي



■ إيمى سمير غانم، غالباً ما تسىء الاختيار. لكنها كممثلة: مـنجم ذهب، لم يكتشـف أحـد إلى الآن أغـواره الحقيقية. أرجو ألا أكـون هذه المـرة مخطئاً كالعادة.

■ ■ ■

■ سليلة السلطان الأطرش بجبل الدروز، صاحبة السمو الأميرة أسمهان، ما مدى صحة ما يتردد عن علاقاتها بأكثر من جهاز مخــابرات أجــنبى فى نفــس الوقت؟ هل الإنجليز هم الذين قاموا بتصفيتها جسدياً، عندما اكتشفوا أنها تورطت فى العمل جـاسوسة لحساب الألمان أو الفرنسيين؟ أكون كاذباً لو ادعيت أننى أقترب حتى من تصــور ما حدث. لا أملك فى الواقــع سوى الأسئلة: هل يرجع التشكك فى هذا الذى انتشر كالنار فى الهــشيم إلى سوء الظن بأصـحاب هذه الروايات؟لماذا لا تكون نفس الأجهزة الاستخباراتية هى مـن يروج لهذه الأقاويل؟ مـن زج بأم كلثوم، أو بالملك فاروق، طرفاً فى الموضوع؟ هل هو فريد الأطرش الذى من الواضح أنه يستمتع بلعب دور الضحية؟ ياريتها جات على قـــد كده؟ أيامنا كلها مــن الفجر حتى الغروب، ليس فيها ما هو أكثر من الألغاز. نكاد نغرق فى بحــر هــادر من علامات الاستفهام، ولا أحد بيننا يجيد السباحة وسط عـواصف رعــدية كهذه. أديحنا بنبلبط! كما فعلنا دائماً مع آلاف الأسرار فى حياتنا. أديحنا إيه؟ بنبلبط .

■ ■ ■

■ الأخ عـبد الواحد النبوى، وزير الثقافة، انتهز فرصة الهجوم الفاشل على الجنود فى سيناء، ليصدر فرماناً بإيقاف الأنشطة الثقافية إلى أجــل غــير مسمى. غريزته السياسية قالت له إن هذا ما يريده الرئيس. لكنه سرعان ما أصدر فرماناً ثانياً بحصر المدة فى ثلاثــة أيام. حاسته السياسية قالت له إن هذا ما يفضله الرئيس. ثم ما لبث أن أصدر فرماناً ثالثاً بإعادة الأنشطة الثقافية إلى سابق عهدها. بوصـلته السياسية كانت فى كـــل مــرة بتحدف خارج السياق. وعلى الفور، تذكـرت أن شخصاً ما فى جهــة ما قرر فى أعقاب نكسة 1967 إلغـاء تدريس مادة الأدب الأمريكى فى جامعة عـــين شمس. وقد تختلف النوايا أو الدوافع من حــالة إلى أخرى. إلا أن الضرر الذى يلحق بالوطن فى جميع الظروف يظل هو نفسه. المصيبة هى افتقار الذين يديرون دفة الوزارة إلى الرؤية الثقافية أصلاً. معالى الوزيـر بما يطلق عليه: الندوات الدينية التى لا يعرف أحـد مغزاها الحقيقى، يكون قد أقحم نفـسه من غــير مناســبة فى شــئون وزارة الأوقاف. البعض إلى الآن يعتبرون أن الثقافة أو الفـن نـوع من الطبل والزمر والرقص والمسخرة، كما لو أن الإخوان مازالوا يحكمون.

■ ■ ■

■ كم مـــرة حتى الآن شاهدنا هـذا الفـيلم من قبل؟ هل قلت: الفيلم؟ أقصد: المسلسل المتعدد الأجزاء. اسمه الثلاثي: وحوى يا وحوى! إياحة! وعلى امتداد الوطن العربى من الدار البيضاء حتى باب المندب، اقتربت من نهايتها حكاية المواطن الصــائم عن التفكير. حكاية المواطن الذى يظل ثلاثين يوماً فور انطلاق مدفع الإفطارـ أمام التليفزيون فــى الوضع فاغراً فاه كنزلاء مستشفيات الأمراض العقلية. ملايين البشــر من الدار البيضاء حتى باب المندب يستلقون متخشبى الملامح كالمنومين مغنطيسياً، ليبتلعوا فيضاناً من المسلسلات الخطيرة على خلايا مراكز الإدراك بالفص الأيمن من الدماغ. ومع تـلال الكنافة أو القطايف أو البسبوســة أو صوابع زيـنـب، نثـبت فى كـــل رمضان مدى تـعاطفنا مع الفقراء الذين يصومون على مدار السنة.

■ ■ ■

■ كـلمـا سألتنى، كما اعتادت دائماً، بينما نحن نتصافح: أخــبارك إيه؟ أحاول أن أقول لها: كما أنا، مهزوم، ومحاصر، ومثخن بالجراح، ومبتسم. لكننى، من شدة الإجهاد، أكتفى بالضغط على يدها دون أن أنطق بكلمة.