أول رد فعل على إعدام "سيف القذافي".. ومخاوف من عودة "الصراع"

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


بعد ساعات قليلة فقط من إصدار محكمة ليبية حكما غيابيا يقضي بإعدام سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي، وصهره عبد الله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات السابق، والبغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة قبل انهيار نظام القذافي عام 2011، بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) قبل نحو أربع سنوات، أقر مجلس النواب الليبي بالأغلبية أمس قانونا يقضي بالعفو العام، نص في مادته الأولى على «العفو العام والشامل عن كل الليبيين منذ منتصف فبراير (شباط) 2011 وحتى تاريخ أمس».


وقال طارق الجروشي، عضو المجلس، لوكالة الأنباء الرسمية، إن القانون اشترط «تقديم تعهد مكتوب من قبل المعفو عنه، يفيد بعدم عودته للإجرام مرة أخرى، وإرجاع المال محل الجريمة، إضافة إلى التصالح مع المجني عليه وولي الدم بالنسبة للقتل».

واستثنى القانون «مجرمي الإرهاب ممن نص عليهم قانون الإرهاب الذي اعتمده مجلس النواب خلال الفترة الماضية، وتجار المخدرات، إضافة إلى جرائم الاغتصاب وهتك العرض بالقوة، والقتل والخطف والتعذيب، وجرائم الحدود الشرعية، وجرائم الفساد بأنواعه».

وقبل ساعات من خروج هذا القانون، أصدرت محكمة في العاصمة الليبية طرابلس حكما بإعدام ابن القذافي وبعض كبار نظامه السابق، كما أصدرت ثمانية أحكام بالسجن المؤبد، بينما تراوحت الأحكام الباقية بين السجن 12 سنة، وخمس سنوات بدأ تنفيذها على الفور، كما أعلنت براءة أربعة متهمين، بينما أمرت بنقل متهم إلى مصحة عقلية.

وأعلن رئيس محكمة استئناف طرابلس، دائرة الجنايات، بوسط طرابلس في تلاوة الحكم عن «إدانة المتهمين سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي والبغدادي المحمودي بما أسند إليهم، ومعاقبتهم بالإعدام رميا بالرصاص»، بينما قال المدعي العام الليبي صديق الصور إن الأحكام الصادرة نهائية، لكن أحكام الإعدام تحتاج إلى مصادقة المحكمة العليا عليها ضمن مهلة 60 يوما، يحق للدفاع خلالها الطعن بها.


ومثل المتهمون حليقي الذقون وهم يرتدون زي السجن الأزرق، بينما كان قسم كبير منهم حليق الرأس داخل قفص الاتهام، وجلسوا على كراسيّ خشبية. وباستثناء السنوسي الذي كان يمازح أحد الحراس، لزم المتهمون الصمت طيلة الجلسة. وعندما بدأ القاضي بتلاوة الحكم انقطع التيار الكهربائي للحظات.


وقال أحمد قذاف الدم، المبعوث الخاص السابق للقذافي وابن عمه، للشرق الأوسط، إن أحكام الإعدام «تنهي محاولات الحل السلمي الذي كانت الأطراف الليبية تسعى إليه، بما فيها (اتفاق الصخيرات) الذي رعته الأمم المتحدة وجرى إقراره قبل أسبوع». 

وحذر من أنه سيكون هناك «رد فعل عنيف على هذه الأحكام» من جانب المدنيين والعسكريين وحركة اللجان الثورية، بالإضافة للقبائل، لأن «أحكام الإعدام صدرت من سلطة غير شرعية».
ولم يصدر أي رد فعل عن المتهمين على الأحكام، إلا أن واحدا منهم هتف في نهاية الجلسة «مجرمون، بلطجية، ظلمة»، فتم إخراجه من القاعة، كما أصيب متهم آخر بنوبة عصبية، وراح يهز رأسه يمينا ويسارا محدقا بالسقف، قبل أن يتم اصطحابه أيضا خارج القاعة. ووقف بين المتهمين رجلا أمن يضعان قبعتين ونظارات شمسية حتى لا يتم التعرف عليهما، بينما فرضت قوات الأمن طوقا أمنيا مشددا في محيط المحكمة، كما أغلقت كل المحال التجارية القريبة منها.


وصرح أحد محامي الدفاع عن السنوسي، يدعى إبراهيم أبو عائشة، نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية، أنه «لم يأتِ شهود إثبات ولم يحضر شهود نفي. لذا فإن عدالة هذه المحاكمة نسبية». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «هناك 4 آلاف ورقة تحقيق، و40 ألف مستند (ضمن القضية).. فكيف درست بهذه السرعة؟».

وتصدر هذه الأحكام في وقت تشهد فيه ليبيا صراعا على السلطة منذ إسقاط النظام السابق عام 2011، تسبب بنزاع مسلح قبل عام، وبانقسام البلاد بين سلطتين، حكومة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وحكومة مناوئة لها تدير العاصمة منذ شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، وذلك بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت اسم «فجر ليبيا».

ووجهت إلى رموز نظام القذافي في هذه القضية، التي انطلقت قبل ثلاثة أعوام، تهم «قتل وقمع» المتظاهرين أثناء ثورة فبراير عام 2011، والمساهمة في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، ومحاصرة المدن والقرى التي انتفضت ضد القذافي، إلى جانب تهم بإساءة استخدام المال العام. 

ويحتجز سيف الإسلام القذافي في بلدة الزنتان، التي تبعد 180 كيلومترا جنوب غربي طرابلس، والتي تعتبر موالية للسلطات الليبية المعترف بها من المجتمع الدولي. ومنذ سيطرة ميلشيات فجر ليبيا المناهضة على طرابلس، منعت الزنتان مثول سيف الإسلام أمام محكمة طرابلس عبر الدائرة المغلقة لعدم اعترافها بشرعية السلطات الموازية في طرابلس.

وليس للمحكمة قوة شرطة تابعة لها، وهي تعتمد على الدول للتعاون طوعا في تنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها، حيث تعتبر عقوبة السجن مدى الحياة هي أقصى عقوبة تصدرها المحكمة.