حسين معوض يكتب: خرابة منير فخرى عبدالنور

مقالات الرأي



يُحكم منير فخرى عبدالنور قبضته على مستقبلنا، يملك مفاتيح التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة.. لكنه لا يجيد فك شفرات تلك المفاتيح.. فى عهده بارت التجارة وأغلقت المصانع ودخل أصحاب المشروعات الصغيرة السجن.

لا يجد الوزير ما يبرر اتهامه بالفشل، ولا مبرر يدفعه لتقديم استقالته حتى إن تراجعت صادرات مصر، حتى وإن تحولت شوارعنا إلى أسواق مفتوحة للبضائع المهربة..

لقد تراجعت الصادرات فى الربع الاول من العام الحالى لتسجل 14 مليار جنيه، مقابل 17.26 مليار فى الربع الأول من العام الماضى، بنسبة تراجع 18.9%.

الوزير لم يرهق نفسه بمحاولة تنفيذ روشتات العلاج التى يقدمها له المختصون فى كل مجال، منهم من يكتب المذكرات ويرسل بدراسات السوق إلى مكتب الوزير ليفاجأ بعدها بقرار عكسى يزيد من الأزمة.

بفضل منير فخرى عبدالنور أصبحت أسواقنا من أكثر الأسواق على مستوى العالم استقبالا للبضائع المهربة.. تتجاوز قيمة تلك البضائع 100 مليار جنيه، نصفها أقمشة ومنسوجات، وبفضلها أغلقت مصانع الغزل والنسيج أبوابها.. لتصل خسائرنا المباشرة من ظاهرة التهريب 36 مليار جنيه هى قيمة الرسوم الجمركية وضرائب المبيعات وضرائب الدخل التى كان يجب تحصيلها عن تلك السلع لو دخلت البلاد بطرق شرعية، وخسائرنا غير المباشرة إغلاق مئات المصانع!

بالطبع لا يحمل عبدالنور وحده مسئولية البضائع المهربة، وإن كان رعاياه من التجار والمصنعين والمصدرين والمستوردين هم أكثر الفئات تضررا، المسئولية تطال أصحاب الولاية على المنافذ الجمركية والضريبية فى الموانئ والمطارات والمنافذ البرية.

أهل الصناعة هم الأكثر دراية بطريقة حمايتها، قدموا للوزير منير فخرى عبدالنور مذكرات تفصيلية بالأزمة وبطريقة حلها، طالبوه بإخضاع الواردات والصادرات لتفتيش دقيق خاصة التى تدخل مصر ضمن قانون السماح المؤقت أو من خلال المناطق الحرة العامة أو الخاصة.. طالبوه بتعديل قواعد صرف المساندات المالية للصادرات من صندوق تنمية الصادرات.. طالبوه بتعديل نظام السماح المؤقت لزيادة الرقابة وإتاحة فرص متساوية أمام جميع المصنعين.. طالبوه بحماية الإنتاج المحلى من الغزل والنسيج بتعديل الرسوم الجمركية وإقرار قواعد لحماية المصانع والمنتجات المصرية.

كتب المختصون فى الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين قائمة بأسباب تراجع الصادرات المصرية.. يستحقون أن تدرس تلك الأسباب وأن يتم الرد عليها سواء بإصدار قرار لعلاج الأزمة او الإعلان أن تلك المطالبات مجرد طمع من المنتجين، من بين تلك الأسباب ارتفاع تكلفة إنشاء المشروع «ثمن الأرض. الازدواج الضريبى. المبالغة فى فرض خطابات الضمان».

السبب الثانى لتراجع الصادرات المصرية هو ارتفاع تكلفة الإنتاج، مثل فرض ضريبة المبيعات على الخامات، وزيادة أسعار الكهرباء والماء والغاز، وارتفاع تكلفة التمويل حيث زادت الفائدة إلى 17% سنويا، وفرضت ضريبة عقارية على المصانع تسببت فى إغلاق بعضها.

أيضاً يعانى المنتجون من عدم العدالة عند تطبيق اتفاقيات التبادل ومنها اتفاقية التيسير العربية، فالمنتجون العرب لديهم دعم مباشر وغير مباشر يخفض تكلفة إنشاء المصنع وإنتاج السلع، ويحصلون على الأرض بالمجان، والمواد الخام بدون جمارك، والقروض بلا فائدة، والخدمات بتكلفة اقل.

وبدلا من دعم صادراتنا قررت الحكومة تخفيض مساندة الصادرات بنسبة 50%، ووضعت وزارة الصناعة برنامجًا معقدًا يجعل فرصة الحصول على دعم الصادرات شبه مستحيل، إضافة الى عدم ضخ أموال فى صندوق الصادرات وتوقف الصرف.

أزمة الصادرات المصرية مرصودة بنفس التفاصيل تقريبا فى كل الدراسات والتقارير، والأغرب أن روشتات العلاج واحدة، قد تكون اكثر تركيزا على قطاع بعينه حسب جهة إعداد الدراسة، لكن فى النهاية الأزمة واحدة والحلول معروفة.

إحدى الدراسات ركزت على صناعة المنسوجات، والتى تمثل نصف حجم الصادرات تقريبا، ونصف حجم البضائع المهربة إلى مصر أيضا.. الدراسة كانت خلاصة مؤتمر خارطة الطريق لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج، وشارك فى هذا المؤتمر الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج وغرفة الصناعات النسيجية والنقابة العامة للغزل والنسيج، عقد المؤتمر منذ ثمانية أشهر وتحديدا نهاية 2014 .

وعددت الدراسة نفس ملامح الأزمة، ووجهت أيضا الاتهامات لنفس الجهات الحكومية، وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية ووزارة الزراعة، كتب الأزمة وكتبت الحل، وانفض المؤتمر بتوصياته بدراساته ولم تتغير ملامح المأساة.

بالطبع لا تحتاج الحكومة ولا المصنعون ولا المصدرون أن نسرد عليهم التفاصيل.. فأدراجهم مملوءة بمثل تلك الأوراق.. الملمح الوحيد الذى يتسرب من بين سطور أوراق الدراسات هو الكفر بجدوى محاولات إنقاذ الشركات الحكومية العاملة فى أهم قطاع يصدر منتجاته، مصانع الغزل والنسيج، وظهرت مطالبات علنية بإغلاق مصانع الغزل والنسيج وهدم مبانيها التى تجاوزت أعمارها 60 عاما، ولن تقل تكلفة إعادة هيكلتها على 10 مليارات.

اعتقد أن منير فخرى عبد النور سوف يعمل بالمثل الشعبى «الخراب مفيش أسهل منه».. وبالتالى لن نعود لنصدع رأس الوزير ونطالبه بنظرة رضا للمصانع والمصدرين