بالصور.. نجمات خطفن الأنظار فى حفل افتتاح مهرجان فينيسيا السينمائي الدولى الـ72

الفجر الفني

بوابة الفجر


بدا افتتاح الدورة 72 من مهرجان فينيسيا السينمائي (المعروف باسم الموسترا) باردا وسط الطقس الحار في المدينة، التي امتلأت بالسياح بملابسهم الصيفية الخفيفة، بينما امتلأت الشاشة بمشاهد القمم المكسوة بالثلج والرجال الذين يملأ ندف الثلج لحاهم او تتجمد أعضاؤهم وسط العواصف الثلجية، وسط حضور مكثف لنجمات العالم واللاتي خطفن الأنظار بإطلالتهن المختلفة.

 

وقد سبق مهرجان برلين السينمائي الموسترا في اختيار فيلم حول مغامرة استكشاف وسط أجواء ثلجية في غرينلاند وهو فيلم "لا احد يريد الليل" للمخرجة ايزابيل كواكسيت، وكان أيضا عن قصة حقيقية وقعت احداثها عام 2008.

 

ومن بين 55 فيلما، اختار المدير الفني للمهرجان البرتو باربيرا فيلم "إيفرست" للمخرج الايسلندي بالتازار كورماكور للافتتاح مراهنا على الابهار البصري في مشاهده البانورامية المصورة للشاشة الكبيرة بتقنية آيماكس ثلاثية الابعاد، والتي تتابع رحلة مجموعة من المغامرين لتسلق قمة إيفرست، أعلى جبل في العالم، أو سقف العالم بحسب تعبير البعض.

 

ولنا ان نستنتج عوامل عدة وراء هذا الاختيار، فالفيلم كان يتسم بالكوزموبوليتانية في انتاجه وقصته وشخصياته حيث أخرجه مخرج أيسلندي (من أب أسباني)، وقد غامر لانتاجة شركات تنتمي الى صناعات سينمائية في بلدان مختلفة (الولايات المتحدة، بريطانيا).

 

كما كان لإيطاليا حصة في عملية الانتاج عبر تصوير الكثير من المشاهد في جبال الألب في ايطاليا، إلى جانب نيبال التي تضم قمة ايفرست، كما صورت مشاهده الداخلية في استوديوهات تشينا تشيتا الأيطالية وباينوود البريطانية.

 

وينسحب هذا الأمر أيضا على الشخصيات التي توزعت على مجموعة من متسلقي الجبال من جنسيات مختلفة من بينها (الولايات المتحدة، نيوزيلندا،استراليا، اليابان، روسيا، نيبال) وقد اجتمعوا في هذه الرحلة لتسلق قمة ايفرست وانتهت رحلتهم بمآل تراجيدي.

 

وإنعكس هذا التنوع في نجوم الفيلم الذين احتشدوا على السجادة الحمراء في حفل الافتتاح، إذ لعب روبن رايت، وكايرا نايتلي، وجيك جيلنهال، وجيسون كلارك، وجوش برولين وناوكو موري الأدوار الأساسية في الفيلم .

 

"منطقة الموت"

واستند سيناريو الفيلم، الذي اشترك في كتابته وليم نيكلسون وسيمون بيوفوي إلى قصة حقيقة وقعت في عام 1996 لفريق تسلق تمكن من الوصول إلى قمة جبل ايفرست ولكنه فقد عدد من أعضائه في طريق العودة بعد ظروف مناخية قاسية.

 

ومن المعروف أن بيوفوي سبق له أن كتب سيناريو مغامرة جبلية أخرى عن قصة حقيقة في فيلم 127 ساعة الذي اختتم به مهرجان لندن السينمائي عام 2010 .

 

كما اعتمد الفيلم الجديد على كتابين كتبهما اثنان من الناجين في هذه الرحلة هما "في هواء واهن (خفيف)" لجون كراكور و"تركوا ليموتوا: رحلتي من البيت إلى إيفرست" لبيك ويذرز.

 

وأشارت تقارير صحفية الى كتاب آخر حمل تفاصيل مختلفة عن الرحلة هو "الصعود" للمتسلق الروسي الكاخازي الأصل أناتولي بوكريف الذي أدى دوره في الفيلم الممثل الأيسلندي أنغفار سيغوردسون.

 

ويدور الفيلم في فلك فكرة فلسفية عن الإنسان وتحدي الطبيعة، وهي هنا أعلى قمة جبل في العالم وهو التحدي الذي تحسمه إحدى شخصيات الفيلم بالقول " الكلمة الأخيرة دائما للجبل".

 

فالمتسلقون يصلون إلى قمة الجبل، التي يصل ارتفاعها إلى 29.029 قدما، بعنفوان اندفاعهم وقوة إرادتهم واصرارهم، لكن مصائر بعضهم تستحيل تراجيدية وسط تقلبات الطبيعة و"غضب" الجبل.

 

ويظل الفيلم في ربعه الأول في سياق التمهيد والتعريف بشخصياته المتعددة، التي تبدأ مع روب هول (جيسون كلارك) متسلق الجبال النيوزيلندي وصاحب شركة تروج لرحلات استكشافية لتسلق قمة ايفرست، وهويودع زوجته (الممثلة كايرا نايتلي)، ليبدأ رحلة إلى العاصمة النيبالية كاتماندو.

 

وينضم إليه ثمانية مشاركين من أمثال نامبا اليابانية (ناوكو موري) التي سبق أن تسلقت ست قمم وتخوض محاولتها السابعة، ودوغ هانسون (جون هاوكس) الذي يعمل ساعي بريد في سياتل وله محاولة سابقة فاشلة لتسلق ايفرست، وويذرز (جوش برولين) القادم من تكساس، والصحفي كراكور(مايكل كيلي) الذي كان سببا في علاقة متوترة بين هول وقائد فريق تسلق أخر هو سكوت فيشر (الممثل جيك جيلنهال) لكنهما يتفقان في النهاية على أن يجمعا فريقيهما ويقوما بهذه الرحلة سويا.

 

ويتابع السيناريو تسلسل الرحلة مرحلة تلو أخرى ومن مخيم الى آخر وسط مرتفعات ايفرست، مشيرا في كل مرة إلى قياس الارتفاع بعنوان على الشاشة، لكن التوتر والشد الدراميين يتصاعدان بعد الوصول إلى ارتفاع نحو 8 آلاف متر (26.246 قدما) التي تسمى منطقة الموت، حيث يشح الأوكسجين ويكون الهواء خفيفا جدا يصعب حتى على الطائرات المروحية التحليق فيه.

 

"كلمة الجبل الأخيرة"

ونجد انفسنا هنا إزاء مرحلتين، الأولى يحدوها التحدي الذي يدفع بالمتسلقين إلى الوصول إلى القمة، والتي بدت سهلة دون معوقات كبيرة، واقتصرت على مشهد هنا او هناك حرص المخرج على تقديم توتر أو اللجوء إلى حيل سردية في سياق السعي الى التشويق والاثارة، ويبدو أنه قد اختزنها إلى المرحلة الثانية، أي مرحلة العودة حيث يواجه بعض أعضاء الفريق مصائرهم التراجيدية، بين من يفقد قدرته على المواصلة وبين من تتجمد أعضاؤه في الثلج بعد تغير الطقس وهبوب عواصف ثلجيه ووقوع انهيارات ثلجية.

 

وبدا النصف الأول من الفيلم استعراضيا فقد كانت الغلبة فيه للمشاهد الطبيعية البانورامية والقمم الجبلية المكسوة بالثلج، ذات ايقاع سريع ومتوتر ومشاهد شد وتشويق جاذبة، بيد أنها كانت تكسر بمشاهد طويلة بدت مملة احيانا رغم اللمسة الانسانية التي فيها عند العودة إلى المشاهد الداخلية للزوجات المنتظرات أو المكالمات التلفونية الطويلة بينهن وازواجهن وسط محنتهم عبر الهواتف الخلوية المتصلة عبر الاقمار الاصطناعية.

 

وقد اربكت تلك النقلات ايقاع المونتاج لا سيما أنه كان يعتمد على القطع الحاد لمتابعة مصائر الشخصيات التي توزعت في أماكن مختلفة.

 

ولم يتح هذا التوزع السردي فرصة لبناء الشخصيات بشكل أكثر عمقا أو حتى للممثلين لتقديم مشاهد أدائية تعكس قدراتهم، لا سيما اننا بالكاد نرى وجوههم أو تعابيرهم، احيانا، وسط الملابس الثقيلة والعواصف الثلجية التي لم تتوقف.

 

وبدت كاميرا مدير التصوير سلفاتوري توتينو بطلة هذا الفيلم بلا منازع، وهي تحلق في طائرات مروحية لتقدم لنا تلك المشاهد الطبيعية البانورامية باذخة الجمال للقمم العالية وهي تعانق الغيوم، او كتل الثلج المتوزعة على القمم والسفوح الجبلية، أو ذاك المشهد الرائع لحشود السائحين والمتسلقين على الجسور المعلقة بين السلاسل الجبلية، وخاصة انها صورت بطريقة آيماكس للعرض على شاشات كبيرة.

 

ولنا ان نتخيل مدى جسامة المهمة بالنسبة لكادر التصوير بالتصوير بكاميرا ثقيلة في مثل تلك الاماكن الشاهقة.

 

ونجح توتينو في تقديم مشاهد تتسم بالجمال والجودة في المشاهد الطبيعية التي نقلها من تلك البيئة الصعبة، إذ صور جزءا من مشاهده في النيبال حيث قمة ايفرست، وصور مشاهد أخرى في جبال الالب في ايطاليا.

 

كما نجح في نفس الوقت في التقاط تلك اللقطات القريبة المميزة لممثليه وسط تلك الاجواء الثلجية او المرتفعات الجبلية الوعرة، وبدت براعته واضحة في مشاهد العودة في (منطقة الموت)، حيث تواجه الشخصيات مصائرها التراجيدية بطرق مختلفة، فتراه يتدرج من مشاهد ترى الموت يتسلل فيها إلى واجهة المشهد، ثم مشاهد احتضار شخصياته وسط البرودة الشديدة وتجمد أعضائهم أو مشاهد جثثهم التي يدفنها الثلج.

 

وعلى غير العادة، كنا في الدورة الثانية والسبعين لمهرجان فينيسيا السينمائي أمام افتتاحين، إذ سبق هذا الافتتاح الجماهيري بفيلمه ثلاثي الابعاد واحتشاد نجومه وممثليه على السجادة الحمراء لصالة المهرجان الرئيسية، افتتاح استعادي احتفائي بالمخرج الراحل أرسون ويلز وبعض أعماله المقتبسة عن شكسبير، بعد مرور 30 عاما على وفاته.

 

وعرضت نسخة مرممة من فيلم ويلز غير الكامل " تاجر البندقية" وكذلك النسخة الايطالية من فيلمه الشهير "عطيل" عام 1959 من أرشيف الفيلم الوطني الايطالي قبل يوم من الافتتاح الرسمي.

 

ورافق هذه العروض معرضا فنيا ظريفا حمل عنوان "شكسبيروالسيغار" ضم 12 صندوقا خشبيا من صناديق السيجار التي كان يستخدمها ويلز، ورسم على كل واحد منها تصوره لشخصية من شخصيات شكسبير التي جسدها في أعماله.