في الذكرى الـ"42" لحرب أكتوبر.. تعرف على رجل الحرب المستحيل الملقب بـ"المظلوم"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ"42" لحرب أكتوبر 1973 المجيدة، حاولت "الفجر" التنقيب في سطور التاريخ عن أهم شخصيات شاركت وساعدت في نجاح الحرب.

وجاءت أول شخصية في طريقنا هي شخصية سعد الدين الشاذلي، الرجل الذي فعل المستحيل في حرب أكتوبر بداية من مراحل الإعداد ووصولا إلى النصر.

وفي نفس الوقت الرجل الذي لُقب بأكثر شخص ظلم في مصر، هكذا كان "الشاذلي" في عيون اللواء "محمد علي بلال" مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق والذي لقبه برجل المستحيل والمظلوم.

- نشأته وحياته الاجتماعية

ولد سعد الدين الشاذلي، بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في 1 أبريل 1922 وسط أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك 70 فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمىّ على اسم الزعيم سعد زغلول.

منذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانيًا وعقليًا بحب العسكرية، حيث كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطًا بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير.

تلقى الشاذلي، العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون، وبعد إكماله الإبتدائية، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره 11 سنة، وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة.

وتزوج الشاذلى في 13 ديسمبر 1943 من زينات محمد متولي السحيمى ابنة محمد متوليباشا السحيمى مدير الكلية الحربية في ثلاثينات القرن الماضي وأنجب 3 بنات هنّ: شهدان وناهد وسامية.

- التدرج الوظيفي

التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته وتخرج من الكلية الحربية في يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة، ثم تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان وقتها برتبة ملازم.

وشارك في حرب فلسطين 1948شارك في الحرب العالمية الثانية، وكان مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر، وكان قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956، وقائد أول قوات عربية في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة، وكان قائد اللواء الأول مشاة في حرب اليمن.

وقائدًا للقوات الخاصة "المظلات والصاعقة" وقائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ثم أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية، ثم سفير مصر في بريطانيا ثم سفيرها في البرتغال.

- الخلاف مع السادات

سر الخلاف الذي نشب بين السادات والشاذلي، تدخل السادات في الخطة التي وضعها الشاذلي وأصر على تنفيذها خلال الحرب، وأدى التدخل إلى حدوث ما يعرف بالثغرة، التي كبدت الجيش خسائر فادحة، وثبت لاحقا صواب رأي الشاذلي وخطأ السادات الذي قام بنشر مذكراته التي اتهم فيها الشاذلي بالتخاذل وحمله مسئولية الثغرة.

وقام بإبعاده عن الحرب واستبداله بالمشير محمد عبد الغني الجسمي واستبدل صوره معه بصوره هو والجسمي داخل الجبهة  في محاولة من السادات بمحو أي دليل يشير إلى دور الفريق الشاذلي في معركة العبور.

 مما اضطر الشاذلي، بالرد وكتابة مذكرات وصفت السادات بأنه المخطأ وأنه يتدخل في قرارات جميع العسكريين ولا ينتبه لنصائحهم مما كلف الجيش خسائر فادحة وتقدم الشاذلي بعد كتابة مذكراته ببلاغ للنائب العام ضد السادات.

وفي شهادة المشير الجسمي، أكد أن الشاذلي على حق، وقد تسبب  الكتاب الذي أصدره الشاذلي عن مذكراته إلى محاكمته غيابيًا في عهد محمد حسني مبارك عام 1983 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية.

- نفيه والقبض عليه

في مساء 14 مارس 1992، عاد الفريق الشاذلي إلى مصر بعد أن قضى 14 سنة منفيًا في الجزائر منها سنتان في عهد الرئيس أنور السادات، و12 سنة في عهد الرئيس حسني مبارك، قبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربي التابع للجيش الثالث الميداني[1] لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم، ووجهت للفريق الشاذلي تهمتان:

التهمة الأولى: هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه، واعترف الفريق الشاذلي بإرتكابها.

التهمة الثانية: هي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه، وأنكر الشاذلي صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية، طالب الفريق الشاذلي، أن تتم إعادة محاكمته وبشكل علني إلا أن طلبه قد رفض. .

في بداية أكتوبر 1993، تم الإفراج عن الفريق الشاذلي عن طريق عفو عام، وبعد خروجه عاش منعزلاً بعيدًا عن الناس، وعاد لقريته وخصص أرضًا كوقف للإنفاق على مسجد، وعاش كخبير إستراتيجي يكتب ويحلل كل ما يدور على الساحة.

- وفاته

توفي الشاذلي 10 فبراير 2011 بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة، وقد شيّع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرها آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة بميدان التحرير.