قراءة في الوضع الليبي بعد تشكيل حكومة "الصخيرات"

عربي ودولي

بوابة الفجر


قالت صحيفة الحياة اللندنية، إنه بعد الإعلان عن تشكيلته الحكومية في ختام أحدث جولة حوار في مدينة الصخيرات المغربية، بات بالإمكان القول إن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون، نجح في تفكيك الأزمة، بتحويلها من صراع بين طرفين إلى صراع بين أطراف، ضمن حكومة لا يزال مبكراً الحكم على مدى القبول الذي ستحظى به من الفاعلين عسكرياً على الأرض وبالتالي مدى قدرتها على التحكم بالشارع الليبي.
 
حكومة الوفاق الوطني الموعودة تشكلت برئاسة المهندس فائز السراج نجل الوجه الطرابلسي المعروف مصطفى السراج الذي لعب دوراً وطنياً في مرحلة استقلال البلاد وتوحيدها، كقيادي في «حزب المؤتمر الوطني» بزعامة بشير السعداوي.
 
وشكل ذلك رهاناً أساسياً لليون على السراج لشد «العصب الطرابلسي»، فيما اختيرت ثلاث شخصيات بارزة لمنصب نائب الرئيس هي: أحمد معيتيق (من مصراتة) وفتحي المجبري (من الشرق) وموسى الكوني (من الجنوب). وما أن أعلن الاتفاق بين ممثلي «برلمان طبرق» و»مؤتمر طرابلس»، حتى طفت على السطح بوادر استياء ممن لم يشملهم «قطار الحل» أو لم يستجب لطموحاتهم في المحاصصة واقتسام المكاسب والحقائب سواء كانت في الحكومة أو في مجلس الدولة.

وعلى رغم إجماع المراقبين على أن الحكومة التي حظيت فور تشكيلها بترحيب دولي، جمعت أطراف النقيض في الغرب الليبي، وإن همشت بعض المغالين في التطرف، فإنها رمت المشكلة في سلة الشرق الليبي، حيث علت أصوات رافضة لعدم نيل بنغازي حصة تستحقها في المحاصصة، ما شكل ضغطاً على الفريق خليفة حفتر لحسم الحرب التي يشنها على الإرهاب أو الإفساح في المجال أمام تحالفات قبلية للتوصل إلى حل «جهوي» (مناطقي).

وتركزت الانتقادات في الشرق لليون باعتباره استرضى مصراتة أكثر من اللزوم وتجاوز شروط مسودة التوافق بترشيحه عبر الرحمن السويحلي رئيساً لمجلس الدولة، في حين رفض الأخير تسميته بهذا الشكل مشدداً على أن من صلاحية المجلس وحده اختيار رئيسه. وقال مراقبون إن السويحلي انسحب بعدما أدرك بحنكته السياسية أن ليون يريد بذلك وضعه في مواجهة مع الرافضين للاتفاق من متشددي المؤتمر الوطني. لذا لن يقبل القيادي المصراتي هذا المنصب بالتعيين.

في المقابل، حظيت الحكومة بتأييد الذين انتقدوا المؤتمر واتهموه بالمماطلة وعرقلة الحل، فيما بدا أن رئيسها وبعض أعضائها، كفيلون بإرضاء تيار التحالف الليبيرالي بزعامة محمود جبريل.

مصادر في كواليس برلمان طبرق أبلغت الصحيقة أن «من السابق لأوانه إعطاء موقف محدد من اتفاق الصخيرات نظراً إلى أن عقيلة صالح، رئيس البرلمان، ما زال يجري اتصالات محلية وإقليمية ودولية لتكوين موقف يصدر بناء عليه قرار في شأن الموافقة على الاتفاق أو رفضه». وأشارت المصادر إلى أن ذلك «مرتبط أيضاً بالمواءمة بين التيارات المختلفة ومنه تيار حفتر وأنصار الجيش، والتيارات «القبلية» و»الجهوية» و»المتطرفة» و «المعتدلة».

أما المؤتمر في طرابلس فيتكئ على حجة عدم تقديمه لائحة مرشحين إلى الحكومة، ومجلس الدولة.

وإذا غُض الطرف عن تعديل ليون مسودة الاتفاق بعدما كان قال إنها الأخيرة نهائية وغير قابلة للتعديل، فان المبعوث الدولي وفق في القفز إلى الأمام بأن ضمّن تشكيلته المقترحة للحكومة، رئيساً ونواب رئيس ومجلس الدولة، بأسماء لا خلاف عليها باعتبارها ممثلة للقوى الفاعلة في جميع مناطق ليبيا، ولم يغفل كذلك «الثوار» الذين كان لهم الفضل الأكبر في إسقاط نظام القذافي وخوض المعارك في ساحات القتال، كما هي الحال بالنسبة إلى فتحي باشاغا، المرشح رئيساً لمجلس الأمن القومي، وهو قيادي ميداني من جهة، وعضو عن مصراتة في برلمان طبرق.

لكن مخرجات جولة الصخيرات ليل الخميس في شأن حكومة الوفاق، ليست نهاية لمسيرة الحوار بل ستليها جولة جديدة في غضون أسبوع، إن لم تكن جولات أخرى، للبحث في مدى التوافق على الحكومة وقدرتها على السيطرة، بحيث تتحول من «حكومة الصخيرات» إلى حكومة لليبيا في مرحلة جديدة من تاريخها السياسي.