بالفيديو والصور.. «الفجر» في مغامرة صحفية مع تاجر أعضاء بشرية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


كتبت: نهى وجيه 
تصوير: محمود سامي ومصطفى الديب وبلال أحمد


«الكلى» بـ60 ألف جنيه.. و«الكبد» بـ70 ألفًا.. والتاجر: «كله بما يرضي الله»
 
التاجر يصطاد زبائنه من الجرائد والمقاهي
 
ويطلب من محررة «الفجر» التبرع بفص كبد مقابل 50 ألف جنيه

 

إعلان مكتوب بخط اليد على أحد كابلات الكهرباء، أمام سور شركة الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، بجوار مستشفى «الهلال» بمنطقة رمسيس.
 
وكان نص الإعلان كالتالي: «يوجد متبرع كلى ومعي التحاليل الطبية على أن تسدد لي بعد العملية إيصالات أمانة بمبلغ خمسة وعشرون ألف جنيه لتاجر لم يرحمني برغم هو يعلم أني بعت كل أثاث المنزل ولم يبق عندي شيئ بعد حادث سيارة تسبب في بتر أصابع اليد اليسرى وقدمي اليمنى خوفا من السجن وترك بناتي وزوجتي ولا تسدد ولا إيصال إلا بعد العملية ومعي كل التحاليل».
 
وأرفق بالإعلان رقم هاتفه، لكن الملفت للنظر أن الإعلان كتب بصيغة بها «مرارة»، واحتياج شديد لدرجة أنه طلب من المشتري عدم سداد قيمة التبرع إلا بعد العملية، ما يعني أن الشخص صاحب الإعلان حالته لا يرثى لها وفي أشد الحاجة لهذا المبلغ لانقاذه من السجن.
 
وأجرت محررة «الفجر» جولة جريئة بسوق بيع الكلى وتجارة الأعضاء البشرية، للتعرف على مأساة المصري، الذي يمر بضائقة مالية، تجعله يبيع أعضائه للعيش.
 
واتصلت هاتفيًا بالمتبرع، لمعرفة الأسباب التي جعلته يٌقدم على لصق إعلان لبيع كليته، وخلال المكالمة أعطاها المتبرع العنوان وذهبت إليه في قرية بإحدى المحافظات، فضل عدم ذكرها.
 
وبالفعل ذهبت إلى الرجل، ويدعى «عماد» في شقته التي تقع في حارة ضيقة، في الدور الثالث بأحد البيوت القديمة، وبمجرد أن طرقنا باب الشقة، وجدنا رجلًا نحيفًا يتكئ على عصاه، ويسير بصعوبة لمشاكل في إحدى قدميه.
 
وتتكون شقة «عماد» من غرفتين صغيرتين وصالة ضيقة ومطبخ وحمام، دون أي أثاث.
 
وبدأ «عماد»، ذو الـ45 عامًا، ويعمل كهربائي، برواية مأساته وسبب نشره لهذا الإعلان، موضحًا أن لديه ثلاثة بنات وولد وقام بتجهيز إحداهن بمبلغ 40 ألف جنيه.
 
ووقع «عماد» 40 وصل أمانة - على بياض - لهذا التاجر، وكان يسدد مبلغ 1000 جنيه شهريًا لمدة 15 شهرًا، وأخذ من التاجر 15 وصلًا وتبقى له 25، وكان ملتزمًا في السداد حتى أصيب ببتر في «عُقلة» من إصبع يده اليسرى وتهتك في الأربطة بالقدم اليمنى نتيجة حادث سيارة.
 
وأوضح «عماد» أنه بعد الحادثة اضطر، لبيع أثاث منزله بالكامل لسداد جزء من المبلغ، ولكن لم يتبق له شيئًا لبيعه، فرفع عليه هذا التاجر قضية بثلاث وصولات وحكم عليه بالحبس 9 سنوات، فأخذت زوجته بناته الاثنين وتركته هو والابن الأصغر بمفردهم فاضطر إلى أن يغير محل إقامته في محاولة للهرب حتى لا تأتي الشرطة للقبض عليه.
 
وأضاف أنه «طوال الليل يحلم بأن الشرطة تقبض عليه، وحينما يطرق أحد باب الشقة، يعتقد أن الشرطة جاءت للقبض عليه، وأنه لا يريد أن يسجن من أجل مصلحة ابنه الصغير الذي يبلغ من العمر 6 سنوات، حتى لا يتركه بمفرده، لذلك اضطر إلى أن يفكر في بيع كليته لإنقاذ نفسه من السجن وأسرته من الفضائح»، متمنيًا أن يساعده أحد حتى لا يبيع كليته.
 
وأكد «عماد» أن كثيرًا من المرضى يحتاجون لمتبرع بالكلية اتصلوا به بسبب هذا الإعلان ولكن كل من اتصل به كانت فصيلة دمهم مختلفة عنه، موضحًا أنه طلب من متصلة مساعدته فأعطته رقم تاجر للأعضاء البشرية، ومن ثم اتصل به وطالبه أن يوفر له مريضًا يتبرع له بكليته.
 
وطالبت محرر «الفجر» المتبرع، بأن يعطيها رقم هذا التاجر فرفض في البداية، وبعد إلحاح شديد أعطاها إياه، وأخبرها بأن اسمه «مِسّلم».
 
واتصلت المحررة بالتاجر، وأخبرته أن عمها مريض بالفشل الكلوي، وتحتاج إلى متبرع، ليخبرها أنه سيوفر لها ما تحتاج.
 
وقال التاجر إنه يعمل بما يرضي الله، ويحاول أن يساعد المرضى، فطلبت المحررة مقابلته في أقرب وقت حتى تتفق معه على كافة التفاصيل المادية، وعلى الفور حدد لها موعدًا في اليوم التالي، الساعة الثالثة والنصف بمحطة مترو سرايا القبة أمام العربة الأولى للمترو، موضحًا أن ذلك الموعد سيكون بعد أن ينتهي من إجراء بعض التحاليل لمريض بالكبد، فسألته المحررة: هل تقصد مريض كلى ؟ فأجاب: لأ.. مريض كبد، وأكد لها أنه يعمل في تجارة الكبد والكلى وليس الكلى فقط، وكان يتحدث بلهجة ريفية.
 
وذهبت المحررة، في اليوم التالي في الموعد والمكان المحدد مصطحبة معها من زملائها ثلاثة، لتأمينها، وطالبت أحدهم أن يرافقها أثناء المقابلة، ويصطنع إجراء مكالمة هاتفية طويلة بعد  الجلوس مع التاجر لبعض الوقت، من أجل السماح لها بالجلوس مع التاجر بمفردهما، حتى تتمكن من استدراجه في الحديث ويستطيع التاجر أن يتحدث بحرية دون تحفظ أو قلق من وجود شخص معها، وطلبت من الزميلين الآخرين أن يصورا المقابلة ويراقبا المحررة وزميلها.
 
وأمام العربة الأولى لمترو محطة سرايا القبة، وجدت المحررة رجلًا ذو بشرة سمراء، متوسط الطول، سمينًا بعض الشيء، ويرتدي نظارة شمسية سوداء لا يتعدى ثمنها عشرين جنيهًا، ويرتدي «تي شيرت» مخطط باللون الأحمر والأزرق، وبنطلون جينز «بيج»، وحذاءً كلاسيكيًا، ويحمل حقيبتين، إحدهما صفراء بلاستيكية والأخرى حمراء من القماش، وبهما بعض الكشاكيل والكراريس والأوراق، ويبدو عليه أنه في العقد الرابع من العمر، لا تشك في لحظة واحدة أنه «تاجر أعضاء بشرية».
 
وذهبت المحررة إليه وصافحته وقدمت له زميلها على أنه ابن خالها، وخرجوا من محطة المترو، ويتبعهم زميليها الآخرين لتأمينها وزميلاها.
 
واصطحبهما التاجر إلى حديقة قريبة من محطة مترو «سرايا القبة» للجلوس فيها، وبدأوا في الحديث والتعارف، وقال أنه يعيش  في مدينة «الخانكة» بمحافظة القليوبية، واسمه "مِسّلم الشيمي"، متزوج ولديه ولد وبنت، وكان يعمل في جامعة حلوان وبعدها سافر إلى السعودية للعمل فيها، وبعد انتهاء مدة عمله هناك، عمل في شرم الشيخ والغردقة، وبعدها افتتح محل كمبيوترات وموبايلات، في قريته التي يعيش فيها الآن، قائلًا «بخلص مصالحي بالنهار وبروح المحل بالليل، لأنه يذهب مع المتبرعين في الصباح حتى يكون معهم أثناء إجراء التحاليل»، مضيفًا أنه حاصل على دبلوم زراعة، ولكنه قرر أن يلتحق بالجامعة المفتوحة حتى يدرس في كلية الحقوق، وهو حاليًا في السنة النهائية، ويتدرب بأحد مكاتب المحاماة بقريته، ومن مواليد عام 76.
 
وبدأ التاجر يسأل المحررة، عن عمها فأخبرته أن ابنه هاجر إلى خارج البلاد، وهي وزوجة عمها ستتوليان أمره، في عملية التبرع.
 
وبخبرته التي تخطت العامين، قال "مِسّلم" إن المتبرع لايجب أن يكون متعاطيًا للمخدرات بأنواعها، حتى لا يرسب في التحاليل من البداية، ويجب عليه أن يمضي على إقرار بموافقته على التبرع، وبتوقيع من أهله أيضًا.
 
ولفت التاجر إلى أنه ينبغى أن يلازم المتبرع في كل تحركاته، وعند إجراء التحاليل والآشعة، حتى لا يهرب، مشيرًا إلى أنه يختار بعناية من يريد بيع كليته وليس أي أحد.
 
وكشف التاجر عن أن هناك أطباء يحضرون متبرعين ويأخذون 10 آلاف جنيه على كل شخص، سواء أكان صالحًا للتبرع أم لا، وتتوقف مهمتهم فقط على إحضار المتبرع فقط، أما هو فيوفر متبرع «مضمون» يلازمه في كل تحركاته وفي كل إجراءات التحاليل والآشعة.
 
وأفاد التاجر، بأنه يفضل ألا يزيد سن المتبرع عن 35 عامًا، موضحًا أن غالبية المتبرعين يكونون في العشرين من عمرهم، لمرورهم بأزمات مالية عقب تخرجهم من الجامعة، وأن من يريد التبرع وهو في سن أكبر يكون بسبب ظروفه المادية الصعبة.
 
وحاولت المحررة أن تعرف من أين يستقطب زبائنه ؟ فسألته: تعبنا كثيرًا ولم نجد متبرعًا فمن أين تأتي بهم ؟ فأجاب: «مش بتاعتك أنتي دي، أنتي ليكي المتبرع»، فقالت له من الصعب أن يتبرع أحد بجزء من جسده، فرد عليها: ليس صعبًا فهناك البعض ظروفهم متدهورة.
 
وذكر التاجر أن عمليات زرع الكبد والكلى، منتشرة في مصر منذ عام 2001، وفي غاية السهولة قائلًا: طالما بمشي بما يرضي الله وبتقي ربنا مع المريض، علشان لو خنته ربنا هياخد حق المريض دا مني، فلازم أمشي بما يرضي الله، وباخد أتعابي لأني بعطل نفسي وبروح مع المريض والمتبرع.. ده لو المحامي مشي معاكي بياخد أتعابه، وأي واحد بيعمل شغل بياخد أتعابه والحمد لله الواحد بيصلي وعارف ربنا وماشي بما يرضي الله وده أهم شيء.
 
واسترسل التاجر أن هناك مرضى كثيرون أجروا العملية وأصبحوا في حالة صحية جيدة، ويتصلون به يشكروه، وأنه يتواصل مع المريض والمتبرع وأن الاتفاق على العملية يكون معه شخصيًا ولا يترك مجالا لهما ليتواصلا من دونه، وأنه يرافق الاثنين من بداية الاتفاق حتى نهاية العملية.
 
ونصح التاجر المحررة بالابتعاد عن مستشفى «وادي النيل» لأن تكاليف التحاليل فيها باهظة الثمن، وأخبرها أن مريضًا دفع 95 ألف جنيه، لإجراء التحاليل والآشعة، وأنه أحضر 13 متبرعًا لهذا المريض وهو رقم صدم المحررة عندما سمعته، فسألته: 13 متبرعًا.. كيف ولماذا كل هذه العدد ؟ فأجاب: حينما يتصل به المريض يوفر له متبرع ويأخذ منه 20 ألف جنيه كمقدم، وذلك قبل إجراء التحاليل والأشعة وقبل معرفة أن هذا المتبرع سيكون صالحًا للتبرع أم لا، وفي حال عدم صلاحية المتبرع، يبحث عن متبرع آخر، وهكذا حتى يجد المتبرع المطلوب.
 
وأشار التاجر إلى أنه في حال فشل المتبرع في تحاليل الكلى، يمكن أن يتبرع بالكبد والعكس، وأنه يحاول أن يوفر للمتبرع أي فرصة للتبرع لأنه يكون في أمسّ الحاجة إلى المال.
 
وسألته المحررة: كم المبلغ المطلوب من عمها ؟ قال إنه سيأخذ منها 20 ألف جنيه، كمقدم و40 ألفًا يوم العملية، بالإضافة إلى أنه يجب على المريض أن يعطي المتبرع مصروف يده 100 جنيه، في الأيام التي يذهب فيها لإجراء التحاليل، فسألته: هل تأخذ أنت أيضا مصروفًا في هذه الأيام ؟ فأجاب: أنا باخد الـ20 ألف جنيه دول بمشي نفسي وبدي للمتبرع منهم برده علشان أمسكه، أصله مش هيكتفي بالـ100 جنيه اللي هياخدهم من المريض.
 
وقال إنه من الممكن أن يعطي للمتبرع من 500 إلى 1000 جنيه في الأسبوع، وبعد أن يستلم الـ40 ألفًا يوم العملية، يأخذ هو أتعابه ويخصم منها المصاريف التي صرفها على المتبرع، قائلا: «أنا وهو ماشيين مع بعض الـ60 ألف بتوعنا إحنا الاثنين، وباخد 20 ألف جنيه من المريض لتسيير أمورنا خلال فترة التحاليل والأشعة»، مبررًا ذلك بأنه يعطل مصالحه ويذهب مع المتبرع حتى يضمن استمراره، قائلًا: «يبقى أنت كمريض راضي والمتبرع راضي وأنا راضي، حتى الواحد يمشي وباله مرتاح وينام وباله مرتاح، ومظلمش حد فيهم، لأن الظلم حرام وأنا مش هرضاها على عيالي أني أدخل قرش حرام عليهم».
 
ثم سألته المحررة: كم تعطي للمتبرع ؟ قال: «ملكيش دعوة دي بتاعتي أنا وهو بقى» وأكد أنه يتحدث معها بما يرضي الله، فهناك كثيرون يعملون في هذا الأمر وكل منهم له طريقة، فمنهم من يخدع المتبرع، مثلما حدث من أحد التجار حيث أعطى للمتبرع 15 ألف جنيه فقط، ويأخذ هو الباقي وكل أسبوعين يقوم بتغيير سيارته، وهذا التاجر من الجيزة في منطقة ناهية ويدعى «عصام»، وكل تعاملاته تكون مع أطباء «شمال» - على حد قوله -.
 
وأوضح «مِسّلم» أنه لا يخدع المتبرع والمريض، ويطلب منهما مبالغ كبيرة، وأنه راضٍ بذلك، قائلًا: قليل دائم، خير من كثير فانٍ».
 
وأكثر ما لفت نظر المحررة هو قوله كلمة «بما يرضي الله»، وطوال المقابلة كان يستشهد بالأحاديث النبوية، وكأنه تاجر«سبح وسجاجيد صلاة» وليس تاجر أعضاء بشرية.
 
وفي هذه اللحظة نفذ زميل المحررة ما طلبته منه واصطنع إجراء مكالمة هاتفية، ومن ثم بقيت المحررة والتاجر وحدهما، وسألته عن المبلغ الذي يمكن أن تحصل عليه إذا أحضرت له متبرعًا ؟ وقبل أن تنهي سؤالها أجابها بنظرة فيها ترغيب لها بالعمل معه قائلًا «هديكي1000 جنيه على الواحد»، فساومته على المبلغ، فقال لها «سأعطيكي ألفي جنيه على المتبرع، حتى توافقا على مبلغ 2500 جنيه لمتبرع الكلى و3 آلاف لمتبرع الكبد»، على أن تحضر هي المتبرع وسيتعامل هو معه في الأمور المادية، موضحًا أنه يجبر المتبرع على التوقيع على إيصال أمانة بالمبلغ أو على بياض حتى يضمن استمراره معه.
 
وسألته المحررة: ماذا أفعل حتى أستقطب الزبائن ؟ فأجاب: اختاري مثلًا زميلة لكي تمر بضائقة مالية، واسأليها هل تعرف شخصًا يريد التبرع بالكلى ويحصل على مبلغ مالي كبير ؟ وأخبرها أيضًا أن طريقته مختلفة في استقطاب الزبائن فهو يجلس على المقاهي ويختار زبائنه أو يتحدث مع سائقي «التكاتك» والميكروباصات، وزملائه في العمل والزبائن في مكتب المحاماة الذي يتدرب فيه، ولكن كل ذلك يكون بعيدًا تمامًا عن القرية التي يعيش فيها، وعن أقاربه وجيرانه، حتى لا يعرف أحد عنه شيئًا، غير زوجته.
 
ثم سألته: ولكن مكتب المحاماة الذي تتدرب فيه موجود بقريتك ؟ فأخبرها: أنا أتحدث فقط مع الغرباء عن القرية، والأشخاص الذي أشعر أنهم في حاجة إلى المال، ولا أتحدث مع من أعرفهم، ممن يترددون على المكتب.
 
فقالت له المحررة: لماذا لم تتبرع بكليتك أو بفص من الكبد ؟ فأجاب: سافرت إلى السعودية وعملت بها ولست بحاجة إلى المال.
 
وعن الطريقة التي يستقطب بها المرضى الذين يحتاجون إلى متبرع «الكلى» أو «الكبد» قال إنه يختارهم من خلال إعلاناتهم في الجرائد والمجلات حيث يشتري مثلًا جورنال «الجمهورية» كل يوم خميس، ويكون به صفحة عن إعلانات المرضى الذين يحتاجون إلى متبرعين ويأخذ أرقامهم ويتصل بهم ويعرض عليهم الأمر ويخبرهم بأن لديه متبرع وأنه يأخذ عن متبرع الكلى 60 ألف جنيه وعلى متبرع الكبد 70 ألف حنيه، ويأخذ 20 ألفًا مقدمًا، والباقي يوم العملية، قائلًا بخبث «أنا كده بقولك المريض بلقطه إزاي ؟ وأرقامي موجودة مع ناس كتير، أو عن طريق المرضى الذين ساعدتهم من قبل، فيعطون رقمي إلى من يريد متبرع.
 
وطالب التاجر المحررة بأن تقرأ الفاتحة معه للعمل سويًا قائلًا: «أنا هكرمك وازودك وبيني وبينك ربنا».
 
وعاد التاجر للحديث مع المحررة عن عمها، وطلب منها أن تتفق مع زوجة عمها، وتحضر الـ20 ألف جنيه المقدم، وسيعطي المحررة 500 جنيه «عمولة» دون أن تعلم زوجة عمها.
 
وفي حيلة للمحررة أوهمت التاجر بأنها تمر بضائقة مالية، كي يعرض عليها التبرع، قالت له إنها أنهت دراستها الجامعية منذ سنوات، ولم تجد عملًا حتى الآن، وظروفها المادية صعبة، ليبادرها بقوله: «لماذا لا تتبرعي لعمك ؟ أو غير عمك ؟ أنا عندي مريض محتاج فصيلة دمك».
 
ومن أجل إقناعها قال لها «أنا بصلي متخافيش من اللي بيصلي خافي بس من اللي مبيصليش، وكمان هي مش تجارة أنا بس باخد أتعابي»، فسألته عن المقابل فقال لها إنه سيعطيها 50 ألفًا، ويحصل هو على 20 ألفًا، في حال تبرعت بالكبد، أما في حال التبرع بالكلى كما طلبت هي، فقال الكبد أفضل لأنني سأتبرع بفص من الكبد وبعد ذلك سينمو مرة أخرى، وكأنني لم أجر أي عملية، لكن التبرع بالكلى سيجعلني بعد ذلك أعيش  بكلى واحدة، وهذا سيؤثر علي صحتي في مرحلة متقدمة من العمر.
 
وظل ينصحها بأن تتبرع بـ«فص» من الكبد، لأن سعره غالٍ في كل شيء حتى في تحاليله وفحوصاته أكثر من الكلى، وأن فحوصات الكلى تتكلف 15 ألف جنيه، أما الكبد فيكلف من 30 إلى 35 ألفًا، فطلبت منه أن يعطيها مهلة للتفكير في هذا الأمر، وأنهت معه المقابلة وأكدت له أنها ستتصل به لاحقًا.
 
وفي الليل اتصلت به، وسألته إذا تبرعت بفص الكبد هل من الممكن أن تحصل على مبلغ أكثر من 50 ألف جنيه ؟ في مساومة منها، فرد «بلاش طمع ده فص وهيطلع تاني» وإذا وافقتِ سأحدد موعدًا بعد غدٍ لإجراء التحاليل في مستشفى «عين شمس» التخصصي، فطلبت منه أن يخبرها بالخطوات التي ستقوم بها حتى تتبرع، فقال سنبدأ بإجراء تحاليل تخص فصيلة الدم، وبعد ذلك تحاليل الفيروسات وبعدها نجري أشعة مقطعية، تبين حجم الكبد، ثم أشعة رنين مغناطيسي، ثم الكشف على الصدر والأنف والأذن والحنجرة، في مدة ستأخذ 20 يومًا، وستحصل هي على 100 جنيه «مصروف يد» في كل مرة تذهب فيها لإجراء التحاليل.
 
وطالب التاجر المحررة بأن تصلي صلاة «استخارة» حتى تطمئن، وأخبرها بأن الله سيعطيها أجرًا على تبرعها لإنقاذها مريضًا.
 
كما طالبها بأن توقع على إقرار في الشهر العقاري، بأنها موافقة على التبرع بفص الكبد، وعلى إقرار للمستشفى بالموافقة على إجراء العملية، وأن تخبر الطبيب بأنها ستتبرع لخالتها، حتى لا يشك الطبيب في الأمر وتحدث مشاكل ويعلم أنها متبرعة.
 
وأخبر «مِسّلم» المحررة، بأن هذه العمليات تكلفتها عالية جدًا حيث تبلع 330 ألف جنيه للكبد و250 ألفًا للكلى، ولكن المستشفى التي يجري فيها العملية تخصم 100 ألف جنيه من مصاريف العملية لأن هذه المستشفيات تحصل على تبرعات من الخارج لأمراض الكبد والكلى، بالاضافة أن المريض يحصل على دعم قيمته 75 ألف جنيه من المجالس الطبية المتخصصة كتبرع من الدولة.
 
وهنا أخبرت المحررة التاجر بأن والدتها لم توافق مطلقًا على هذا الأمر، فرد عليها بأنه سيحل هذا الأمر، وسيحضر امرأة أخرى تقول إنها والدتها وتوقع في الشهر العقاري على الإقرار، قائلًا «فيه ناس بتاخد فلوس في الشهر العقاري وبتخلص، وموظف الشهر العقاري بياخد 500 جنيه وينهي مصالحه»، وأخبرها بأنه يدفع أيضا للمجالس الطبية المتخصصة 1000 جنيه، كرشوة، حتى تعطي الشيك للمريض في أسرع وقت.
 
ومن أجل أن تتهرب المحررة من التاجر في نهاية الأمر أخبرته أنها سافرت إلى المنوفية لظروف طارئة، وستعود بعد 4 أيام، ولم تتخذ قرارًا حتى الآن، ليخبرها أنه ينتظر منها مكالمة هاتفية، لمعرفة موقفها من التبرع.