جدل حول تعديل قانون الكسب.. خبراء: يجب أن نفرق بين المستثمر والنصاب

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


أثار تعديل المادة 14 من قانون الكسب غير المشروع، حالة جديدة من الجدل فى الأوساط التشريعية والاقتصادية، ما بين من يرى أنه يفتح الباب للتصالح مع رجال أعمال فاسدين، وعودة شخصيات مثل حسين سالم وأحمد عز وخيرت الشاطر، وبين آخرين يؤكدون أن الاتهامات التى وجهت لهؤلاء، كانت على خلفية خصومة سياسية، ولم تثبت إدانة قانونية.
 
 
وكان تعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع، قد نص فى المادة 14 مكررًا، على أنه يجوز طلب التصالح من المتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص به لأى منهما فى مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع،  برد ما تحصل عليه المتهم من الكسب غير المشروع فى أية صورة كان عليها، نقدية كانت أو عينية.
 
وقال الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق القاهرة السابق، إن هذا التعديل يأتى فى إطار تشجيع الدولة للاستثمار، وتوفير مناخ قانونى آمن، لافتا إلى أنه ليس لمصلحة المتهمين فقط، ولكن لجلب مستثمرين جُدد أيضا.
 
وأضاف "كبيش" أن التصالح أثناء التحقيقات، وقبل صدور الحكم يرتبط بعدة أسباب، من بينها أنه ليس بالضرورة أن يصدر حكم نهائى بات بالإدانة، بل على العكس هناك حالات كثيرة، تنتهي بالحكم بالبراءة؛ لأن الاتهام ماهو إلا إدعاء بأدلة محتملة، موضحا أن المتهم يفضل التصالح، ليعفى نفسه من إجراءات وطعون طويلة، تسئ إلى سمعته.
 
وتابع :إن التصالح أيضا يوفر على الدولة مشوار من الإجراءات والنفقات، تنتهى فى معظم الأحيان إلى "لاشئ"، حيث يحقق استرداد مالها من أموال وحقوق، بينما لم تنجح محاولات استرداد أى جزء من هذه الأموال منذ ثورة يناير 2011، وحتى الآن.

وأشار إلى أن الأصل فى الاتهام أن نرصد الجريمة، ثم نبحث عن مرتكبها، ولكن منذ ثورة يناير، مايحدث أننا أصبحنا نرصد أشخاص بعينهم، لأسباب سياسية تتعلق بعلاقتهم بأنظمة سابقة، ثم نبحث لهم عن تهم وجرائم.
 
وعلى جانب آخر رفض الفقيه القانونى عصام الإسلامبولى هذا القانون، موضحا أنه يجب أن نفرق بين المستثمر الحقيقى، وبين النصاب، مشيرا إلى أن التسهيلات يجب أن تمنح للمستثمر الجاد، الذى يسلك طرق مشروعة، و يحتاج إلى قوانين تحميه من الفساد وغسل الأموال، وليس لمن أتى لكى يستولى على أموال الشعب.
 
وتساءل "الاسلامبولى"  هل المستثمر لا يأتى إلا فى جو من الاستيلاء على المال العام، ليصبح على الدولة أن تعفيه من أى عقوبات مقابل أن يدفع بعض من الأموال التى هى أصلا ليست أمواله، ولكنه استولى عليها وتضاعفت قيمتها، ثم يلقى للدولة بجزء يسير منها مقابل التصالح.
وأضاف لقد صدر قانون فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور، بمنع حق التقاضى بالطعن فى العقود التى تبرم بين الدولة والمستثمرين، لغير ذوى المصلحة، وهو ما يقلص الرقابة القضائية على تعاقدات الدولة مع المستثمرين، مشددا على أن شعار "تشجيع الاستثمار" تحول إلى فزاعة أو سيف على رقبة القانون، لإباحة الخطأ من أجل جلب الاستثمار، بل وظهرت دعوات لتأجيل تحقيق العدالة الاجتماعية، لكى نهيئ المناخ للاستثمار.
 
وفى سياق متصل قال اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية للأموال العامة سابقا، إن المادة الخاصة بالتصالح يجب أن تشترط قيام المستثمر برد ما حصل عليه، أو قيمته المالية مضافا إليها الفائدة المركبة، وليس بالقيمة الدفترية التى اشتراها بها منذ سنوات.
 
وشدد على أنه لا يجب التصالح مع الموظف أو المسئول الفاسد، الذى سهل الاستيلاء على المال العام، حتى وإن كان وزيرا  أو رئيسا لحكومة، ولكن التصالح يكون مع المستثمر" المسهل إليه"؛ لأنه لولا فساد هذا المسئول، لما استطاع رجل الأعمال أن يستولى على المال العام.