أسرار اتفاقية الدفاع المشترك بين قطر وإيران في وقت زيارة "الأسد" لروسيا

تقارير وحوارات

بوتين والأسد
بوتين والأسد


التقى قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي مؤخرًا، بمدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، ووقع الطرفان على اتفاقية تعاون لحماية الحدود المشتركة بينهما، وكانت إيران عقدت 12 اجتماعًا مع قطر في السابق، وتوصلتا إلى عدد من الاتفاقيات، تم تنفيذ معظمها، بما في ذلك اتفاق على إجراء تدريبات عسكرية ثنائية، ومن هنا تبرز تساؤلات حول أسباب التقارب القطري الإيراني فى هذا التوقيت، وهل يعد خطوة فى طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي، واتجاهها للاستقواء بطهران، على خلفية التدخل الروسي الإيراني المباشر في سوريا، والذي انعكس على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو في نفس التوقيت.

وقال الدكتور بشير عبدالفتاح خبير الشؤون العربية الشرق أوسطية والمتخصص فى الشأن الإيراني بالأهرام، إن هناك تقاربًا أمريكيًا روسيًا حدث بعد أزمة "أوكرانيا"، موضحًا أن الأزمة السورية كانت هي بداية هذا التفاهم، وبمقتضاه أطلقت أمريكا لروسيا العنان، لتتحرك في المنطقة، لافتا إلى أن روسيا معروف ارتباطها بإيران، ومن ثم تحاول موسكو أن تدخل طهران في منظومة التعاون الإقليمي.

وأشار "عبدالفتاح" إلى أن الولايات المتحدة أعطت ضوءًا أخضر لإيران؛ لكى تتقارب مع دول الخليج، بعد توقيع الاتفاق النووى، وفشل واشنطن فى طمأنة العواصم الخليجية تجاهها، مؤكدًا أن قطر هى الأقرب للإدارة الأمريكية، ومن ثم استطاعت أن تتحرك فى اتجاه التقارب مع إيران، برعاية أمريكية وروسية.

وأوضح أنه فى هذا الإطار جاءت زيارة بشار الأسد إلى موسكو في نفس التوقيت، كإشارة إلى نجاح روسيا في أن تمد أيام بقاءه في السلطة، وتنتزع قبول المجتمع الدولي على ذلك، رغم معارضة كلا من أمريكا والسعودية لبقاءه فى السابق، مشيرًا إلى أن كل الأطراف الآن تبحث عن صيغة لبقاءه فى سدة الحكم، مع إيجاد دور للمعارضة، لكى تشارك فى السلطة، ومن ثم تتحرك قطر فى اتجاه حوار خليجى مع طهران، ويتحرك بشار ليزور روسيا، فى أول مرة يخرج فيها من حدود بلاده منذ اندلاع الأحداث هناك.

وتابع: "من المستبعد أن يتم طرد أو انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجى؛ لأن قطر إذا انسحبت ستتبعها عمان، وسينفرط عقد مجلس التعاون، وقطر لم تكن أول دولة خليجية توقع إتفاقية مع إيران، ولكن هناك تعاون خليجى إيرانى فى المجالين التجارى والأمنى، ومافعلته الدوحة أنها زادت على ذلك الشق العسكرى فقط".

ومن جانبه قال السفير إبراهيم يسرى مدير إدارة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية سابقا، إن مذكرة التفاهم التى وقعتها قطر مع إيران، ليس لها قيمة فى القانون الدولى، لافتا إلى أن السعودية والإمارات لديهم علاقات متبادلة مع إيران، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية القطرية لديها طموحات، لأن تلعب دورا سياسيا خارج حدودها، ولكنها لا يمكن ولن تستطيع أن تخسر علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجى، ولكن المجلس يعطى للدول الأعضاء فيه مساحة لأن تتحرك كل دولة فى إطار معين، وقد تحركت قطر فى هذا الإطار، مثلما بادرت من قبل ودعت للمصالحة والحوار بين الخليج وطهران، وأعلنت الكويت تأييدها لهذه الدعوة.

وأوضح أن "بشار الأسد ذهب إلى روسيا؛ ليقبل أيدي أسياده، وليستغل بوادر التقارب الروسى الإيرانى مع دول الخليج، ليعزز موقفه، ويحصل على موافقة خليجية على بقاءه فى الحكم، بوساطة قطرية إيرانية".

وفى سياق متصل، أكد اللواء جمال أبوذكري رئيس جهاز الأمن القومى الأسبق، أن قطر دولة فى الأساس عميلة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالى لإيران المنوط بها تنفيذ الأجندة الأمريكية فى المنطقة، موضحًا أنها تحاول الاستقواء بإيران فى الوقت الذى تعادى فيه دولة كبرى مثل مصر.

وأضاف "أبوذكرى"، لـ"الفجر"، أن هذه الاتفاقية بين الدوحة وطهران، توضح مدى التخبط والتناقض فى سياسة قطر، مشيرًا إلى أنها موقعة على اتفاقية الخليج، وتشارك الدول العربية فى حربها ضد الحوثيين التابعين لإيران فى اليمن، لافتًا إلى أن "قطر كانت تدعم الإخوان فى سوريا، وترفض بقاء الأسد فى السلطة، فكيف تتعاون الآن مع إيران التى تدعم نظام الأسد وتتمسك ببقاءه".

فيما قال مدحت حماد الباحث فى الشأن الإيرانى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن اتفاقية الدفاع المشترك بين قطر وإيران، تمثل أول مسمار فى نعش مجلس التعاون الخليجى، مشددًا على أهمية تفويت الفرصة عليها، مطالبًا مجلس التعاون الخليجي ألا يعير لقطر اهتمامًا، ولا يقوم بطردها من المجلس، موضحًا أنه إذا تم فصلها من المجلس سيكسبها ذلك أهمية وسط العالم، أما إذا تم تركها معلقة فستضطر هى إلى الانسحاب من المجلس.

 وتابع أن قطر بعد توقيع هذه الاتفاقية أصبحت تمثل خطرا على الأمن العربى، وبالتالى لا يجب ائتمانها على الأسرار العليا الخاصة بالأمن القومى، متسائلاً عن السبب الذى يخيف الدوحة من دول الجوار ويدفعها إلى عقد مثل هذه الاتفاقية.