د. أحمد يونس يكتب: المرضى المتباهون على الشعوب بالفحولة

مقالات الرأي



مدرس تاريخ. تلك هى مهنته الأساسية. أقصد بـينيتـو موسولينى، صاحب هذه المقولة: الشعوب كالنساء لا تقع إلا فــى غـــرام الرجل القوى. بـينيتـو موسولينى، بالمــناســبة أيضاً هو صــاحــب تلك المــقـولة الصــادمة الأخرى: الديمقراطية تصلح بالكاد، عندما يتعلق الأمر باختيار المكان الأنسب لوضع نافورة القرية. انتهى معـلقاً من قدميه مع آخــر عشيقاته كلارا على أسوار ميلانو، أثناء محاولته الهروب بعد أن ثار ضده الإيطاليون. كلارا، كما تحكى صديقتها المقربة باتريشيا كوستيللو، اعتادت الشكوى من الجوع الجنسى مع رجــل يكبرها بأكثـر من ثلاثين عـاماً. كاتب إيطاليا الشهير ألبرتو مورافيا قال عنه: كان من فرط النرجسيةـ لا يضاجع إلا نفسـه.

الإسـكـندر الأكــبـر بجلالة قدره، لم ينج من هذا الفــخ الرهيب. فلقد أصابته فى الصغر خيانات أمــه الشابة اللعوب المتكررة لأبيه بعقدة جنسية لم يستطع أبداً تجاوزها. سائر النساء اللائى ارتبط بـهــن كن على الدوام من أسيراته الخاضعات لإرادته المطلقة، على أساس أنه الطرف المنتصر. ليس من بينهن مـن اخترنه اسـتجـابة لنداء القلب. كان لا يحب السيدات اللائى يقابلهن فـى الحفــلات الصــاخبة التى لا يستطيع الحياة بدونها. فقط السبايا اللاتى يقعن بين يديه بقوة السلاح، كما حدث مراراً، لعل أشهرها كانت مع امرأة داريو كسرى الفرس التى عاملها باستمرار كعاهرة التقطها من إحدى الحانات.كثيرون من مؤرخى عصره يرون أن ولعه الهستيرى بشن الحروب على هذا النحو الذى لا يعرف الهدنة ليس إلا نوعاً من التشويش اللاواعى على ما يعتصر فؤاده من ألم.العالم الإسبانى د. جريجوريو مرانيون، الحاصل على جائزة نوبل فى الطب، يرى أن نيرون لم يكن يعانى من البيرومانيا، أو الهوس الهستيرى بإشعال الحرائق فحسب، بل أيضاً بارتباط شــرطى بين إشعال الحرائق والجنس، وأنه عندما أمر بحرق روما، كان فى الواقــع يشعر أنه يغتصبها.

كاليجولا، القيصر الرومانى الغريب الأطــوار، أصدر مرسوماً إمبراطورياً بـأن تنشئ الدولة بيتاً لممارسة الدعارة يذهب دخله إلى الخزانة العامة، ولا تخلو الأنشطة المعروضة على الزبائن فــى أقســامه المخــتلفة من أنواع الشذوذ الأكثر تحدياً لتقاليد المجتمع الرومانى آنذاك. المرسوم الإمبراطورى يقضى بـأن يتواجد مـن يشغلون الوظائف العليا هناك مرتين فــى الأسبوع على الأقل، وأن يكــون على رأس هؤلاء جميعاً المحلفون من أعضاء مجلس الشيوخ والسادة الوزراء ومساعديهم وولاة الأقاليم. اعتاد أن يطلق تشـكـيلة مـتنوعـة مــن الأسمــاء النســائية المهــينة على المحلفين بمجلس الشيوخ. كما اعتاد أن يرأس هو شخصياً الاجتماعات بملابس امرأة. ولم يسـمح أبداً لمستشاريه أو أعضاء مجلس الشيوخ بمراجعة أسعار التذاكر الباهظــة التى فرضها نظـير الخــدمات المتمـيزة التى يقدمها إلى الشعب بيـت الدعارة الرسمى. وقد كان دائماً من أوائل المواظبين على حضور هذه التقــوص التى بدأت فعلياً فــى تقــويض أعمــدة الإمبراطــورية المترامــية الأطراف، مع انخراط قادة الجيش فى هذه التنويعات الجنسية المبتكرة. حتى يوليوس قيصر شخصياً، لم يسلم من ملاحظات بعض مؤرخيه، بما فى ذلك شيشيرون الذى علمه الخطابة. أشار معظمهم إلى أنه كان ميالاً إلى الصبايا الريفيات من البرابرة أو الجــبليات اللائى اتصفن بالتوحش، وأنهن كن يفتقرن إلى الأنوثة أو الرقة أو الجمال، أو حتى النظافة. كن قريبات الشبه للغاية مع الجنود الذين يقودهم فى ساحة القتال.

ثم يتباهون علينا بفحولة كاذبة.