عادل حمودة يكتب: شريف إسماعيل يمنح مجدى راسخ عقداً بـ 2.4 مليار دولار بالأمر المباشر

مقالات الرأي



■ صهر مبارك استخدم عصام كفافى غطاءً لتوكيل شركة روسنفت الروسية

■ الصفقة: توريد 24 شحنة غاز مسال لمدة عامين واستيراد بنزين وسولار وبوتاجاز ومازوت

صور من توقيع العقد بين وزارة البترول والشركة الروسية ودائرة حمراء توضح عصام كفافى رجل مجدى راسخ وفى نفس الصف شريف إسماعيل

أحيانا.. لا يكون السكوت من ذهب.

تتساءل قيادات مؤثرة فى وزارة البترول: وزيرهم من يكون؟.. طارق الملا أم شريف إسماعيل؟

طارق الملا الذى حلف اليمين الدستورية أمام الرئيس درس هندسة الميكانيا فى جامعة القاهرة ولم يدرس هندسة البترول.. وتخصص فى المبيعات والعلاقات الخارجية ــ فى شركات البترول الأجنبية التى عمل بها مثل شيفرون الذى صعد فيها إلى منصب العضو المنتدب للتسويق ــ ولم يتخصص فى البحث والتنقيب.

فى يناير 2011 جاء به سامح فهمى نائبا لرئيس هيئة البترول للتجارة الخارجية وبعد شهور أضيفت إليه التجارة الداخلية.

وعندما جاء شريف إسماعيل وزيرا اختاره رئيسا لهيئة البترول.. دون مبرر فنى مفهوم.. وبعد أن صار شريف إسماعيل رئيسا للحكومة اختاره وزيرا للبترول خلفا له دون نفس المبرر أيضا.

وبقراءة سيرته الذاتية يأتى سؤال يفرض نفسه: هل هو اختيار مناسب لمهندس غير متخصص تركزت خبرته فى المبيعات والعلاقات؟.

هل أراد شريف إسماعيل بهذا الاختياره أن يظل هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى الوزارة وكأن هناك من الملفات ما يريدها بعيدة عن الفحص والتناول؟

لقد كان متوقعا فى ظل اكتشافات الغاز الهائلة التى أعلنها شريف إسماعيل أن يختار وزيرا للبترول يفهم فى الغاز ليتابع تلك الاكتشافات دون أن يصدعه ــ وهو رئيس حكومة ــ بالتفاصيل اليومية التى تحتاج متابعة ودون توريطه فى المشاكل المتجددة التى تحتاج حلولاً عاجلة.

كان من الطبيعى اختيار رئيس الشركة القابضة للغازات «إيجاس» خالد عبد البديع ليكون الرجل المناسب فى التوقيت المناسب.. أو على الأقل يختار مهندسا متخصصًا من هيئة البترول فى التنقيب والاكتشاف.

هنا يمكن القول بدرجة عالية من الثقة أن شريف إسماعيل هو وزير البترول الفعلى رغم مشاغله ومتاعبه الصعبة والمعقدة والمتعددة والمتنوعة فى رئاسة الحكومة.

يصعب تصور أن شريف إسماعيل لم يقرأ السيرة الذاتية للملا ليحدد مدى صلاحيته للوزارة.. فالصعود فى المهن الفنية العالية ليس صعودًا بيروقراطيًا.

يصعب أيضا تصور أن شريف إسماعيل لا يعرف معلومات كافية عن وكلاء الشركات الأجنبية التى تعاقدت معها وزارة البترول وهو على رأسها.

لقد منح شريف إسماعيل ــ صدق أو لا تصدق ــ صهر مبارك مجدى راسخ عقدا لتوريد الغاز الطبيعى والمنتجات البترولية بالأمر المباشر.

بعد ثورة يناير لم يكف مجدى راسخ عن الذهاب إلى شرم الشيخ للعب الطاولة مع مبارك إلى أن أصبح مطلوبا على ذمة قضايا تندرج تحت الفساد المالى.

لكنه.. قبل القبض عليه بساعات ترك شقته المطلة على نيل الجيزة بجوار فندق شيراتون وكأن هناك من أبلغه بأمر ضبطه وإحضاره.. ولم تمنع زوجته ميرفت قدرى قوة الشرطة من تقتيش المكان فقد كانت متأكدة أنه لم يغادر المكان فقط وإنما ربما غادر البلاد أيضًا.

وحسب شهود عيان فإنهم التقوا به أكثر من مرة فى مطاعم دبى الفاخرة.. وهناك من يعرف المنتجع السكنى الذى يعيش فيه هناك.. ويستقبل فيه أفرادا من عائلته.

وباختفاء مجدى راسخ بعيدا عن المحاكمات الجنائية ظهر على سطح البيزنس من يمثله ويدير أعماله ويضاعف استثماراته نيابة عنه.. فى كل قطاع من القطاعات التى يعمل فيها نجد شخصا واجهة أو شريكا مناسبا يمثله ولو دون إفصاح.. فى قطاع الاتصالات مثلا نجد حمدى عطا.. وفى قطاع البترول نجد عصام كفافى.

ظهر عصام كفافى نيابة عن مجدى رأسخ أو معبرا عن مصالحه ــ فى وزارة البترول يوم الثلاثاء 7 يوليو الماضى وكيلا لشركة روسنفت الروسية التى وافق شريف إسماعيل على التوقيع معها على اتفاقيتين بقيمة 4, 2 مليار دولار.

الاتفاقية الأولى وقعها عن الجانب المصرى خالد عبد البديع رئيس شركة إيجاس لتوريد 24 شحنة غاز مسال لمدة عامين اعتبارا من الربع الأخير من العام الجارى لتلبية احتياجات السوق المحلى حسب ما صرح به شريف إسماعيل نفسه.

والاتفاقية الثانية وقعها عن الجانب المصرى طارق الملا رئيس هيئة البترول لاستيراد منتجات بترولية رئيسية «بنزين وسولار وبوتاجاز ومازوت وبيوتمين» حسب ما صرح به طارق الملا نفسه.

ووقع العقد عن الجانب الروسى إيجور سننتشن رئيس شركة روسنفت الذى سبق والتقى بالرئيس أثناء زيارته الأخيرة إلى موسكو.

والحقيقة أن شركة روسنفت شركة مؤثرة فى النفط عالميا.. وقريبة من دوائر صنع القرار فى الكرملين.. وأنشطتها متكاملة من التنقيب إلى التسويق.. ولها استثمارات فى كثير من دول العالم مثل الجزائر وكازاخستان.

لا اعتراض على الشركة لكننا نتساءل عن وكيلها الظاهر عصام كفافى ووكيلها الخفى مجدى راسخ كيف توصلا إلى مثل هذا العقد؟ وكيف أقنعا وزارة البترول به ؟ خاصة أنه يعود عليهما بمئات الملايين من الدولارات وهل كان ممكنا التوقيع مباشرة مع الحكومة الروسية «خاصة أن روسنفت شركة حكومية» دون وسطاء؟

كانت الحجة التى مررت بها الصفقة أن الشركة الروسية سوف تقدم تسهيلات فى الدفع وهى حجة واهية لأن غالبية الشركات المنافسة مستعدة لتقديم تسهيلات فى الدفع.

ويقيم كفافى فى دولة الإمارات وقد التقيت به صدفة فى فندق قصر الإمارات وقت أن كان ينزل فيه الرئيس خلال زيارته الرسمية للدولة.. وحاول أن يدخل اجتماعا للرئيس ولكنه فشل تماما.

ويظهر كفافى فى صور توقيع العقود بين الطرف المصرى والطرف الروسى.. مرة خلف رئيس الشركة الروسية.. ومرة بجانبه فى نفس الصف الذى يقف فيه شريف إسماعيل وقيادات وزارة البترول.. ومرات أخرى فى أماكن مختلفة.

ولو كانت وزارة البترول لا تعرف أن كفافى غطاء لمجدى راسخ فهذه مصيبة ولو عرفت فالمصيبة مضاعفة.

ولو كانت الوزارة تعرف الحقيقة فلماذا تعاقدت مع راسخ ــ ولو بطريقة غير مباشرة ــ بالأمر المباشر؟.. لماذا منحته تلك الصفقة السمينة وهو ليس فقط رمزا لنظام مبارك وإنما بينه وبين إيجاس قضايا تحكيم أيضا.

ومجدى راسخ لم يكمل دراسة الفنية العسكرية وتخرج فى تجارة حلوان التى تخرجت فيها زوجته ميرفت قدرى أيضا.

بعد سنوات عمل فى الكويت أسس راسخ شركة لتكنولوجيا الاتصالات ولكنه لم يصبح مليارديرا إلا بعد أن تزوجت ابنته هايدى من علاء مبارك.. فقد اتجه بعدها إلى الاستثمار فى الغاز وأسس الشركة الوطنية للغاز وتعمل الشركة فى نقل وتوزيع الغاز، كما عمل فى التجارة ويعد من أبرز المساهمين فى الشبكة الثالثة للمحمول كما أنه كان وكيلا لشركة كاتيك التى تصنع جرارات السكك الحديدية.

لقد كان يوصف برجل العشرة فى المائة.. يدس أنفه فى كل مشروع.. ولا يترك شركة جديدة فى السوق إلا ويعرض عليها خدماته.. لقد تحول موظف إلى ملياردير بمصاهرة مبارك فهل نزيد من ثروته بعد ثورتين؟