حسين معوض يكتب: أسامة الشريف يحتكر واردات مصر من الغاز والبوتاجاز والسولار

مقالات الرأي



يتردد اسم أسامة الشريف دائما فى جلسات النميمة بين كبار السياسيين ورجال البيزنس، تقول «النماية» الأخيرة إن سمسار الموانئ الأشهر فى مصر يبيع حصص من شركته «سونكر» بمئات الملايين من الدولارات لمستثمرين دوليين تحوم حول ثرواتهم واستثماراتهم شبهات غسيل الأموال.

سر لعب تلك الشائعة دور البطولة فى مجالس الصفوة يعود إلى صراع تفاصيله موجعة وتدور أحداثه فى منطقة محور تنمية قناة السويس.. تحديدا داخل ميناء السخنة المملوك لهيئة موانئ دبى.

قبل سرد القصة الموجعة نذكر أن هذا الميناء هو سر ثروة أسامة الشريف، فقد حصل على عقد تخصيص لأرض الميناء وباع ورقة التخصيص لموانئ دبى بـ840 مليون دولار، ثروة لم يدفع فيها مليم، والقصة تفاصيلها منشورة وموثقة.

الحكومة تملك امتياز إنشاء رصيف جديد بميناء السخنة.. وتمنح الامتياز لسمسار الموانئ أسامة الشريف.. السمسار يؤجر الرصيف لشركة حكومية بـ400 مليون دولار

أسامة الشريف يحتكر واردات مصر من الغاز والبوتاجاز والسولار

أسامة الشريف لا يرضيه أن يحصل من هيئة البترول والقابضة للغازات على 140 مليون دولار سنويا ويستغل نفوذه للحصول على امتياز رصيف جديد

بالطبع من حق الرجل أن يبيع جزءاً من الأسهم التى يملكها فى شركة سونكر، التى تدير أهم رصيف داخل ميناء السخنة، لكن قبل البيع يجب أن نعرف سر ارتفاع قيمة الأسهم وتضخم أرباح الشركة.. والاهم أن نعرف من يدفع فاتورة ثراء أسامة الشريف.

بالطبع تحاسب الدولة والمال العام على فواتير سوء إدارة كبار الموظفين لتلك الموارد وهذه الأموال.

لقد تحول أسامة الشريف من سمسار مطارد إلى صاحب امتيازات، ويتفاوض الآن للحصول على مزيد من الامتيازات من هيئة تنمية قناة السويس.. مقابل تكبيد هيئة حكومية وشركة قابضة حكومية أخرى فواتير تصل قيمتها إلى 140 مليون دولار سنويا، واحتكار واردات مصر من الغاز والبوتاجاز والسولار.. هذا المبلغ سوف تتحمله خزائن الشركة والهيئة الحكوميتين خلال سنوات قليلة.. أما الآن فالمدفوع فعليا من خزائن الشركة القابضة للغازات «ايجاس» إلى شركة أسامة الشريف «سونكر» تحديدا 20 مليون دولار مقابل إيجار الجانب الغربى من رصيف الحوض الثالث بميناء السخنة، الذى ترسو عليه الوحدة الأولى لتغييز الغاز الطبيعى المستورد «تحويله من الصورة السائلة إلى الغازية».

وشركة أسامة الشريف هنا هى الوسيط، فقد حصلت على امتياز إدارة وتشغيل الرصيف من هيئة موانئ دبى بموافقة هيئة موانئ البحر الاحمر عام 2006 مقابل 9 ملايين دولار سنويا، ولم تتجاوز تكلفة إنشاء الرصيف 50 مليون دولار.. وتم تأجير جانب واحد من الرصيف بـ20 مليون دولار سنويا لشركة «ايجاس».

وفى شهر مارس 2015 «خلال المؤتمر الاقتصادى» نجح الربان أسامة الشريف فى تعديل عقد الامتياز ضمن التسوية الودية التى اقرها مجلس الوزراء، وتم مضاعفة فترة الامتياز الباقية من 17 إلى 33 سنة، ومنحه أرضاً إضافية 250 ألف متر مربع دون أى مبرر بادعاء انه مقابل تنازله عن دعوى تحكيم دولى رفعها امام مركز التحكيم فى واشنطن ضد الحكومة المصرية.

مدة تأجير الشركة القابضة للغازات الطبيعية «ايجاس» للرصيف الغربى الذى تديره شركة أسامة الشريف «سونكر» 5 سنوات قابلة للتجديد 5 سنوات أخرى.

فى 1 ابريل 2015 وصلت الميناء وحدة إعادة التغييز الاولى وتم رسوها على الجانب الغربى للرصيف بنجاح، وباشرت التشغيل التجريبى والتجارى فى نفس يوم وصولها.

وزارة البترول قررت استحضار وحدة إعادة تغييز عائمة ثانية خلال الصيف المقبل، واختارت نفس الميناء «السخنة» ونفس الرصيف، الذى ترسو عليه وحدتها الاولى، لتصبح الوحدة الاولى على الجانب الغربى والوحدة الثانية على الجانب الشرقى.

شركة أسامة الشريف «سونكر» أفادت أن الجانب الشرقى من الرصيف سيستغل لمشروع خزانات السولار والبوتاجاز الذى تعاقدت عليه مع هيئة البترول، والذى سيبدأ إنشاؤه قريبا ويبدأ التشغيل خلال 24 شهراً، واشترط أسامة الشريف للموافقة على منح وحدة الغاز الجديدة حق الرسو فى الميناء أن تحصل شركة سونكر على حق إنشاء وإدارة وتشغيل رصيف بحرى إضافى.

وزارة النقل رفضت طلب أسامة الشريف بمنحه حق انشاء رصيف جديد، واقترحت أن تستغل ايجاس رصيف سونكر خلال مدة 24 شهراً التى يتم خلالها انشاء خزانات السولار والبوتاجاز، وخلال تلك الفترة تقوم هيئة موانئ البحر الأحمر أو شركة ايجاس بانشاء رصيف جديد تنقل اليه مركب التغييز الثانية.. وهو ما رفضه أسامة الشريف تماما.

القابضة للغازات اعدت دراسة عن قيامها بانشاء رصيف مملوك لها بتكلفة 65 مليون دولار بدلا من التزامها بدفع 40 مليون دولار سنويا لشركة أسامة الشريف مقابل استغلال جانبى الرصيف فى ميناء السخنة، وهو ما يعنى تحمل ايجاس بمبلغ 400 مليون دولار خلال 10 سنوات فقط.

صدر قرار رئاسى بانشاء الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، والتى يدخل فى نطاقها موقع ميناء السخنةـ وانتقل الملف إلى الهيئة الجديدة التى يرأسها الفريق مهاب مميش، واستطاع أسامة الشريف وشركته سونكر باقناع هيئة قناة السويس بأحقيتها فى انشاء الرصيف الجديد بمعزل تام عن شركة إيجاس الحكومية التى تم استبعادها من كافة المناقشات والاجتماعات.

شركة سونكر صاحب حظ كبير مع هيئة البترول، وحصلت على عقد من الهيئة تحتكر به 75% من واردات مصر من السولار والبوتاجاز، وهو العقد الذى تحججت به لعدم قدرتها على منح الجانب الثانى من الرصيف لإيجاس، وعند تفعيل هذا العقد تحصل وقتها سونكر على 100 مليون دولار سنويا من الهيئة العامة للبترول.. بالاضافة إلى ذلك تحصل شركة أسامة الشريف «سونكر» على 20 مليون دولار سنويا من الشركة القابضة للغازات «ايجاس» ايجار الجانب الغربى من الرصيف الاول نظير رسو وحدة التغييز الاولى وتسعى للحصول على 20 مليون دولار اخرى سنويا مقابل ايجار الجانب الشرقى من نفس الرصيف مقابل رسو وحدة التغييز الثانية، ليصبح الاجمالى 40 مليون دولار سنويا من ايجاس، و140 مليون دولار سنويا من ايجاس وهيئة البترول، أى ما يوازى ملياراً و 120 مليون جنيه سنويا.

لم يكتف أسامة الشريف بـ140 مليون دولار سنويا، يسعى الآن إلى اجبار الحكومة على منحه رصيف جديد باستثمارات 65 مليون دولار، وذلك باقتراحه تأسيس شركة مع الهيئة الاقتصادية لقناة السويس وشركة موانئ دبى، ويسعى أسامة الشريف إلى امتلاك 20 من الشركة المقترحة والحصول على حق إدارة وتشغيل الرصيف الجديد مقابل تأجيره للدولة بمبالغ خرافية.

الحسبة ببساطة شديدة.. تكلفة انشاء الرصيف الجديد 65 مليون دولار، وايجاس تستأجر الرصيفين المملوكين لشركة أسامة الشريف بـ40 مليون دولار سنويا، وهو ما يعنى أن تكلفة انشاء الرصيف تساوى ايجار عام ونصف العام فقط.. بينما تصل اجمالى الايجارات التى تدفعها الدولة حاليا لأسامة الشريف 400 مليون دولار خلال 10 سنوات.. إذن النتيجة أن الدولة صاحبة حق منح امتياز إنشاء الرصيف ممثلة فى هيئة قناة السويس تمنح الرصيف المنتظر إنشاؤه لوسيط لكى يعاد تأجيره لشركة حكومية ممثلة فى القابضة للغازات «إيجاس».

فى حالة حصول أسامة الشريف على الرصيف الجديد يصبح الرجل محتكراً وحده واردات مصر من البوتاجاز والسولار والغاز الطبيعى.

2

سوق الطاقة والغاز الطبيعى فى مصر والشرق الاوسط قبل اكتشاف حقل «ظهر» تختلف ملامحها تماما عن مرحلة ما بعد الاكتشاف.. هذا التفسير أو تلك القراءة على مسئولية صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، حولنا مقال الصحيفة الأمريكية إلى جدول للمقارنة بين الداخل المصرى والداخل الإسرائيلى، ورصدنا التحولات التى فرضها الاكتشاف، وهى تحولات سياسية واقتصادية.

«حرب الغاز» بين مصر وإسرائيل على صفحات «نيويورك تايمز»

مصر


منحت شركة إينى الايطالية قبلة حياة وطاقة أمل تقدر قيمتها بـ 100 مليار دولار على أقل تقدير للاقتصاد المصرى، والمبلغ هو قيمة الغاز المدفون فى باطن البئر «ظهر» التى اكتشفته شركة إينى الإيطالية.

2

اكتشاف حقل الغاز «ظهر» كان مغامرة من شركة إينى الإيطالية، أنفقت الشركة 60 مليون دولار على منصة استكشافية.

ونجحت المقامرة، ولم تتوقف المكاسب على أرباح الشركة الإيطالية، لكنها غيرت فى موازين القوى فى عالم الطاقة، وقد يكون الاكتشاف الاكبر فى العالم خلال السنوات الاخيرة.

3

تحول المدير التنفيذى لشركة إينى إلى شخصية دبلوماسية، التقى الرئيس السيسى، وهو فى طريقه إلى إسرائيل، ويتحدث عن مستقبل التعاون بين البلدين وما يمكن أن يمثله الاكتشاف الجديد من تحول فى ملف العلاقات الاقتصادية التى قد تمتد ايضا إلى جزيرة قبرص.

4

نظام مبارك هو السبب الرئيسى فى أزمة الطاقة فى مصر، رغم أن دلتا النيل تحمل ودائع وافرة من النفط والغاز، والتى طالما جذبت شركات الطاقة الاجنبية، ووصفت الصحيفة مصر بأنها منتج كبير نسبيا للطاقة رغم انها ليست عضوا فى منظمة الاوبك، وتتساوى مع دول مثل ماليزيا والارجنتين فى انتاج البترول بـ 700 ألف برميل يوميا.

5

موقف مبارك من دعم الطاقة وإبقاء الاسعار منخفضة أسفر ذلك عن عيب غير مقصود، وتضاءلت حوافز السوق بالنسبة للشركات الاجنبية التى تستخرج النفط والغاز، وتراكمت ديون الحكومة للشريك الأجنبى، انتهت تلك الأسباب بمصر إلى استيراد النفط والغاز لتلبية احتياجاتها المحلية.

6

حكومة السيسى أصلحت بعض عيوب سقوط الطاقة فى مصر، رفعت الاسعار فى السوق المحلية، ودفعت بعض الديون المستحقة للشركات الاجنبية وهو ما حفز شركة اينى إلى استثمار 12 مليار دولار من اجل تطوير حقول النفط والغاز البحرى.

7

مع الاكتشافات الجديدة من الغاز الطبيعى قد تكون مصر قادرة على وقف حرق النفط «المازوت» لتوليد الكهرباء وبدء تصدير البترول.

وهو ما يؤدى إلى الحفاظ على موارد البلاد من النقد الاجنبى، وربما تحفز الاستثمار فى المصانع التى تعمل بالغاز ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ويمكن تصدير الغاز أيضا.


إسرائيل

1
يرى مارتن مورفى المحلل فى شركة استشارات الطاقة «وود ماكينزى» فى ادنبرة أن مصر شهدت تحولا ملحوظا فى الثروات ، وقال: يبدو أن مصر أعادت سياسة الطاقة إلى مسارها الصحيح».

لكن ثروة مصر الجديدة يمكن أن تأتى على حساب جارتها الاكثر ثراء.. حفر إينى الدفين قد يهدد طموحات إسرائيل للاستفادة من حقل الغاز البحرى العملاق الذى يحمل اسم «ليفياثان» أو «الطاغوت».

2

إسرائيل مكتفية بالفعل فى مجال الغاز بفضل الحقل الاصغر «تامار» الذى اكتشفته عام 2009، وتقوم شركة نوبل انرجى الأمريكية بتشغيل حقل تامار للحكومة الإسرائيلية، وقد اكتشفت الشركة الأمريكية حقل الطاغوت الاكبر فى المياه الإسرائيلية عام 2010 ، ولدى «الطاغوت الاكبر» احتياطيات تتجاوز الاحتياطيات الإسرائيلية مجتمعة.

3

بتشجيع من إدارة اوباما توصلت شركة نوبل انرجى إلى اتفاقيات مبدئية العام الماضى لتصدير الغاز إلى كل من مصر والاردن، وقد وافق نتنياهو على تلك الخطوة لكسب المال وتعزيز العلاقة مع الاعداء السابقين.

4

سيتم تحويل جزء كبير من الغاز الإسرائيلى المخصص للتصدير إلى غاز طبيعى مسال فى اثنين من المنشآت المصرية على البحر المتوسط، وهذه المنشآت توقفت عن العمل خلال سنوات ازمة الطاقة فى مصر، ويتوقع ديسكالتسى الذى تشارك شركته فى ملكية واحدة من تلك المنشآت، توقع أن تساهم تلك المنشآت فى تصدير الغاز الإسرائيلى أو الغاز من الحقول المصرية الجديدة أو من حقول قبرص لإعادة تصدير الغاز إلى أوروبا.

5

توقف تطوير حقل «الطاغوت» بعد تدخل مفوضية منع الاحتكار الإسرائيلية التى اعترضت على احتكار الشركة الأمريكية لأسواق الغاز فى إسرائيل، ومع اكتشاف الغاز المصرى يخشى الإسرائيليون من أن مصر لم تعد فى حاجة إلى الغاز الإسرائيلى..

6

يسعى نتنياهو إلى تمهيد الطريق سياسيا أمام الشركة الأمريكية نوبل وحلفائها الإسرائيليين لتطوير حقل الطاغوت مقابل تنازلات من شركات الغاز، ولم ينجح نتنياهو حتى الآن بسبب تعنت وزير الاقتصاد الإسرائيلى الذى قال إنه يفضل الاستقالة من منصبه على أن يكون أول وزير اقتصاد يعارض مفوضية مكافحة الاحتكار.

7

هدد المسئولون فى شركة نوبل الأمريكية «بعد نفاد صبرهم» باللجوء للتحكيم الدولى ضد الحكومة الإسرائيلية.