خبراء: روسيا لن تقطع علاقاتها بتركيا

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



حمل رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان، على هامش قمة المناخ بالأمس العديد من المفاجأت، خاصة بعد أن عقد "بوتين" مؤتمرًا صحفيًا في باريس، مساء أمس الأثنين، شن خلاله هجومًا مباشرًا على تركيا، واتهم أنقرة بدعم وتمويل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.

وتتجدد التساؤلات حول احتمالات قطع العلاقات بين البلدين، إلى جانب البدائل التي يمكن أن تلجأ إليها كل دولة للإستغناء عن الأخرى، وإلى أي مدى يمكن أن تستفيد مصر من قطع العلاقات بين موسكو وأنقرة، على خلفية التقارب المصري الروسي، حيث رفض بوتين لقاء إردوغان خلال قمة المناخ، بينما التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
وقال السفير نبيل العرابي، سفير مصر الأسبق لدى روسيا إن العلاقات بين موسكو وأنقرة من الصعب قطعها لعدة أسباب في مقدمتها العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، والتي تشبه الحصار الاقتصادي، ومن ثم تصدر روسيا أكثر من نصف الغاز لديها إلى تركيا، بينما  تعتمد تركيا على روسيا في حوالى 15 في المئة من الواردات النفطية أيضاً.

وأضاف "العرابي" أن روسيا لديها مشروعًا طموحًا لمد أنبوب غاز طبيعي من حقولها إلى دول أوروبا، يمر عبر الأراضي التركية، وهو ما يحتاج إليه اقتصاد كلتا الدولتين، مشيرًا أن كلا من روسيا وتركيا تواجهان صعوبات اقتصادية تجعل كلا منهما في حاجة إلى الآخرى، خاصة وأنه لا توجد دول كثيرة لديها علاقات قوية مع روسيا مثل تركيا.

وعن البدائل التي يمكن أن تلجأ إليها موسكو بهدف معاقبة أنقرة بشكل مؤقت، قال سفير مصر لدى موسكو سابقا إن هناك دول كثيرة في مقدمتها ايران وإسرائيل والمغرب، مشددًا على أهمية أن تسعى القاهرة إلى أن تحل محل تركيا خاصة فيما يتعلق بتصدير الحاصلات الزراعية التي كان الرئيس السيسي قد وقع اتفاقيات بشأنها مع الجانب الروسي، إبان زياراته السابقة لموسكو، وآن الأوان لتفعليها الآن، إلى جانب الدفع في إتجاه رفع حظر الرحلات السياحية الروسية إلى شرم الشيخ، بعد أن ألغت موسكو قرار منع الطائرات المصرية من دخول مطاراتها، والوقت مناسب لذلك حاليًا ونحن نستعد لإجازات رأس السنة الجديدة "الكريسماس" وعيد الميلاد.
 
ومن جانبها قالت الدكتورة هالة مصطفى خبيرة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن روسيا لا تضغط على تركيا، وإنما تسعى للضغط على حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، لأن لعبة السياسة الدولية حاليا لاتتحمل أكثر من حليف استراتيجي واحد لكل دولة، ومن ثم فتركيا هي الحليف الاستراتيجي لأمريكا، وعلاقاتها مع موسكو تسير وفقا لما تسمح به واشنطن.

وأشارت "مصطفى" إلى أن بوتين يضغط على أمريكا والناتو للحصول على عدة مكاسب منها ما يتعلق بحرية تحليق طائراته في سماء سوريا، وتأمين القواعد الروسية هناك، على خلفية افتتاح قاعدة جديدة، إلى جانب ملف أوكرانيا حيث مازالت موسكو تواجه مضايقات من حلف الناتو بسبب ضم جزيرة القرم، أما النقطة الثالثة فتتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، والتى يناور "بوتين" بهدف التحرر من قيودها.

أما عن مصر قالت خبيرة العلاقات الدولية، إن القاهرة بالفعل تستفيد من علاقاتها بموسكو بشكل جيد فيما يتعلق بالتسليح وبناء المحطة النووية، أما تفعيل الاتفاقيات الاقصادية والتبادل التجاري فيحتاج إلى متابعة أكثر من الجانب المصري، والقائمين على دعم وتنمية الصادرات والاستثمارات.
 
وفي سياق متصل قال الدكتور عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عين شمس ومستشار البنك الدولي سابقا إنه توجد اتفاقية لبناء روسيا أول محطة نووية في تركيا، ومن ثم لاتستطيع كلا منهما أن تقطع علاقاتها مع الأخرى، لافتا إلى أن إردوغان يحتفظ بعلاقات سياسية واقتصادية قوية مع دولة مثل إيران، رغم علاقاته مع السعودية والخليج والولايات المتحدة.

وأكد الخبير الاقتصادى الدولي، أن حجم التبادل بين روسيا وتركيا يبلغ  35 مليار دولار، مشددًا على أن روسيا لن تستطيع أن تتخلى عن هذا الرقم في ظل الأزمات التي تواجهها، كما أن حجم الاستثمارات المشتركة بين الدولتين، والتي تصل إلى 755 مليون دولار، سيدفع كلا من أنقرة وموسكو إلى البحث عن أرضية مشتركة للحوار.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن اللقاء بين الرئيسين إذا لم يتم خلال قمة المناخ فى باريس، فمن الوارد أن يحدث بشكل مباشر في ظروف أخرى لاحقة، متوقعًا أن تلعب واشنطن دور الوسيط بين الدولتين ليحتفظ البيت الأبيض لنفسه بدور الشريك القائد، ومن ثم كان الرئيس الأمريكي "أوباما" قد طالب الطرفين بعدم التصعيد، وحرص بوتين على أن يؤكد فى كلماته على حرص بلاده على التوافق مع الشريك الأمريكى على تنسيق الطلعات الجوية في سماء سوريا.

وتابع "صالح" إن بوتين يضغط حاليًا ليحصل على المزيد من الضمانات لمنع الاشتباكات الجوية في سوريا، بما يحقق لطائراته حرية التحليق، ويجهض حلم إردوغان بإقامة منطقة آمنة على حدود بلاده مع سوريا.